أيقونة وجود …
محمود الأسعد
لحيةٌ، ونظّارةٌ، وخاتم، وعمامة، وعباءة … صوت، وإصبع، وابتسامة، وإطلالة ..
هكذا عرفناك، وهكذا نستحضر صورتك على جدران الذاكرة، نطلبها عند كل مصاب وملمة، ونرسمها على حدود الإمكان والمعجزة، ونصوّرها في كل مرة يطغى علينا الشوق والحنين..
خلف تلك الصورة وأمامها نسرد الرواية، يسيل المداد، وتعجز العبارة، تسجد الحروف وترتد على آثارك قصصًا .. تبصر بك عن جنب، وليس لها أن تطيق نور المواجهة، أو إفراط المقابلة..
تقرع حدود الجغرافيا، وتعتصر خلاصة التاريخ.. أيّ مَلَكٍ هذا الذي أُنزِل من السماء، ثم رفعه الله إليه ..
هذا سليل آدم، هذا وريث شيث، هذا سفينة نوح، هذا ذبيح ابراهيم، هذا قميص يوسف، هذا عصا موسى، هذا منطق سليمان، هذا صبر أيوب، هذا محراب زكريا .. هذا سليل الطهر، هذا تناهي الشرف، هذا ابن البتول، هذا بشائر عيسى، هذا حفيد محمد، هذا نشيد علي … هذا نصر الله ..
خلف لحيته مسحة الإيمان، وخلف نظارته نور البصيرة، وفي خاتمه ختم الشفاعة .. عمامته رأس الحكمة، وتحت جبته عرش الأخلاق .. صوته هدير المظلومين، وإصبعه شهادة الحق الحقيق، ومبسمه ملجأ المكلومين، وطلته بدر الدياجي ..
سبحان من عرج به ليلًا من ضاحية الإباء التي شرّفها بمسكنه، إلى حظيرة قدسه بجوار جده علويًا فاطميًا حسينيًا .. فنعم النازل ونعم المنزول .. ونعم الشرف، ونعم المشرّف به .. ونعم الحياة ونعم الممات .. سلام لك وإليك وبك وعليك … سلام سيدي وشفيعي ..