أطماع ما يسمى المجلس الانتقالي والاخوان بثروات حضرموت
تقف محافظة حضرموت المحتلة اليوم على مفترق طرق، ما بين البقاء في دائرة الاستقرار أو اللحاق بالفوضى ومشاريع الضم والإلحاق، التي سبقت محافظات جنوبية سابقا، كما زاد الاهتمام الدولي بحضرموت خلال الآونة الأخيرة.
تشهد المحافظة توترا سياسيا واجتماعيا على مستوى القيادات والوجاهات الاجتماعية بعد استقدام رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتيا قواتاً عسكرية إلى المحافظة، على إثرها قامت السعودية بنقل العديد من هذه القيادات إلى الرياض.
على هامش تصعيد ما يسمى الانتقالي في حضرموت واستدعاء السعودية لرئيس ما يسمى الانتقالي عيدروس الزبيدي ونائبه فرج البحسني إلى الرياض وزيارة رئيس ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لأبو ظبي، لا يزال المشهد ضبابيا بشأن الوحدة اليمنية في ظل تماهي المملكة، وخاصة بعد اجتزاء مصطلح “الوحدة اليمنية” من البيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في جدة خلال الشهر الماضي.
في الأسبوع الماضي عادت حضرموت إلى واجهة التوتر في المشهد اليمني، مع دعوة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي أنصاره للتظاهر بكثافة، حيث شهدت المحافظة عودة التوتر جراء تزايد الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية التي ينظمها كل طرف لتبنّي رؤيته، في الوقت الذي تشير فيه مصادر محلية إلى عودة النشاط العلني والمكثف لحزب الإصلاح إلى مختلف مدن حضرموت، في محاولة للظهور واستغلال حالة الفراغ التي نشأت نتيجة التباين المحلي والإقليمي في طريقة التعاطي مع مستقبل المحافظة التي تمثل وفقا لمراقبين حجر الزاوية في حسم أي نزاع للسيطرة على جنوب اليمن.
ويأتي تركيز ما يسمى المجلس الانتقالي على محافظة حضرموت هذا العام للتعبير عن رفض أي نتيجة لتشكيل ما يسمى مجلس حضرموت الوطني وزيارة رئيس ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى المحافظة التي تشهد صراعا صامتا بين عدد من الأطراف.
وأعلن فرع ما يسمى المجلس الانتقالي بحضرموت أنه بصدد التحضير لفعالية سياسية كبرى بالمناسبة، رفضا لما أسماها “محاولات سلخ حضرموت عن الجنوب”، فيما دعت الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي بمديرية سيئون كل أبناء المديرية إلى المشاركة في الفعالية الجماهيرية والخطابية التي ستقام عصر الجمعة في ساحة قصر بالمدينة.
وفي السياق ذاته دعا أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس الجمعية الوطنية، أبناء حضرموت عامة والوادي بشكل خاص إلى التفاعل والمشاركة الإيجابية في فعاليات يوم الأرض.
وقال اللواء بن بريك في سلسلة من التغريدات على تويتر “نشدُّ على أياديكم من أجل وحدة الصف وتعزيز اللُحمة والترابط لحماية الأرض والعرض والوقوف ضد كل دعوات التجزئة ومشاريع التمزيق وخلق الفتن بين أبناء حضرموت من جهة، وبينهم وأبناء الجنوب من جهة أخرى”.
وقال نائب رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي ومحافظ حضرموت الأسبق إن “تصدي أبناء حضرموت لدعوات التجزئة ومشاريع التمزيق يساهم في انتزاع حقوقهم المشروعة ويقطع يد العابثين والفاسدين”.
تعليقاً على طبيعة الأنشطة التي سينظمها ما يسمى المجلس الانتقالي في حضرموت قال حسين الجفري رئيس ما يسمى انتقالي سيئون في تصريح لـ”العرب” إن “المجلس يعتزم تحويل ذكرى اجتياح الجنوب إلى طريق للعبور نحو التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية”. وأضاف “سنبعث رسالة إلى الإقليم مفادها بأن حضرموت جنوبية الهوى والهوية وسنعمل على الرد على الأصوات المدفوعة التي لا تعبر عن إرادة وخيارات أبناء المحافظة”.
وتحولت محافظة حضرموت الأكبر مساحة والأغنى بالثروات إلى محطة صراع جديدة بين عدد من القوى اليمنية التي تسعى لبسط نفوذها، في الوقت الذي يطالب فيه المجلس الانتقالي بإخلاء المحافظة من قوات المنطقة العسكرية الأولى التي ينحدر معظم أفرادها من الشمال وتتهم بالولاء للإخوان.
وتعيش حضرموت حالة ترقب في ظل تعدد الواجهات السياسية والشعبية التي أعلنت عن نفسها في الآونة الأخيرة على شكل مكونات وتجمعات قبلية وسياسية مدعومة من أطراف داخلية وخارجية، كما جاء الإعلان عن تشكيل ما يسمى مجلس حضرموت الوطني كنقطة فارقة في مسار النشاط السياسي في المحافظة نتيجة لتلقي المجلس دعما من السعودية باعتباره واجهة سياسية جامعة تمثل كل القوى والمكونات الحضرمية الفاعلة.
