أمير شعراء اليمن الشاعر المظلوم
أمير شعراء اليمن الشاعر المظلوم
لم يظلم شاعر كما ظُلم, ولم يتعرض شاعر للنقد في انتمائه المذهبي والعقدي كما تعرض, حاولوا إبعاد الناس عن شعره لكنه انتشر, قال عنه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي في محاضرته بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام : (لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث, وتسلسل تبعاتها, يقول في كلمة صريحة في بيت صريح:
وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه)
الحسن بن علي بن جابر بن صلاح بن أحمد بن صلاح بن أحمد بن ناجي بن أحمد بن عمر بن حنظل بن المطهر بن علي اليمني الصنعاني المعروف بـ (الهبل). ولد في صنعاء من أسرة علمية لها تاريخ عريق مع العلم والأدب والقضاء، فورث عنها هذه الصفات، كما ورث عنها حب أهل البيت (عليهم السلام) فنذر نفسه لمدحهم ورثائهم وإظهار مظلوميتهم
لقب بـ (الهبل) نسبة إلى قرية (بني هبل) التي ولد فيها وهي في صنعاء باليمن، لقب بـ (أمير شعراء اليمن)، له ديوان كبير رغم أنه لم يكمل العقد الثالث من عمره ويكاد يكون شعره كله في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) ومن أشهر شعره بيتيه الذين بلغا شهرة واسعة وحفظتهما القلوب ونقشا في ذاكرة الأجيال:
لي خمسةٌ أطفئ بهمْ *** نارَ الجحيمِ الحاطمة
المصطفی والمرتضی *** وابنيهما وفــاطمة
ورغم أن يد العصبية قد أسقطتهما من ديوانه مع كثير من شعره في أهل البيت إلا أنهما بقيا وخلدا قائلهما فنقشا في الحضرة العلوية المقدسة.
قال عنه الشوكاني: (الشاعر المفلق الفائق المكثر المجيد، شعره يكاد يسيل رقّة ولطافة وجودة سبك وحسن معاني وغالبة الجودة وله ديوان شعر موجود بأيدي الناس…)
جمع ديوانه القاضي الشاعر أحمد ناصر عبد الحق المخلافي، وتوفي الشاعر شاباً في صنعاء وعمره واحد ثلاثون عاماً من وقد رثاه والده، وهذا ليس تقليلا من شأن الشاعر الذي كان مؤهّلاً لهذا المنصب تماماً لعلمه وأدبه فقد اشتغل بالعلوم والأدب، حتى لقب بـأمير شعراء اليمن .
قال عنه الشامي (محقق ديوانه): (إنه أشعر شعراء اليمن، وهو زيدي المذهب، خولاني الأصل، صنعاوي المنشأ، أخذ في العلوم على علماء عصره في ظل دولة آل القاسم، آمن بالثورة والخروج على الظلمة والمنحرفين، وألزم نفسه محاربة الفساد ونقد المنحرفين والفاسدين، وقصائده في آل البيت ومودتهم من روائع ما قيل. شنع عليه كل من يكن العداء والبغضاء للعترة النبوية).
