تسارعت الاحداث الدامية بين مرتزقة العدوان السعودي – الاماراتي في اليمن وتصدرت احداث الصراع والاقتتال العنيف فيما بينهم جميع وسائل الاعلام، فبعد حوادث عدن وابين انتقل القتال الى محافظة شبوة النفطية التي تمثل مركزا مهما للاطماع السعودية والاماراتية.
وتشهد مدينة عتق مركز محافظة شبوة الواقعة وسط جنوب اليمن قتالا عنيفا بين قوات ما تسمى بالنخبة الشبوانية التي تدعمها وتمولها وتدربها ابو ظبي منذ عام 2016م وقوات حزب التجمع اليمني للاصلاح الذي يعتبر جناح الاخوان المسلمين في اليمن وتدعمه وتموله السعودية وقطر وينتمي الى ما يسمى بشرعية عبدربه منصور هادي. القتال الذي اندلع بعد اختلافات لسنوات وعمليات شد وجذب بين الجانبيين ادى الى مقتل العشرات من الطرفين وإلحاق اضرار كبيرة بممتلكات المواطنيين ويعود الصراع بين هذه الاطراف الى اكثر من ثلاث سنوات حيث استطاعت الامارات منذ البداية السيطرة على جميع حقول ومناطق النفط والغاز والسواحل في هذه المحافظة.
وتعد شبوة من اهم محافظات اليمن نظرا لاحتياطيات النفط والغاز فيها لذلك شكلت هذه الثروات الهائلة نقطة صراع بين السعودية والامارات منذ البداية وسعت الرياض هي الاخرى الى تاسيس قوات موالية لها في شمال شبوة اغلبها من الشخصيات والقبائل الاخوانية التي تتلقى الدعم من قطر لكنها توالي السعودية وتحارب تحت رايتها وتستخدم الرياض هذه القوات الاخوانية للقتال في الاطار الطائفي من اجل تحقيق مكاسب عسكرية في اليمن وتدعي هذه القوات التي تعمل تحت اطار مايسمى بالشرعية انها تمثل الجيش “الوطني” لليمن على غرار ما يسمى بالجيش الحر في سورية واطلقت قطر والسعودية عليهم هذا الاسم في عام ٢٠١٥م غير ان اغلب اليمنيين يعرفون بأن هذه القوات قوات اخوانية تتبع الجيش السعودي.
وتتقاتل هذا القوات اليوم للسيطرة على مدينة عتق مركز المحافظة حيث تسعى قوات النخبة الشبوانية التي تنتمي سياسيا الى مشروع ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على عتق باعتبارها منطقة جنوبية في اطار المساعي الانفصالية لتقسيم اليمن الى دولتين بينما يدافع الاخوان والسعوديون على وجودهم الاستراتيجي واستعادة مناطق النفط في هذه المحافظة وتعتقد الرياض انها بعد ان خسرت الحرب في اليمن بشكل كامل خسرت ايضا الجنوب لصالح الامارات لذلك مدت القوات الاخوانية باسلحة وعتاد عسكري كبير ودعم لوجستي من اجل الاحتفاظ ولو مؤقتاً على عتق خوفا من تمدد المشروع الامارتي الى محافظة حضرموت والمهرة المحاذيتين للسعودية. كما انها تحتاج الى محافظة شبوة نظرا لوضعها الاقتصادي، ويعتبر الاخوان او حزب الاصلاح الذي تم طردهم من قبل الامارات من اغلب مناطق الجنوب وباتوا ايضا محاصرين من قبل القوات التابعة للامارات في معقلهم بمدينة تعز ان تمدد القوات الجنوبية الانفصالية الى شبوة يشكل تهديدا عسكريا كبيرا على وجودهم ومستقبلهم السياسي خاصة وان وصول القوات الانفصالية المعادية للاصلاح الى مشرف محافظة مارب عاصمة دولة الاخوان يعد ضربة قاصمة للاخوان باعتبار التقدم العسكري هذا سوف يحاصر مأرب في المستقبل ويقضي على مستقبل الاصلاح السياسي، لذلك فان معركة شبوة تعد من اهم المعارك بالنسبة للاطراف المذكورة وقد ذكرت انباء ومصادر ميدانية ان الجميع يحشدون قوات كبيرة الى شبوة في معركة قد تطول فصولها وتنتقل الى محافظة حضرموت المجاورة وعدد من المحافظات الاخرى لاسيما مدينة تعز التي ستسعى القوات الموالية للامارات فيها للضغط عليها باعتبارها معقل الاخوان بعد مأرب واصبح الاماراتيون يحاصرونها بعد سقوط ابين وعدن والسيطرة على الساحل الغربي.
