أقرأ عن الحرائقَ التي أثلجُت القلوبَ

عن حرائقَ تُثلجُ القلوبَ

لون الحريق يضيء المشهد، وصوت النّار يختلط بكلمات عبريّة.. ألسنة اللهب تأكل أمام أعينهم كلّ ما بنوه غصبًا على الأرض المحتلة.. تقترب من بيوتهم، أو ما ما تبقّى منها، وتهدّد حياتهم التي ظنّوا أن لا شيء يهدّدها ولا أحد. في ذهولهم الذي طال ويتجدّد مع كلّ صلية، تُسمع نبضات رعبهم العابرة للحدود، وتُثلج دونما قصد قلوبًا قيل يومًا إن الاحتراق تألّمًا عليها مقدّر، وأن الصهاينة أقوى من أن يمسّهم رعبٌ أو ألمُ.

على وقع صوت النّار المشتعلة في شمال فلسطين، حيث البؤر الاستيطانية التي تخلو تباعًا من المستوطنين، يأتي صدى الرعب الصهيوني الذي يعبّر صراحة عن نفسه وينقله إعلام العدو ليصير كلّ ما ينطق به هو ترجمة دقيقة لمشاهد “الرعب الآتي من الشمال”:

قائد القوات البرية السابق يفتاح رون، في جيش العدو الإسرائيلي، يقول بلوعة: ‏”الواقع الحالي في الشمال عار”، وإنّ “كلّ من يزور الشمال يفهم ما أتحدث عنه، إنها منطقة حرب مهجورة ومحترقة، هناك 150 ألف ساكن يتعرّضون للتعذيب كل يوم، عدا عن الذين أجلوا”.

أما جهاز “الشاباك”؛ فقد كشف عن إحصائية “مرعبة” بعدد صواريخ حزب الله التي استهدفت المنطقة، أي شمال فلسطين، مؤخرًا، ونقلت وسائل إعلام العدو عنه قوله إن: “نحو ألف صاروخ أُطلق من جنوب لبنان خلال الشهر الماضي فقط”. أمّا صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تغطيتها للوضع في “كريات شمونة” نقلت عن مستوطِنة قولها: “الأمر وكأنّ مفاتيح الشمال أصبحت بيد نصر الله، فهو يفعل ما يريد”. وبحسب ‫الصحيفة نفسها، ستبدأ خلال أيام عملية إجلاء لمئة وعشرين ألف مستوطن لمّا يغادروا الشمال بعد، ولا سيّما من مستوطنة نهاريا.

عن حرائقَ تُثلجُ القلوبَ

في السياق نفسه، تساءلت صحيفة “معاريف”: “هل يستطيع أحد التحقق مما إذا كان رئيس الوزراء قد استيقظ؟ لأن الشمال يحترق”. وكانت “معاريف” قد علّقت على حرائق الشمال بالقول: “النيران تتمدد وتخرج عن السيطرة في كريات شمونة، ولا يمكن إدخال قوات الإطفاء بسرعة، خوفًا من إطلاق النار من الجانب اللبناني”. وكان مراسل صحيفة “هآرتس” قد نقل، في وقت سابق، أنّ: “كريات شمونة ومستوطنات الجليل الأعلى تشتعل منذ ساعات، والسكان يكافحون النار بمفردهم، وأنّ أكثر من عشرين حريقًا الآن في الشمال دون التمكّن من السيطرة عليها”.

كذلك تحدّثت الصحيفة عن طائرات الإطفاء الممنوعة من المشاركة في إخماد الحرائق خوفًا من استهدافها بنيران حزب الله. وفي ما عنونت “القناة ١٢” الصهيونية: “الشمال يشتعل”، نقلت أنّ حرائق ضخمة تنتشر في الجولان والجليل نتيجة سقوط الصواريخ. وأن أكثر من ١٣ فرقة إطفاء تحاول السيطرة على الحريق في كريات شمونة، وقد استُدعي رجال الإطفاء من وسط “إسرائيل” للمساعدة. أما “القناة ١٣” فقد أشارت إلى أنّ مستوطنة “جلعادي” (شمال فلسطين) على وشك أن تحترق بمن فيها.

“الكيان الصهيوني يلفظ أنفاسه الأخيرة”؛ عبارة قالها، يوم الأمس، آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي- دام ظله- وتابع أهل المقاومة طوال اللّيل صوت النار وهي تأكل كيان الاحتلال ولهيبه الذي يعكس ما في صدور الصهاينة من رعب صار أكبر من أن يستطيعوا التعتيم عليه بمنع الإعلام من نشر تفاصيل ما يجري عليهم.. هذه النار التي أوقدتها صواريخ المقاومة، أثلجت قلوب جميع أهل المقاومة والشرف.. ذكّرتهم بآية من كتاب الله تقول: {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}، جدّدت يقينهم بالنّصر بعد الصّبر، وبالعزّة التي لا تنفصل عن الفداء، وبجميل انتمائهم إلى خطّ المقاومة التي تصنع أجمل مشاهد الرعب الصهيوني، والتي ما عادت خافيةً على أحد.

 

 ليلى عماشا

قد يعجبك ايضا