ثم يقول: (يعتبر بعض الدارسين الهبل أروع شعراء القرن الحادي عشر الهجري ولو طال به العمر لكان له شأن عظيم). كما قيل عنه (إنه لم يوجد باليمن أشعر منه من أول الإسلام)
شعره
قوة شعره كمكانته بين الشعراء، فهو في الطراز الأول من الشعر ولا يحسب لمن يقرأ شعره أنه يقرأ لشاعر لم يبلغ العقد الثالث من عمره وطغت شاعريته على جميع شعراء عصره، وقد زاد من قوته أنه سخره لقضية عظيمة وهدف رسالي وهو قضية أهل البيت والدفاع عن حقوقهم المغتصبة. قال الشامي عن شعره: (قصائد ديوانه بلاغة وفصاحة وأسلوباً وسبكاً وتصويراً وتعبيراً كلها غُررُ)
قال في سيد الكونين محمد (صلى الله عليه وآله):
ماذا أقولُ مادحاً في مرسلٍ *** قد أفحمتْ أوصافُه مدًّاحَه
من كانَ جبريلٌ إذا ما جاءه *** يخفـضُ تعظيماً له جناحَه
من جاءَ والشركُ ظلامٌ دامسٌ * فحينَ وافى بـالهدى أزاحَه
فما حكى برقُ السماءِ عزمَه ** ولا حـكتْ أنواءَها سماحَه
أما في أمير المؤمنين فللشاعر قصائد كثيرة تكفي لكي تكون ديواناً وحدها وقد ضمّنها كثيراً من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في حقه (عليهم السلام) كما ضمّنها كثيراً من فضائله ومناقبه ومآثره، فهي تعبق بالولاء العلوي وتشرق بالبهاء الحيدري، يقول من إحدى قصائده:
هَل مِنّةٌ في حَمْل جسْمٍ حَلّ في *** أرضِ الْغَـريّ فؤادُه الخفّاق
أَسْمَعتُهُمْ ذكرَ الغَريِّ وقَد سَرت * بـعقولِهمْ خَمرُ السُّرَى فأَفَاقوا
حُبَّاً لِمَنْ يَسْقي الأَنامَ غداً ومَنْ *** تُشْفــى بتُرْبِ نعالِه الأَحداقُ
لِمَنِ اسْتَقـامَـتْ مِلّةُ البـاري بـهِ *** وعَلَتْ وقامَتْ للعُلى أسواقُ
ولمن إليهِ حديثُ كـلِّ فضيلةٍ *** من بَعْدِ خـيرِ المرسلين يُساقُ
لمحطِّم الرّدْنِ الرّماح وقد غَدا ** لِلنّقعِ مِـن فوق الرّماح رواقُ
لِفتىً تَحِـيّـتُـهُ لِعْظـمِ جَلاَلِـهِ *** مِنْ زَائـريه الصِّمتُ والإِطراقُ
صِهرُ النبيّ وصنِوهُ يا حَبَّذا *** صِنوان قَدْ وَشَـجَتْهما الأَعْراق
وأَبو الأُولى فَاقُوا وراقُوا والأُلَى *** بمـديـحهِـمْ تتزيّنُ الأوراقُ
انْظرْ إلـى غـايـاتِ كـلِّ سـيـادةٍ *** أَسـواهُ كـانَ جوادُها السبّاقُ
ومنها في يوم الغدير:
ولاَه أحـمـدُ في الغـديـرِ ولايـةً *** أَضـحتْ مطوَّقةً بها الأعناقُ
حتّى إذا أَجْرَى إليها طِرفَهُ *** حادُوهُ عَنْ سنَنِ الطَّريقِ وعاقوا
ما كانَ أسـرعَ مـا تَـنـاسـوا عَهْدَه *** ظُلماً وحُلَّتْ تِلكُمُ الأطواقُ
شَهِدوا بها يَـومَ الـغَـديـرِ لـحيدَرٍ *** إذْ عمَّ من أنوارِها الإشراق
