{أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} كرامةٌ إلهيةٌ خاصةٌ بأسر الشهداء
{أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} كرامةٌ إلهيةٌ خاصةٌ بأسر الشهداء
وراء كل شهيد حكاية تقدم لنا مآثر من نور القرآن الكريم، من تعاليم القرآن الكريم، من أخلاق الإسلام العظيم، فهم جسدوا في واقع حياتهم – فيما قبل الشهادة في صبرهم وعملهم وبذلهم وعطائهم، وما كانوا عليه من أخلاق عظيمة وراقية – جسدوا أخلاق الإسلام وتعاليم القرآن الكريم.
نتحدث عن حياتهم، الشهداء رحلوا عنا ولكن إلى أين؟ سافروا إلى مقامهم العظيم، إلى ضيافة الله، لقد استضافهم الله، ضيوفاً عند الكريم العظيم، عند أكرم الأكرمين، استضافهم وجعلهم أحياء، وكتب لهم الخلود، {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ }(آل عمران: الآية 169) إنهم في ضيافته يكرمهم، يمن عليهم من عظيم فضله وواسع رحمته ما يليق بمقامهم فمقامهم عظيم، ما يليق بمكانتهم فمكانتهم عند الله عظيمة، ما يليق بشرفهم فشرفهم كبير، عطاؤهم بهذه الحياة وبذلهم لهذه الحياة، منحهم الله الكريم العظيم بدلاً منه الخلود والحياة الدائمة {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} فهنيئاً لهم، هنيئاً لهم هذه الضيافة عند الله، هنيئاً لهم ذلك المقام وذلك المستقر، ولتطب لهم تلك الحياة الهنيئة، هو الشرف الكبير الذي ترنوا إليه نفس كل مؤمن، ويتمناه ويشتاق له ويتلهف له كل ولي لله.
فرحين لا هَم ولا حَزن وليسوا نادمين على ما قدموا ولا آسفين على ما خلَّفوا وتركوا، ولا ما عنه رحلوا، كلا, فهم في حالة فرح واستبشار وسرور مرتاحين، مرتاحين {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} ما آتاهم من فضله العظيم وبره وكرمه وجوده وإنعامه الشيء العظيم العظيم العظيم الذي سمته التكريم، التكريم فهم مكرمون {قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} من المكرمين.
فهم أحياء وهم فرحين بما آتاهم الله من فضله، ما بقي لهم من ذكريات فيما وراءهم، فيما تركوا وفيما عنه رحلوا هو أنهم يتذكرون رفقاءهم، رفقاءهم السائرون في دربهم من المؤمنين المجاهدين في سبيل الله، فهم في انتظار لمن تبقى متى يأتي ومتى يصل، متى يسافر إليهم ويصل إليهم لينال ذلك الشرف العظيم وتلك الضيافة الإلهية والكرامة الكبيرة التي أعدها الله سبحانه وتعالى.
{وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} لأنه الفوز العظيم، لأنها التجارة الرابحة، لأنه النعيم الدائم، النعيم والكرامة التي لا تساويها كرامة، في ضيافة الله سبحانه وتعالى، يتذكرون من خلفهم من المؤمنين السائرين في دربهم الحاملين للراية، والحاملين للقضية، والقائمين بالمسؤولية، ينتظرونهم وهم يفرحون لهم، يستبشرون لهم بأنهم سيصيرون إلى ما قد وصلوا هم إليه. هذا هو الشرف الكبير وهذا حالهم وهذا مقامهم.
ونستذكر أيضاً في ذكرى الشهيد الفضل العظيم لأسر الشهداء لمن يحتسبون شهداءهم عند الله سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(سورة البقرة) فكل أسرة شهيد قدمت في سبيل الله من أبنائها واحتسبتهم عند الله سبحانه وتعالى لها عند الله هذا الشرف، لها عند الله هذا الفضل، لها عند الله هذه الكرامة {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} لهم هذه المنزلة الرفيعة والعالية والفضل الكبير عند الله، ولهم هذا العطاء الإلهي الذي وعدهم الله به، ولن يخلف الله وعده.
إننا أيها الإخوة الأعزاء في هذه المسيرة المباركة عندما نتأمل الواقع والظروف التي يعيشها بلدنا وتعيشها أمتنا نرى أهمية وقيمة ثقافة الشهادة وضرورتها في واقعنا العملي، نحن في مرحلة مهمة وحساسة وخطيرة جداً، مرحلة يعيش فيها البلد ظروفاً خطيرة جداً، الأمريكيون يركزون على البلد بالذات اليمن تركيزاً أكبر من أي منطقة أخرى كما يقولون هم، وهم حريصون على أن يحكموا سيطرتهم على البلد، قطعوا شوطاً كبيراً في السيطرة على أشياء مهمة في مقدمتها القرار السياسي في البلد.