إلى أين تتجه السعودية بعد محاولاتها الالتفاف على الهدنة الأممية ؟!
لم تعد تدرك قوى التحالف السعودي الإماراتي، أي اتجاه تسلكه على الساحة اليمنية التي باتت تضيق بها ذرعا، في ظل نفاد كل خياراتها وأوراقها العسكرية والسياسية، بعد أكثر من سبع سنوات من الفشل المتواصل في تحقيق أي نصر حقيقي يذكر خلال حربها على اليمن.
الحديث هنا ليس فقط على قيام التحالف بدفع خليط التناقضات من فصائله المتناحرة والغير متجانسة في تركيباتها الهشة، ضمن مجلس رئاسي لا يملك قاعدة ثابته على الأرض، وإنما على جملة الاضطرابات التي تشهدها غرف عمليات التحالف، وسياساتها المتخبطة المختلفة، وعلى رأسها خروقاتها للهدنة الإنسانية والعسكرية.
من الواضح أن مهمة المجلس الرئاسي الجديد انتهت منذ اللحظة الأولى لإعلانه، فلم يكن الغرض من تأسيس التحالف لهذا المجلس، سوى إنهاء مرحلة ” الشرعية”، ثم جمع أدواته المختلفة، داخل بوتقة واحدة، لتسهيل إزاحتها من المشهد دفعة واحدة، في محاولة صريحة للتخلص من أسباب الفشل، التي يرى التحالف أنها أصبحت عائقا كبيرا أمام محاولات فراره من البلاد، ناهيك عن تراكم الأعباء الإنسانية والسخط الدولي على هذا التحالف المهزوم.
على أية حال، فإن إصرار قوى التحالف وفصائلها خرق الهدنة الأممية المعلنة، للأسبوع الرابع على التوالي، وعدم التزامها ببنود الهدنة، في ظل استمرار قرصنتها للسفن النفطية، ورفضها فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية، التي شملتها بنود الهدنة؛ بكل تأكيد يعكس النوايا الخبيثة لقوى التحالف، الغير جادة في تحقيق السلام ؛ لكن الأمر في الوقت ذاته، يعكس غبائها وعجزها عن الخروج من المستنقع اليمني.
بمعنى آخر، فإن استمرار السعودية، بارتكاب الحماقات ونقضها لكل الاتفاقيات، وتقويضها جهود السلام؛ قد يقود بتداعيات بالغة في عمقها الاستراتيجي الحيوي والهش، بشكل أقوى هذه المرة، في ظل محاولاتها خرق الهدنة الأممية المعلنة، التي تعد آخر فرصة لخروجها، فما الذي ممكن أن تضمنه السعودية إذا ما تم إفشال الهدنة رسميا، بالنسبة لأمن مصالحها الاقتصادية ؟!.
الدفاعات الأمريكية والغربية نفسها طوال السبع السنوات الماضية، وحتى الأيام الأخيرة التي سبقت إعلان الهدنة، لم تضمن سلامة عملاق النفط السعودي “أرامكو”، الركيزة الاقتصادية الوحيدة للتحالف والقوى الغربية المساندة له، فكيف سيكون وضعها اليوم بعد إعلان صنعاء، مؤخرا، امتلاكها أسلحة نوعية بمختلف المجالات بينها، الدفاعية والبحرية.
إلى ذلك، فإن التزام صنعاء بالهدنة الأممية رغم تصاعد خروقات السعودية ونقضها لبنود الهدنة الأممية، يؤكد أن ردة فعلها في حال إنقضاء الهدنة على هذا النحو، ستكون قاصمة وموجعة للغاية، قد لا تجد قوى التحالف حينها فرصة جديدة للحفاظ على مصالحها، أو حتى الدخول في أي مفاوضات قادمة، وهو ما أثبتته التجارب العسكرية والسياسية السابقة، التي استطاعت من خلالها صنعاء، أن تكون اللاعب الرئيسي والأقوى في المشهد اليمني.
ولعل هذا ما أشار إليه؛ رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام، في بيان حمّل فيه دول التحالف المسؤولية الكاملة، جراء استمرارها بإفشال الهدنة الإنسانية والعسكرية خلال شهرها الأول، وما تبديه من تعنت وتنصل ومراوغة وعدم إلتزامها بتنفيذ بنود الهدنة وعلى رأسها فتح مطار صنعاء الدولي، وهو ما يؤكد أن إصرار دول التحالف على نسف جهود السلام هذه المرة؛ قد يقود إلى عواقب وخيمة عليها.
YNP _ حلمي الكمالي :