ومنها:
وأصابَ بنتي من دفائِن غدرِكم *** وجـفـاءِكم دهياءُ لَيسَ تُطاقُ
وسَـنَنْتمُ مـن ظُـلم أَهْـلي ســنّـةً *** بـكـمُ اقْتَدى فـي فِعْلها الفُسَّاق
وبسَعْيكمُ رُمـي الـحُسَينُ وأهلُه *** بـكـتـائـبٍ غَـصّتْ بها الآفاقُ
وقال:
إنْ قيل مَنْ خَيْرُ الورَى *** بعدَ النَّبيّ المُرْسَلِ
ومنِ المواسي والمـؤاخِـي والـمُـوالـي والـوليْ
ومَنِ الّـذي فـي الـرّوْع عَـنْ أعـدائـهِ لَـمْ يـنْـكلِ
إن قيلَ مَنْ ذا حازَ هَـذِي الـمـكرماتِ فَقُلْ علي
خَيــرُ الـبـريّـة والإمـامُ الـبـرّ بـالـنـصّ الـجـلي
قَدْ نَصَّـهـا فـيـــه رسـولُ الله عـن أَمـرِ الـعَـلـي
يـومَ الغديرِ بـمحفلٍ *** أعظـمْ بـهِ مـن مَـحْفِلِ
فثَنَتْهُ عَنْـهـا عُـصْـبَـةٌ *** جـاءَتْ بأَمْرٍ مُعْضلِ
وقال:
إمـــامُـنــا حــيــدرةٌ أفــضَـلُ الأمـةِ أُخْـراهـا وأُوْلاَهَـا
أحقُّها من بَعدِ خير الورى بالسَّبق في الفَضْل وأَوْلاَها
وآله أكــرمْ بـهـمْ عِـترةً *** شـرَفَـهــا الله وأعـــــلاها
يا لائِـمي لا تَلْحُ في زُمرةٍ *** مـن الهدى أن أتولاّها
مَحَبَّةُ الآلِ حَـيـاتـي فَما *** أَلَـذَّهـا عـنـدي وأَحْـلاهـا
فضــلٌ مِـن الله حَـبَـانـي بِـهِ *** فَـلا تَـلُـمْـنِي ولُمِ اللهَ
وقال:
حَدِّثاني عن عليّ حَدثاني *** ودَعَـانـي عَـنْ فلانٍ وفلانِ
وانظرا هَلْ تَرَيا مَا عِشْتما غيرَه لِلْمصْطَفى المختارِ ثاني
كيفَ أُخفي حبِّهُ وهو الّذي ** قـرنَ الباري تعالَى بالقُرانِ
إنّ دِيني واعْتقـادي حُبُّه *** ونَجَاتي يـومَ حَشْري وأماني
أيّها السَّائِلُ عَـنّـي جاهِلاً *** أنا مَنْ قد عَـلِمَ الناسُ مكاني
قَسَماً لو لم يكنْ لي مَفْخَرٌ *** غـيـر حُـبّــي لِـعَـليٍّ لَكَفاني
مَعَ أنّي في أَعَالي ذروةٍ *** كلَّ عَن غاياتها مَرْمَى العِيان
أَنَا مَنْ أخوالُه مِنْ هاشِمِ *** ضُـمَّر الْحَلْبَةِ في يوم الرِّهانِ
أنجبتْهُ سـادةً مِـنْ حـمـيـرٍ *** يَنثَني عن فخْرِهم كلُّ مُداني
أهلَ بيتِ المصْطفى ودّي لكُم دونَ أهلِ الأرضِ من قاصٍ وداني
لاَمَني قومٌ على مَدْحي *** لـكم وبه أحوي فراديسَ الجِنان
إن يكنْ مدحُ عليٍّ مُنكِراً *** فَـمَـنِ الأَوْلـى بأبـكارِ المعاني
سوفَ أرعَى ما اسْتطالَ العُمر مِن حُبّهِ ما أَبوايَ استودعاني
سَأُوَالي مِدَحـتي فـيـه وفــي *** آله ما مَـلـك الـنّـطْقَ لِساني
وقال
أضحَى حديثُ غديرِ دَمعِكَ شهرةً يحكي حَديثَ غديرِ خُمٍّ في الورى
