أكثر من قصة نجاح.!:450 ألف طالب يمني يؤدون امتحاناتهم الوزارية في ظل الحرب والحصار
قد يعد إجراء العملية الإمتحانية نجاحا في الظروف العادية لأي دولة ، لكنه هنا في اليمن الذي يرزح تحت عدوان وحصار قاسيين محطة مواجهة كبيرة ينتصر فيها اليمنيون على سبع سنوات من العدوان والحصار والحرب الاقتصادية التي استهدفت بدرجة أساسية الجسد التربوي في محاولة لشله تماما ، حتى المساعدات الدولية على قلتها حجبت عنه هي الاخرى بإيعاز من تحالف العدوان السعودي الأمريكي.
العملية الإمتحانية الكبرى للشهادتين الاساسية والثانوية انطلقت وسط تنظيم وترتيب عال المستوى واحترافي في العمليات السابقة واللاحقة لداء الطالب امتحانه في جو من الهدوء والطمأنينة . وزارة التربية قالت إن عدد الطلاب المتقدمين لاختبارات الشهادة العامة للمرحلتين الاساسية والثانوية بلغ 463 ألف و785 طالبا وطالبة موزعين على 3 آلاف و481 مركز اختباري .
وقال نائب وزير التربية والتعليم قاسم الحمران إن نظام حوسبة الاختبارات الذي شهد تطورا هذا العام يحقق الشمولية والانصاف و بما يضمن لكل طالب الحصول على استحقاقه الفعلي دون أي انتقاص على مدى ست سنوات قام التحالف السعودي الامريكي بتدمير الفين وستمائة مدرسة في مختلف المناطق اليمنية ، لم يرتدع في حالات عن قصف مدارس والطلاب في داخلها او شن غارة جوار مدرسة بما يزرع الهلع والخوف في نوفس الاطفال .
وبحسب وزارة التربية والتعليم ومنظما ت مدنية فإنه جرى تدمير والحاق الضرر بنحو 78 منشأة تعليمية ومكتب تربية وتعليم منها 21 منشأة دمرت كلياً بلغت التكلفة التقديرية لإعادة تأهيلها وترميمها 870 الف دولار فيما بلغ إجمالي التكلفة التقديرية لبناء وإعادة تأهيل 2543 مدرسة مدمرة ومتضررة 237 مليون و 730 الف دولار بالإضافة إلى مبلغ 95 مليون و 542 الف دولار تكلفة تجهيزات ومستلزما ت تلك المدارس” مقاعد دراسية ، سبورات ، معامل ، إذاعات مدرسية ، تجهيزات مكتبية ” .
وأشارت التقارير الى ان مليون و526 الف و 69 طالبا وطالبة فقدوا مدارسهم جراء تدميرها تضررها نتيجة القصف الجوي 2283 مدرسة ، او تحولها الى مراكز لاستقبال النازحين ممن دمرت طائرات التحالف منازلهم – 802 مدرسة. وبحسب الاحصائيات الرسمية لوزارة التربية فإن عدد المدارس المغلقة بسبب الحرب والمواجهات المسلحة بلغت 680 مدرسة يدرس فيها 213 الف و290 طالبا وطالبة منهم 120 الف و225 طالب و93 الف و 65 طالبة .
وعلى مدى هذه السنوات من القصف المتواصل لكل البنية التحتية في اليمن وبينها المدارس لقي العشرات من الطلاب مصرعهم ، لعل صورة اشراق نهم وهي مضرجة بدما ئها اما م مدرستها شاهد لا ينسى ، وغيرها كثير وثقتهم عدسات الكاميرا ولا يمكن محو تلك الجرائم من الذاكرة ، اذ تشير التقارير الموثقة رسميا ومدنيا الى استشهاد نحو 3 الاف طفل بالغارات الجوية ، وجرح اضعاف هذا الرقم ، كما سقط المئات من المعلمين شهداء .
وليست الحرب بالنار هي ما تعرض له القطاع التربوي في اليمن في محاولة لشله واصابته بالعجز التام ، فالحصار والحرب والاقتصادية معه كانت اشد فتكا واقوى ايلاما من حرب النار الحرب الاقتصادية التي شنها التحالف السعودي على اليمن ، فبعد عام واحد قطع تحالف العدوان رواتب موظفي الدولة ، وكانت الشيحة الاكثر تضررا هي فئة المعلمين الذين وجدوا انفسهم بلا رواتب ، ووجدت القيادة التربوية نفسها اما م امتحان صعب للغاية .
وفي حين كان بالإمكان مساعدة قطاعات أخرى ضئيلة الحجم من قبل الدولة في صنعاء، فان قطاع التربية والتعليم كان من الصعوبة بمكان نظرا لكونه يشكل لوحده ثلث العاملين بالقطاع العام ، ويشكل مع القطاع الصحي ما يزيد عن 50 % من موظفي الدولة . وبحسب مسئولي مكاتب التربية والتعليم فقد بلغ الاستهداف حدا منع معه دخول الاوراق اللازمة لمطابع الكتاب المدرسي ، واضطرت حينها الوزارة وخصوصا في السنوات الاولى من العدوان الى الاستعانة بتطبيقات تكنولوجية ليتسنى وصول الكتاب الى الطالب .