لم يبد ما يسمى المجلس الانتقالي أي موقف معاد لمجلس حضرموت بشكل علني وصريح وإن عبرت بعض القيادات الوسطية في ما يسمى الانتقالي عن رفضها لهذا المجلس، غير أن الموقف الرسمي ما يسمى الانتقالي ما زال يترقب الكشف عن توجهات ومسارات المجلس الحضرمي الذي يخشى اختراقه من قبل تيارات إخوانية وأخرى إقليمية معادية للتحالف العربي.
في السياق نفسه اعتبر السفياني في تصريح لـ”العرب” أن هذه الفعالية “تمثل ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي فرصة لتجديد التأكيد على حضوره القوي وقاعدته الشعبية هناك، ولا سيما في وادي وصحراء حضرموت الخاضعة عسكريّا لقوات المنطقة العسكرية الأولى.
وحول توقعاته لطبيعة هذه الفعاليات وردود الفعل عليها أضاف “من المتوقع أن تشهد مدن حضرموت، وفي مقدمتها مدينة سيئون، فعاليات جماهيرية متوسطة وكبيرة، ولا يستبعد أن تحدث توترات أمنية كما حدث في مرات سابقة عندما قمعت قوات المنطقة العسكرية الأولى مظاهرات وفعاليات رعاها أو دعا إليها المجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة سيئون وباقي مديريات وادي حضرموت. وهذا من شأنه أن يسهم في احتداد التوتر العام الذي تعيشه حضرموت منذ فترة طويلة”.
وتابع “يمكن تصنيف هذه الفعاليات المرتقبة ضمن الهجمات المرتدة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت بعد تشكيل مكون سياسي منافس برعاية السعودية مؤخرًا، وزيارة رشاد العليمي إلى المحافظة متسلحا بالعشرات من المشاريع التنموية والخدمية الممولة من السعودية في حضرموت، وحديثه عن دعم الحكم الذاتي الحضرمي، ما يهدد بشكل مباشر مشروع الدولة الفيدرالية الذي يمثل هدفا استراتيجيا ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي يوظف في سبيله كل المواقف المرحلية والتحالفات والتوازنات الراهنة”.
أطماع بثروات حضرموت
وعلى أثر الأطماع بثروات حضرموت يسعى ما يسمى الانتقالي بكل ثقله وبدعم إماراتي للاستحواذ على المحافظة، حيث يستخدم كل وسائل المراوغة، تحت مزاعم أن تكون لسم الدولة الجنوبية باسم دولة “حضرموت”.
ومنذ قيام الوحدة، اقتصاديا فغذت حضرموت -مع بقية المحافظات الشرقية- ميزانية دولة الوحدة بأكثر من 80% من الثروة، كان أبرزها النفط والغاز والذهب و80% من موارد الدولة، إلا أن الفساد وسياسة التبعية والاقصاء والتهميش والمناطقية التي لحقت بمحافظة حضرموت كغيرها من المناطق الشرقية للبلاد في عهد نظام الوحدة؛ نتيجة للإدارة الخاطئة للمرحلة حيث لن يمنح ذلك المحافظة حقها من الاهتمام والخدمات، وهو ما عبر عنه القيادي الحضرمي وعضو ما يسمى مجلس الشورى صلاح باتيس في تصريح سابق لـ “لموقع بوست”.
وقال باتيس “نحن في حضرموت وشبوة او المهرة مناطق النفط والغاز، يذهب هذا النفط ولا ندري أين عوائده، وليس هناك وضوح في مصروفات الدولة، ولا مواردها ولا ترشيد لنفقاتها ولم يكن هناك مصداقية وشفافية لإدارة هذه الثروة”.
وأضاف “رغم أن المحافظات الشرقية تمثل حوالي 64% من مساحة اليمن (شبوة ـ حضرموت ـ المهرة ـ سقطرى) و80% من الثروة، ولها سبعة مطارات، وخمسة موانئ استراتيجية، وثلاث منافذ دولية، و 80% من موارد الدولة ومع ذلك فوضع حضرموت والمجتمع الشرقي بشكل عام مأساوي، فمنظومة الخدمات لهذه المحافظات تكاد تكون معدومة، وشبة منهارة ورواتب معدومة وجرحى بلا علاج وغيره”.
في الختام يمكن القول إن الشارع اليمني يحبس أنفاسه جراء التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة الحضرمية، وعلى رأسها التهديدات النارية باجتياح حضرموت من قبل الفصائل المسلحة التي تقودها أبوظبي في المحافظات الشرقية اليمنية.
ويرى مراقبون ومهتمون بالشأن اليمني، في تلك التطورات تغيير جذرياً في سير استراتيجية الحرب التي تشنها دول التحالف على اليمن، وعلى وجه الخصوص الإمارات بما يحقق لها أجندتها الاستعمارية التي فشلت آلتها العسكرية ووكلاؤها المحليون في تحقيقها طوال 9 سنوات مضت.
وتبدو حضرموت جراء تلك التطورات الخطيرة وكأنها “برميل بارود” على وشك الانفجار بين حلفاء أبوظبي وحلفاء الرياض في اليمن، فكل القوى الإقليمية والدولية والجماعات المسلحة الموالية للحليفين اللدودين السعودية والإمارات، تتهيأ كلها لصراعٍ دموي لا مثيل له والذي كما يبدو أنه متشعب، على كل الجوانب العسكرية والاقتصادية والعرقية والمناطقية.
* المصدر: الوقت التحليلي