أميركا عدوة الشعوب ومثيرة الحروب !
الحقيقة/العهد الاخباري: سعد حمية
إعلان معركة جديدة أصدرته إدارة دونالد ترامب الاميركية في سياق حربها المتواصلة على إيران وحلفائها، وقررت إنهاء كل الإعفاءات التي كانت منحتها لثمانية دول تستورد النفط الإيراني بداية ايار/ مايو المقبل.
الإعلان المتوقع، جاء بعد أسبوعين على تصنيف واشنطن الحرس الثوري الاسلامي منظمة إرهابية، لتتكامل حلقة تكثيف الضغوطات الإقتصادية وتضييق الخناق على طهران لإخضاعها لإملاءات البيت الابيض الذي قال في أحد بياناته عند صدور الحزمة الاولى من العقوبات العام الماضي “إن العقوبات تستهدف العائدات التي تستخدمها طهران لتمويل برنامجها النووي والصاروخي، وإشعال النزاعات الإقليمية، ودعم الإرهاب وإثراء قادتها”!.
لهجة استعلائية، استخدمها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لدى إعلانه قرار التضييق الجديد مكرساً استكبارية واشنطن وبلطجتها العالمية، فهي إذا قررت لا نقاش لقراراتها!، وباستطاعتها آحاديا فرض العقوبات على من يخالفها ويكسر عصا طاعتها، وعلى الذين يستوردون النفط من إيران التوقف وإلا ستكون العقوبات بانتظارهم!!
ليس مهماً إن جرى تجويع شعب بكامله تحقيقاً لمصالح واشنطن، أو تضررت مصالح أصدقائها أو حلفائها جراء قراراتها المجنونة أو الغبية!.
الأولوية دائماً لديها تحقيق مصالحها الامبريالية وبسط هيمنتها ونفوذها وسطوتها على الدول والشعوب لنهب ثرواتهم وآمالهم ضاربة عرض الحائط بكل القيم الأخلاقية والإنسانية أولا والأعراف والقوانين الدولية ثانياً!
هذه السياسة، لطالما مارستها الإدارات الأميركية المتعاقبة، وهي سلاح للإبتزاز والضغط وقد استخدمته ضد العديد من دول العالم بدءاً من كوبا في خمسينيات القرن الماضي التي رفضت الإنحياز لأميركا فاتهمتها بالشيوعية، وكوريا الشمالية بعد حرب الكوريتين ودول أمريكا اللاتينية (بنما وكولومبيا وفنزويلا وتشيلي ونيكاراغوا) التي أرادت فقط ان تدافع عن مصالح شعوبها، والصين التي تخشى نموها اقتصادياً، وروسيا التي تخشى نفوذها في بعض الاقاليم!
لم تسلم من سياسة الحصار والتجويع هذه، منطقة الشرق الاوسط، فإيران تعرضت للعقوبات الامريكية منذ انتصار ثورتها عام 1979 لأنها بكل بساطة نقيض لكل سياسات واشنطن في المنطقة.
العراق بدوره نال قسطه من الحصار الظالم بحجة امتلاك نظام صدام حسين البائد لأسلحة الدمار الشامل، وليبيا والسودان وفي بعض المراحل مصر!
سوريا هي الأخرى شريك إيران الاستراتيجي، عانت من العقوبات منذ إندلاع أعمال العنف في سوريا عام 2011 دعماً ومناصرة للمجموعات المسلحة المعارضة، وآخر فصول هذا الحصار أزمة الوقود الخانقة في سوريا نتيجة “إعاقة وصول النفط إلى سوريا” عبر منع وصول أي سفينة محملة بالوقود إلى البلاد، وتوقف الخط الائتماني الإيراني عن إمداد سوريا بالنفط منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي بسبب العقوبات الأمريكية على ايران، وإيعاز واشنطن لحلفائها من الأكراد شمال سوريا بمنع تزويد المناطق السورية التي يسيطر عليها الجيش السوري من الوقود الذي تنتجه حقول النفط في مناطق الاكراد!
أما لبنان، فهو مطالب من الولايات المتحدة الأميركية بالامتثال للعقوبات المفروضة على “حزب الله” وجرى تنبيه قياداته السياسية بعدم التعاون مع الحزب لتسهيل أموره المالية والالتفاف على هذه العقوبات، بل صار مطالبا أيضا بالامتثال للعقوبات المفروضة على سوريا أيضا، كدولة جارة له تتعرض للعقوبات!.
وقد لفتت صحيفة “الحياة” إلى أن آخر الإجراءات التي جرى تنبيه السلطات اللبنانية إليها في الآونة الأخيرة هي التهريب على الحدود بين لبنان وسورية والذي بات يحصل من لبنان، إليها، بعد أن كان يحصل في الخط المعاكس، أي من سورية، إلى لبنان! وطرحت أزمة النقص في المحروقات في سوريا وحاجة سوقها إلى التزود بالبنزين والمازوت والغاز، وببعض أصناف المواد الغذائية نتيجة الحصار المفروض عليها، وجوب قيام القوى الأمنية بضبط الحدود للحؤول دون خرق الحصار الغربي المفروض على دمشق منذ مطلع السنة!.
سياسة التجويع والحصار هذه، لم تعد تقتصر على إدارة البيت الابيض، بل إن ربيتها “اسرائيل” أفضل من طبقها على الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك السعودية التي تحاصر اليمن وتجوعه منذ أربع سنوات، فلا غرابة ان القرار الأميركي الأخير بتضييق الخناق على ايران، كان محل ترحيب من “اسرائيل” لانه يحقق احد اهم اهدافها باضعاف ايران، فيما التزمت السعودية وشريكتها الإمارات العربية في تعويض النقص في سوق النفط العالمي.
ما تقدم يؤكد أن أميركا كانت ولا زالت عدوة الشعوب، فهي تشن الحروب المختلفة، فتارة تسمع دوي مدافعها وهدير غارات طائراتها وترى اشلاء ضحاياها، وإذا ما صمتت مدافعها تشهر سلاح الحصار والتجويع، لكن للشعوب دائماً إرادتها وكلمتها وشعارها الذي سيبقي يتردد للأبد : “الموت لأميركا عدوة الشعوب”.