وباستثناء العام 2019م حيث قدمت اليونسيف حوافز للمعلمين لا تتجاوز 200 دولار ، فقد فرضت منظما ت الامم المتحدة حصارا على تقديم المساعدات للقطاع التربوي ومنعت عنه مختلف اشكال المساعدات الحيوية بما في ذلك توفير سلال غذائية للمعلم تمكنه من البقاء والعيش . يؤكد متابعون ان القطاع التربوي كان الاكثر تأثرا بالحصار الاقتصادي الذي فرضه العدوان، وعاش المعلمون حياة صعبة ولاتزال ، وجرى حجب المساعدات الاممية حتى الغذائية عنهم .
لافتين الى الشعور الوطني لدى المعلم والتلاحم الذي اظهره المجتمع من خلال عمليات التطوع واسناد المعلم مجتمعيا ولو بصورة يسيرة جدا قد لا ترقى الى المستوى المطلوب مكنت المدارس من الصمود، والعملية التعليمية من الاستمرار في ظل العدوان والاستهداف القاسي جدا للتعليم. يقول محمد وهو معلم في مادة العلوم للصفوف الاساسية والثانوية ان يواصل تقديم دروسه للطلاب رغم انقطاع الرواتب ، ايمانا منه بانه من حق الطلاب ان يتعلموا وانهم لا ذنب لهم كي يحرمهم العدوان حقهم في التعليم . محمد والذي يقتات من عمل اخر الى جانب مهنة التدريس يشرح بمأساة معاناة المعلم الذي افتقد الراتب والدعم الحكومي وحتى الدعم الاممي الذي تتلقاه بعض القطاعات .
فيما يشير عبد الله معلم مواد اجتماعية الى انه لن يكون اقل عطاءا من المقاتل في الجبهات الذي يقدم روحه في سبيل الله وسبيل وطنه وترك خلفه اسرة تعاني مثل ما يعاني المعلم . ويضيف : نحن نعلم ان معاناتنا سببها العدوان ، وليس لنا امل في الخلاص من الالم وعودة الرواتب الا بالانتصار على العدوان ، ولذا يجب ان نتكاتف ونعمل ما نستطيع كل في موقعه ورغم الظروف القاسية .
فيما تقول زينب معلمة تربية إسلامية متطوعة إن التعليم يجي ان يستمر وان المتطوعين اسهموا في استمرار العملية التعليمية رغم عدم تلقيهم أي حافز ما دي .
وتضيف : انطلقنا من ايماننا العميق بوطننا وان الاطفال لاب ان يتعلموا لانهم املنا بعد الانتصار ، ويجب ان لا نسمح لدول العدوان بالانتصار علينا وتجهيل أبنائنا . في العاصمة صنعاء والمحافظات والمناطق الحرة انتظم الطلاب والطالبات على كراسي الامتحانات في طمأنينة وسكينة وتنظيم عال المستوى ، في هذا العام لم تتمكن صنعاء من ابقاء عجلة التعليم تدور ، بل نجحت في تطوير منظومته ، وانجاز نظام حوسبة كامل للاختبارات بما يتجاوز دولا اقليمية لا تعيش وضع حرب وحصار كما ترزح تحته اليمن ، انهى ظواهر سلبية لم تستطع الحكومات ت خلال العقود السابقة التخلص منها ، وفي المقابل كانت عجلة التعليم تعود للخلف في مناطق العملاء حيث غابت الامتحانات الوزارية طيلة الاعوام الماضية ، وبالكاد عادت بصورة بدائية هذا العام ، ما دفع كثيرا من الادارات هناك في المناطق المحتلة الى الطلب من سلطات صنعاء ادراج مراكز امتحانيه في مناطق العملاء وهو ما لم يكن متاحا نتيجة الوضع الامني وعدم ضما ن نزاهة العملية الاختبارية وفق ما قاله مسئولون تربويون .
بالمقاييس الارضية لا يمكن لقطاع في الالم واجه ما مواجهه القطاع التربوي في اليمن خلال السنوات الماضية من العدوان والحصار ان يصمد وان يستمر فضلا عن ان ينجح ويتطور ولو ببطء.
الامتحانات الجارية هذه الايام لوحة صمود عظيمة يرسمها ما يقارب نصف مليون طالب بالمشاركة مع معلميهم ومجتمع رغم معاناته قدم ما يستطيع لأبنائه ومعلميه ، وقيادة ثورية تجهد لتحقق النصر للجميع في مواجهة عدوان غير مسبوق ، وأزمة إنسانية لم تعرف البشرية مثيلا لها ، وتواطئ دولي واممي لقتل اليمنيين وكتم انينهم واصواتهم لم يعرفه التاريخ .
الامتحانات للطالب اليمني تعدو قصة نجاح وعلامات .. الى محطة صمود وإصرار على النهوض من بين الركام .
(المسيرة نت : إبراهيم الوادعي)