ويذهب العديد من المحللين الى ان الاقتتال الحاصل اليوم بين القوات الموالية للسعودية من جهة والامارات من جهة اخرى ياتي كنتيجة متوقعة للهزيمة المدوية لهذا التحالف الفضفاض غير المتجانس منذ البداية في حربة على اليمن وقد ادى طول الحرب الى نتائج عكسية على التحالف نتج عنها صراع بين الامارات والسعودية من جهة وصراع بين المرتزقة على الارض من جهة اخرى. فبعد فشل الحرب التي كلفت الدولتين خسائر اقتصادية ومادية ومعنوية وعسكرية كبيرة رجحت على ما يبدو هذا الدول ان تتقاسم فيما بينها المناطق التي سيطرت عليها في الجنوب لذلك اختارت الامارات عدن وبعض المناطق مثل ابين ولحج والساحل الغربي بينما تسعى السعودية للاستحواذ على المهرة ومارب وحضرموت وتشكل شبوة مركز صراع بين الدولتين نظرا لموقعها الاستراتيجي والاقتصادي لذلك عملت كل دولة على دعم طرف معين من المجموعات التي تواليها لمد نفوذها والسيطرة على هذه المحافظة.
ويذهب العديد من اليمنيين الى ان الصراع الحاصل اليوم بين السعودية والامارات مجرد مسرحية فيما ابوظبي والرياض متفقتان حول التقاسم وقد اعدوا عملية التقاسم الحاصلة ويعتبرون ان القتال اليوم بين هذه المجموعات ما هو الا عمليات ترويض مصطنعة من قبل ابوظبي والرياض تؤججها بين المجموعات اليمنية التي تتبع هذه الدول لكي ترضى كل جماعة وفصيل بما تحت ايديهم من مساحات واراضٍ ومن ناحية اخرى لا تريد السعودية والامارات ان تظهر بشكل علني في الاعلام انها سبب تقسيم اليمن لذلك اصطنعوا هذا القتال لكي يظهر في الاعلام ان عمليات التقسيم الحاصلة هي نتيجة للاقتتال بين اليمنيين انفسهم وليس للسعودية والامارات اي يد في الموضوع.
وعلى اي حال فان الاقتتال الحاصل في الجنوب اليوم يمثل انهياراً كبيراً لتحالف العدوان وانكساراً لسياساته التوسعية وتلاشي المبررات الاعلامية التي كان يروج لها تحت اسم استعادة ما يسمى بالشرعية حيث اصبح القتال اليوم فيما بين قوى ما يسمى بالشرعية نفسها واصبح رئيسها محنطاً في غرفة بفندق في الرياض لا يستطيع حتى ان يصدر بياناً اوخطاباً بل ان قصره الذي بناه له السعوديون في عدن تم نهبه واقتلاع حتى الاحجار من اسواره وغرفه من قبل المؤيدين والمناصرين لهادي نفسه وهذا يعني نهاية حقبة من حقبات التحالف السعودي الاماراتي ودخول التحالف واليمن مرحلة جديدة من الصراع ولكن هذه المرة يمثل تحالف العدوان الحلقة الاضعف بعد فشل جميع رهاناته في اسقاط اليمن بشكل كامل.
ومهما كانت الاحداث والنتائج الحاصلة في جنوب اليمن اليوم حول موضوع التقسيم ونجاح هذه الدول في تنفيذ مخططاتها التفتيتية غير ان هذه السياسة قد لا تنجج ويكون لها انعكاسات سلبية اخرى على الرياض وابوظبي خاصة مع تضاعف قوة الجيش واللجان الشعبية وما يقومون به من استهداف للعمق السعودي والامارتي كما ان القوى ايضا التي تتبع الامارات والسعودية في الجنوب اصبحت في حالة تذمر خاصة مع طول الحرب وقلة المصالح المادية التي تحصل عليها من قبل هذا الدول كما ان تغذية الصراع بين قوى المرتزقة حتى لو كان ترويضيا سوف يمتد لسنوات وهذا يشكل استنزافاً مادياً كبيراً لهذه الدول ما سيؤدي في نهاية المطاف الى انعكاسات سلبية على ابو ظبي والرياض.