أكرمْ بهِ من مَـنـزلٍ فـي ظـلِّه *** نَـصَـبَ الـمـهـيمنُ للإمامةِ حَيْدَرا
نصَّ النبيُّ بـهـا إذاً عـن أمــــرِه *** في حَـيـدرٍ نــصَّاً جَـلـيّـاً نـيّــرا
إذْ قام في لَفْحِ الـهـجـيـرة رافـعـاً *** يـدَه لأمْـرٍ مــا أقــامَ وهَــجــرا
صِنوُ النبّي محــمـــدٍ ووصــيّــه *** وأبــو سَـلـيلـيْتهِ شَــبـير وشبَرا
مَن ذا ســواهُ مِــن الـبـريّة كـلّـهـا *** زكّـى بـخاتـمـه ومَدَّ الخنْصُرا
مَنْ غيرُه رُدّتْ لَه شمسُ الضّحَى ** وكفاهُ فضلاً فـي الأَنامِ ومَفخرا
مَنْ قَامَ في ذات الإلــه مـجَـاهــداً *** ولِـحَـصْدِ أعـداءِ الإلـه مُشمراً
مَنْ نـامَ فـوقَ فــراشِ طــه غيرُه *** مُـــزْمِّــلاً فـــي بــرْدِهِ مُــدَّثِّرا
مَنْ قطَّ في بَدْرٍ رؤوس حُـمـاتِـهـا *** حَتّى عــلا بـدرُ اليَقين وأسفرا
مَنْ قَـدَّ فـي أُحـدٍ ورودَ كُـمــاتِـها *** إذ قَـهْـقَـر الأسـدُ الكميّ وأدبرا
مَنْ في حُنَينِ كانَ ليثَ نِزالِها **والصَّيدُ قد رَجَعتْ هناكَ إلى الورى
مَنْ كان فـاتـحَ خـيـبـرٍ إذ أدْبـرتْ *** عَـنْـها الثلاثةُ سَلْ بذلك خيبرا
مَنْ ذا بها المـخـتـارُ أعَطَاه اللّـوا *** هَلْ كـانَ ذلـك حيدراً أم حَبترا
أفَهَلْ بَقي عُـذرٌ لِـمَـنْ عَرفَ الهدى *** ثُـم انْثَنَى عَـنْ نَـهـجهِ وتغيّرا
لاَ يُبعدِ الرَّحـمـنُ إلاّ عـصـبـةً *** ضـلّـتْ وأخـطأتِ السَّبيل الأنورا
نبذُوا كتابَ الله خلْـف ظـهـورِهـم *** لِيخالفُوا النَصَّ الجليَّ الأَظْهرا
واللهِ لو تـركُـوا الإمـامـةَ حـيـثـمـا *** جُـعِـلَتْ لما فَرَعَتْ أميّةُ منْبَرا
جعلــوهُ رابـعَـهُـم وكـانَ مُـقَـدّمــاً *** فـيـهـمْ ومـأمـوراً وكانَ مُؤمَرا
وتَعـمَّدوا مِـن غَـصْب نِحْلةِ فَاطمِ *** وَسِهَامِها الموروث أمراً مُنكَرا
وقال من قصيدة:
لحيدرةِ الفضلَ دونَ الورى على أقـربِ الناسِ والأبعدِ
فـدِنْ بمحبَّــتـــهِ إنَّ مَــن *** يـــدن بـمـحـبـتـهِ يـرشـدِ
أخو المصطفى وخدينُ الهدى وهادي البرية والمهتدي
وقال:
مَنْ نَامَ في مَرْقدِ النبيّ دُجى *** وأعيْنُ المشركين لم تَنَمِ
فداهُ بالنّفسِ لَم يَخَـفْ أبـداً *** ما دبَّروا مِن عَظيم كيدِهمِ
يا سيّد الأَوْصيـاء دَعْوةَ مَنْ *** إن هَـامَ شوقاً إليكَ لَم يُلَمِ
أنتَ ملاَذِي في كلِّ نائبةٍ *** أنتَ عياذي وأنتَ مُعْتَصَمِي
بكَ اسْتقــامَ الـهُدى وقَام ولَوْ *** لاَ أنتَ لم يَستقِمْ ولم يَقُمِ
وسَابقُ العـالَـمـيـنَ أنتَ فَمَنْ *** مِـثـلكَ في العَالمين كلّهمِ
ونفسُ خيرِ الأَنامِ أنـت فَـمَـنْ *** مِـثلكَ في العَالمين كلّهمِ
