أمريكا تلعب بالنار عبدالفتاح علي البنوس
أمريكا تلعب بالنار
عبدالفتاح علي البنوس
لم تعد حقيقة أن القاعدة وكل التنظيمات والجماعات المتفرخة منها صناعة أمريكية بحاجة إلى أدلة وشواهد جديدة بعد كل الشواهد والأدلة الحية الماثلة للعيان ، بالأمس أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع خونة العراق وخدام الصهيونية العالمية على اغتيال القيادي في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس ، حيث استهدفت طائرة أمريكية السيارة التي كان يستقلها الشهيد الحاج سليماني ونائب قوات الحشد الشعبي العراقي الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس ومحمد الجابري مسؤول العلاقات بقوات الحشد الشعبي بعد دقائق من وصول سليماني إلى مطار بغداد ، حيث شكلت العملية الإجرامية الغادرة ضربة موجعة للمقاومة الإسلامية المناهضة لمشروع الهيمنة الأمريكوصهيوني ، نظرا لما يمثله اللواء سليماني من مصدر رعب لأمريكا وإسرائيل ، حيث سبق وأن خاض الشهيد السليماني الكثير من المعارك والمواجهات ضد الجماعات الإجرامية التكفيرية الأمريكية في العراق وسوريا ويعد من القيادات البارزة والفاعلة في قوات الحرس الثوري الإيراني وسبق وأن تعرض لعدة محاولات اغتيال فاشلة بهدف الخلاص منه ، حيث كان يمثل مصدر إزعاج للكيان الصهيوني وللمتغطرس الأمريكي .
مجلس الأمن القومي الإيراني سارع إلى عقد اجتماع طارئ اتخذ فيه خيارات الرد على هذه الجريمة ، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية حالة الطوارئ في مختلف قواعدها ومصالحها في الشرق الأوسط ، فيما دعت الخارجية الأمريكية رعاياها في العراق إلى المغادرة فورا تحسبا لأي ردود أفعال غاضبة على اغتيال سليماني والمهندس ، ليظل العالم يرقب الرد الإيراني وخصوصا بعد أن كشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن وقوف الولايات المتحدة وراء الجريمة بتوجيهات وموافقة مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وهنا تبرز الكثير من التساؤلات وتتبدى الكثير من الحقائق الواضحة الجلية التي لا لبس ولا جدال فيها .
كنا نسمع في السابق من يطرح بأن أمريكا وإيران على وفاق لاستهداف الإسلام والمسلمين ، وذلك بهدف حرف الأنظار عن العدو والخطر الحقيقي الذي يتهدد الإسلام والمسلمين والمتمثل في الكيان الإسرائيلي ، واليوم يتضح للجميع بأن أعداء إيران حلفاء إسرائيل هم الخطر الحقيقي ، فالاحتفال السعودي والإماراتي والبحريني والإسرائيلي بجريمة اغتيال سليماني والمهندس يضع الرأي العام أمام محور الشر والإجرام الذي يتهدد الإسلام والمسلمين ، ويكشف حجم الخطر الذي تمثله إيران على أمريكا وإسرائيل ومصالحهما ومشاريعهما في المنطقة ، ولم يعد الحديث عن الخطر الإيراني والتمدد الإيراني سوى أسطوانة مشروخة يوظفها الأمريكي والإسرائيلي لابتزاز واستغلال دول البترودولار وإجبارها على تسليم الجزية .
لقد شكل الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي وحزب الله اللبناني تكتلا مقاوما للجماعات والتنظيمات الداعشية التكفيرية الأمريكية الصناعة ، السعودية الدعم والتمويل في العراق وسوريا ، حيث تمكنت من دحرها وإلحاق الهزائم بها وتطهير الكثير من المناطق من دنسها ، وعندما شعرت أمريكا بقرب الخلاص من أدواتها وأذرعها سارعت إلى التدخل المباشر لإسناد هذه الجماعات وتوفير الحماية لها ، حيث جاء الاستهداف الغادر لمواقع قوات الحشد الشعبي العراقي من قبل الطيران الأمريكي في هذا السياق ، بعد أن حققت هذه القوات نجاحات وانتصارات ميدانية ملموسة ، وعقب تنامي السخط الشعبي العراقي ضد الأمريكان على خلفية هذا الهجوم الغادر والذي دفع ببعض المواطنين إلى اقتحام سور السفارة الأمريكية في بغداد ، أحست أمريكا وإسرائيل بالخطر ، وذهبت لتنفيذ جريمة اغتيال قاسم سليماني والذي ترى فيه الذراع الداعمة والمساندة لقوات الحشد الشعبي العراقي ، ظنا منهما بأن اغتياله سيغير من مجريات الأحداث وسينعكس سلبا على الانتصارات التي تتحقق على أدواتها وأذرعها التكفيرية الإجرامية ، ولكنها أخطأت التقدير وجانبها الصواب ، وفتحت على نفسها أبواب جهنم .
بالمختصر المفيد.. الكرة في مرمى إيران وهي اليوم على المحك ، فهي مطالبة بالرد العنيف والمزلزل على هذه الجرأة والوقاحة الأمريكية ، وعلى هذا الاعتداء السافر الذي استهدف رمزا من رموز الحرس الثوري الإيراني ، وقائدا من قادة المقاومة الإسلامية البطلة ، الذي يمثل الرد على جريمة اغتياله ، عنوان الوفاء لهذا القائد المجاهد الذي لطالما صال وجال في جبهات وميادين الشرف والبطولة والرجولة ،باحثا عن الشهادة التي ظفر بها عن جدارة واستحقاق ، والكل في انتظار الرد الإيراني الكفيل بوضع حد للهمجية والغطرسة الأمريكية ، مالم فإن على الإيرانيين أن يستعدوا لتلقي المزيد من الضربات الموجعة .