أهمية الولاية في زمن التية والغواية
بقلم: بلقيس علي السلطان
التولي هو الميل ثم الاتباع بقوة، فيكون التابع منقاد لتابعه دون هدى ورشاد، أو متولياً له بإخلاص وصدق من واقع ديني يعكس القيم والاخلاق والمبادئ الدينية التي تتوفر فيمن يتولونه، وقد روى لنا القرآن الكريم الكثير من الأحداث التي تسرد قصص التابعين لأتباعهم بغير وعي وبصيرة، والعكس من ذلك من تولوا الصادقين والمخلصين من أنبياء الله، فهناك من ترك التولي لنوح عليه السلام واتبعوا أهواءهم والمضلين من الناس {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَـمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} فما نجا منهم سوى من تولى نوح عليه السلام التولي الصادق والمخلص .
وهناك من ترك التولي لإبراهيم عليه السلام وتولوا النمرود بالرغم من طغيانه واستكباره وكان الأحسن هم من تولوا إبراهيم عليه السلام: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَـمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وكذلك قوم عاد تركوا تولي هود واتبعوا الجبابرة والعصاة: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} حتى وصلنا إلى آخر الأنبياء والمرسلين فمنهم من تولى رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله التولي الصادق وبذلوا مالهم وأرواحهم في سبيل نصرته وإعلاء كلمة الحق، ومنهم من تبع أبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ }.
لكن أمر الولاية لم ينته بوفاة آخر الأنبياء فالرسالة مازالت تحتاج إلى إكمال البلاغ بها والإنذار للناس فكان لا بد من إعلان التولي لمن له الجدارة في مواصلة درب الرسل فجاء الأمر من الله لرسوله بذلك: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} فكان الإمام علي عليه السلام هو الأجدر والأكفء لأنه كان المخلص والشجاع والمجاهد الجسور والتلميذ النجيب لرسول الله صلوات الله عليه وآله حتى استحق أن يكون باب مدينة علمه، وكان الحريص على الأمة الذي لا يريد جزاءً ولا شكورا .