كم رُتبةٍ فـي الـفـخـارِ سَاميةٍ *** بَـلـغـتَـها قبلَ مَبْلغِ الحُلم
وقال:
مَنْ ترَى غيرَ عـلـيٍّ *** كانَ صِنواً لِلنَّبيِّ
مَن ترى من بعـد خـيرِ الأنبيا خيرَ وصِيِّ
مَنْ تُرى ولاّه خيـرُ الرُّسْلِ عنْ أمرِ العليِّ
مَنْ ترى السَّابق في ** دين القَديمِ الأزليِّ
مَنْ ترى قاتِلَ عَمْروٍ ذي الثبات العامِريِّ
مَنْ ترى آسر عمرو * عِندَ إحجامِ الكميّ
مَنْ ترى رُدَّت لَه الـشَّمْسُ فتىً غير عَليّ
مَنْ تراهُ حاط دينَ المـصْـطفى بالمشرفيِّ
أَبهِ الـمـلّـة حيطَتْ *** أم بـتَـيْـمٍ وعــديِّ
قُلْ لَـنـا فـالأمْـرُ إنْ أَنْـصـفـتَـنَا غيرُ خَفيِّ
وقال
إنّي رضيتُ عَليّاً *** دونَ البرايا إماما
الحمـد للهِ أنّي *** ما كنتُ ممَّنْ تَعامَى
وقال في أهل البيت (عليهم السلام):
كفَى بالنبيّ المصطفَى وبآلِه *** فهَلْ بعدهم تَصفو لحُرِّ مشاربُهْ
دَعا كلُّ باغٍ في الأَنامِ ومُعتدٍ *** إلى حَرْبهم والدَّهر جمٌّ عَجَائبُهْ
فمنْ غادرٍ أبـدَى الـسَّخائمُ واغتدت *** تنوشُـهمُ أظْفارُه ومَخالِبُهْ
سيلقُون يوم الحشْر غِبٍّ فِعالِهم وكُلُّ امرءٍ يُجْزَى بما هُو كاسِيُهْ
ومنها
ولم يُرْجعوا ميراثَ بنتِ محمَّدٍ وقد يُرجعُ المغصوبَ مَنْ هُو غاصبُهْ
فما كَأنَ أَدْنَـى مـا أَذَوْهـا بـأخـذِ مَا *** أَبُـوهـا لَـها دُونَ البرّيةِ واهبُهْ
أما لو دَرَى يوم السقيفـة مَا جَنى *** لَشابَتْ من الأمر الْفَظيع ذَوائبُهْ
أغيــر عليٍّ كـانَ بـعْـدَ مـحـمَّـدٍ *** لَهُ كـاهِـلُ الـمـجـدِ الأثيل وغاربُهْ
ومَن بعد طه كانَ أوْلـى بـإرثِـه *** أَأَصـحـابُـه قـولـوا لـنـا أم أقاربُهْ
وشتّان بَين البَيْـعَـتينِ لِمنْصِفِ *** إذا أُعْطيَ الإِنصافَ مَنْ هو طالبُهْ
فبيعةُ هذا أَحْـكـمَ الله عـقـدَهــا *** وبـيـعـةُ ذاكُـمْ فَـلْـتَـةٌ قـالَ صـاحـبُه
ومنها
وقامَ ابنُ حرب بعدهم فَتَضَعَتْ *** قُوى الدّينِ وانهّدتْ لِذاكَ جوانبُهْ
فقادَ إلـى حَـرْب الوصيّ كتائباً *** ولـم تُـغْـنـيـه عـنـدَ النِّزالِ كتائبُهْ
وما زالَ حتّى جرَّع الحسنَ الرَّدَى *** ودَبّـتْ إلـيه بالسّمومِ عقاربُه
ويقول بعد أن يعدد الشهداء الثوار من العلويين الذين قاموا ضد الأمويين والعباسيين:
وكم قَتلُوا مِـن آل أحـمـد سـيّـداً *** إمـامـاً زَكـتْ أعـراقُهُ ومَناقبُهْ
فَلِمْ لاَ تَمُورُ الأَرض حُزْناً وكَيْفَ لاَ من الفَلكِ الدوَّارِ تهوي كَواكبُهْ
وكلُّ مُصَابٍ نَـألَ آلَ مـحـمَّـدٍ *** فَـلـيـسَ سـوى يَوم السَّقيفةِ جالِبُهْ
