أمريكا على خُطَى بريطانيا.. والهدفُ جنوبُ اليمن
الحقيقة / حسن شرف الدين
على غرارِ السياسة البريطانية التي عملت بمقولة “فرِّقْ تَسُدْ” أثناءَ احتلالها لجنوب الوطن، تعملُ الإدارةُ الأمريكيةُ اليومَ على خلخلة النسيج الاجتماعي لأبناءِ الوطن الواحد؛ تمهيداً لاحتلال المحافظات الجنوبية، أو القبول بالانفصالِ وفكّ الارتباط كأمر واقع.
وبعد مرور 26 عَاماً من عُمر الوحدة اليمنية وبعد أكثر من ستين عَاماً على ثورتَي 14 أكتوبر و26 سبتمبر، تتجلّى الأطماعُ الأمريكية في الاستحواذ على ثروات الوطن واستعماره من جديد. وبأسلوب ووجه آخر تعملُ واشنطن على صناعة تنظيمات إرهابية تابعة لأجهزة استخباراتها، تحت مسميات إسلامية، كالقاعدة وداعش، ومن خلالها تعملُ الإدارة الأمريكية على تحقيق أهدافها في اليمن وفي المنطقة بشكل عام.
ويرى مراقبون أن الاستخباراتِ الأمريكية لا تستهدفُ من خلال هذه التنظيمات الإرهابية، ضرب الأنظمة السياسية، لكنها تستهدفُ الشعوبَ في معتقداتها الدينية، وَضرْبَ السلم الاجتماعي، حتى تغدو الدولُ العربية أشبهَ بكانتونات صغيرة يسهُــلُ احتلالُها.
وهذا ما حدث فعلاً في اليمن.. حيث ظهرت (القاعدة وداعش) في المحافظات الجنوبية .. شبوة وحضرموت وعدن، تحتَ إشراف وحماية الاستخبارات الأمريكية ، وما أن وجد الشرخ في المجتمع اليمني حتى دخلت أمريكا بشكل مباشر واحتلت أجزاء من الأراضي اليمنية بذريعة محاربة التنظيمات الإرهابية.
قبل أكثر من نصف قرن خرج آخرُ جندي بريطاني من الأراضي الجنوبية اليمنية في 30 نوفمبر 1967م بعد احتلال واستعمار لجنوب اليمن لأكثر من 120 عاماً، مارس فيها الاستعمارُ البريطاني أبشعَ أنواع الاستغلال والاضطهاد والتنكيل في حق إخواننا الجنوبيين.
كما عمل الاحتلال على نشر الثقافة البريطانية في أوساط المواطنين الجنوبيين، وأصبحت الإنجليزية – لغةُ الاحتلال- هي السائدةَ رسمياً في الجنوب.
ويؤكد المؤرّخون للتأريخ اليمني المعاصر أن الاستعمار البريطاني سعى خلال 120 عَاماً من الاحتلال إلى طمس الهُوية اليمنية والعربية من أبناء اليمن خُصُوْصاً أبناء مدينة عدن، والتي جعل المستعمر البريطاني منها عاصمة لمستعمراته في اليمن.
سياسيون من أبناء المحافظات الجنوبية ممَّن عاصروا حقبةَ الاستعمار سجّلوا في مذكراتهم أن الاستعمارَ البريطاني عمل على تمزيق الشعب اليمني وتمزيق السلطات الجنوبية وتشويه الثقافة والهُوية الوطنية لأبناء المناطق الجنوبية وكوَّنَ جماعاتٍ وفصائلَ من المواطنين الجنوبيين يتربَّصُ الواحدُ بالآخر.. وما أن خرج آخرُ جندي بريطاني من الأراضي الجنوبية اليمنية حتى اندلعت الحروبُ الداخلية والتصفيات الداخلية، وانتشرت العصاباتُ الإجرامية والمجاميع المسلحة.
واليوم تسيرُ الإدارة الأمريكية على خُطَى الاحتلال البريطاني، وقد عمدت إلى دعم النزعات الجهوية والمناطقية في اليمن، وساعدت التنظيماتِ الإرهابية على التمدُّد والانتشار على الأرض، وبثّ السموم في العقول والنفوس.
واكتملت الخطة بتأييد العدوان على اليمن والمساهَمة الأمريكية المباشرة في عمليات التحالف المسمى بالعربي، مع أنه صهيوأمريكي بامتياز.
لكن كما واجه أبناءُ اليمن المحتل البريطاني، ودحروه، فإنهم اليوم على أُهبة الاستعداد للذودِ عن وطنهم وكرامتهم، وسيجدُ الغازي الأمريكي نفسَه، أنه أخطأ الطريقَ في اليمن، التي كانت وستبقى “مقبرةً الغزاة”.