إشارات من نوع خاص بين تل أبيب والرياض!
محمد الفرج – صحيفة خبير الالكترونية
تكثر الشخصيات الإسرائيلية، من تصريحاتها المثمنة لمواقف المملكة العربية السعودية، والإشادات بالدور القيادي المتميز للمملكة لا تتوقف على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين، بل وترسل تل أبيب الإشارة تلو الأخرى عن استعدادها للذهاب “إلى أي مكان” للقاء القادة العرب المعتدلين.
أخر هذه الشخصيات كان وزير الخارجية الإسرائيلي “يائير لابيد” والذي قال ردا على سؤال حول احتمالية التطبيع مع السعودية، إنه لا يستبعد حدوث ذلك في المستقبل، وسيعمل مع فريقه على توسيع الانضمام لاتفاقات التطبيع بين جيران الإمارات.
يرى المراقبون للشأن الاقليمي ان مشروع التطبيع الذي تروج له السعودية خلف الستار والامارات والبحرين لن يؤثر على مبادئ الدول الاسلامية بشأن القضية الفلسطينية، وان التجارب تنبئ أن التواطئ الإقليمي ينشأ في البداية اعتمادا على خطوات صغيرة، كما جرى مع مصر والأردن، ثم يفشل مشروع التواطئ بعد كشف الأنظمة المخترقة من قبل اللوبي الصهيوني مخططات الهيمنة العالمية.
ثمة في إسرائيل من يعتقد بأن المبادرة العربية ليست في واقع الحال سوى مدخل للتفاوض، أو بالأحرى “عرض عربي أول” تتلوه عروض أخرى وتنازلات إضافية ، ولهذا ثمة كتلة واسعة من صناع الرأي والقرار في إسرائيل تتحدث عن فرصة للسلام لا يجب تفويتها ، بل وتحذر من خطورة اندلاع حرب جديدة إن لم تمد تل أبيب يدها لليد العربية الممدودة للسلام.
والحقيقة أن هذا التيار يتغذى بمواقف بعض العرب، التي نظرت للمبادرة “كعرض أول” ومدخل للتفاوض ، كما أن هذا التيار يتسع بفعل الإشارات العربية المتكررة عن “تفعيل المبادرة وشرحها وآليات تنفيذها” ، الأمر الذي يعني أن إسرائيل ستسعى إلى مقاربة “انتقائية” مع بنود المبادرة ، تأخذ منها ما يفيد أمنها القومي ، وتلقي بالبقية في سلة المهملات. وما يهم إسرائيل في المبادرة ، هو الخلاص من الديموغرافيا الفلسطينية ، بسد الأبواب والنوافذ في وجه “حق العودة أولا” ، وإتمام عمليات الانفصال عن السكان بعد قضم أوسع مساحة من الأرض في الضفة الغربية والقدس ، لتكون النتيجة دولة فلسطينية غير قابلة للحياة ، يتعين عليها البحث عن شرايين أخرى للتغذية من مصادر عربية أخرى ، ولهذا يبدو الغزل الإسرائيلي للسعودية أمرا مفيدا ومتطلبا ضروريا من وجهة النظر الإسرائيلية في هذه المرحلة على الأقل ، فإن جاءت النتيجة على مقاس المصالح الإسرائيلية كان الأمر جيدا ، وإن انتهينا إلى تبديد المزيد من الوقت ، فهذا أمر جيد أيضا ويخدم خطط التجميع والانطواء التي لم تطو بعد.