وقال:
يا آل طــه أنـتُـمُ *** أهـلُ الـسِّـيـادةِ والزّعامَهْ
يـهـنـيـكـمُ شـرفُ الـنبوَّةِ والوصـايةِ والأمـامَـهْ
جَمَعَتْ لكمْ هَذي الثَلاَثُ الغُرُّ أطرافَ الكرامَهْ
بِودادِكـم أرجـو الـنّـجـا والأَمْنَ في يومِ القيامَهْ
وقال:
لكُمْ آلَ الرَّسولِ جعلتُ ودّي *** وذاكَ أجلُّ أسْبابِ السَّعادَهْ
وَلَوْ أَنّي اسْتَطعتُ لَزِدْتُ حُبّاً ***ولكِنْ لاَ سَبيل إلى الزِّيادَهْ
أعيشُ وحبُّكُمْ فَرضِي ونَفلي *وأُحْشَرُ وهو في عُنقِي قِلادَهْ
أنَاضِلُ عَنْ مكارِمِكمْ لأَنّي ***كريمُ الأَصْلِ ميمونُ الولادهْ
أظلُّ مجاهداً لحَليفِ نَصْبٍ *** أَضَـلّ بِبغْضِكم أبداً رَشَادَهْ
فإن أَسْلَم فَأجْــرٌ لَـمْ يَـفـتْنِي *** وَإنْ أُقْتَـلْ فتُهْنُيني الشَّهادَهْ
وقال:
فيا عاذلي في حبِّ آلِ محـمـدٍ *** رويـدكَ إنّـي عـنـهـمُ قط لا أسلو
أأسلو هوى قومٍ قضى باجتبائهم وتفضيلهم بين الورى العقلُ والنقلُ
أولـئـكَ أبـنـاءُ الـنـبـيِّ محمدٍ *** فـقـلْ مـا تـشـا فـيـهـمْ فإنكَ لا تغلو
فروعٌ تسامتْ أصلُها سيدُ الورى * وحـيدرةٌ يا حبَّذا الفرعُ والأصلُ
تفانوا على إظهارِ ديـنِ أبـيـهـمُ *** كـراماً ولا جبنٌ لديهمْ ولا بخلُ
إلى اللهِ أشكو عصبةً قد تحاملوا ** عليهمْ ودانوا بالأبـاطيلِ واعتلّوا
يرومونَ إطفاءً لأنوارِ فضـلـهمْ *** ومـا بـرحتْ أنوارُ فضلهمُ تعلو
وهمْ أنكروا في شأنِه بعد أحمدٍ ** من النصِّ أمراً ليسَ ينكرُه العقلُ
وقد نوَّهَ المختارُ طهَ بـذكـرِه *** وقـالَ لـهـمْ هـذا الـخـلـيفةُ والأهلُ
وولّاهُ في يومِ الـغـديـرِ ولايةً *** على الخلقِ طرَّاً ما له أبداً عزلُ
ونصَّ عليهِ بالإمامـةِ دونـهـمْ *** ولـو لـم يـكـنْ نصَّاً لقدَّمه الفضلُ
أليسَ أخاهُ والمواسي بنفسِهِ إذا ما التقى يومَ الوغى الخيلُ والرجلُ
أما كـان أدنـاهـم إلـيـه قـرابةً *** وأكـثـرهـمْ عـلماً إذا عظمَ الجهلُ
أما كان أوفـاهـمْ إذا قـالَ ذمَّة *** وأعـظـمـهـم حلماً إذا زُلّتِ النعلُ
وأفصحهمْ عند التلاحي وخيرهم *** نـوالا إذا ما شيم نائله الجزلُ
يحجُّونَ أنصـارَ الإلــهِ بـأنـنـا *** قـرابـتـه مـنـا بـه اتـصـلَ الـحبلُ
وهل كانتِ الأصحابُ أدنى قرابة *وأقربُ رحماً لو عقلتمْ أمِ الأهلُ
وهمْ أخــذوا بـعـد الـنبيِّ محمدٍ *** مـن ابـنـتـه مـا كـان أنحلها قبلُ
تمالوا عليها غاصبينَ لـحـقِّها *** وقالوا معاذَ اللهِ أن تورثَ الرسلُ
وحكمهمُ لا شكَّ في ذاكَ باطلٌ * وكيفَ يصحُّ الفرعُ والأصلُ مختلُ