أطماع الاحتلال يطيح بالمحافظات الجنوبية ويتجه بها نحو المجهول
Share
أطماع الاحتلال يطيح بالمحافظات الجنوبية ويتجه بها نحو المجهول
الحقيقة /تقرير/ عبدالله الحنبصي
ليست الأزمة الاقتصادية الناتجة عن التدهور الحاد في سعر صرف العملة المطبوعة دون غطاء في المحافظات الجنوبية هي المعضلة الوحيدة التي يعاني منها أبناء تلك المحافظات، فهناك الكثير من المعضلات التي يمر بها الجنوب منها محاولة تأسيس عاصمة ثالثة في حضرموت والزيارات الإسرائيلية لسقطرى .
في العام ٢٠١٦ ، حاولت دول العدوان ايهام المواطنين في الجنوب المحتل انها ستنتقل بهم الى مستويات عالية من الرفاهية من خلال إيرادات الدولة التي سطت عليها من إيرادات النفط والغاز والرسوم الضريبية والجمركية ورسوم الخدمات ، ظناً منها ايضا انها ستضيق الخناق على صنعاء .
وقد بدأ مخطط العدوان في الحرب الاقتصادية من خلال نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء ومن ثم قطع مرتبات الموظفين تلاها طباعة تريليونات الريالات دون غطاء بهدف ضرب ما تبقى من استقرار لسعر صرف.. إلا أن كل خطوات الحرب الاقتصادية التي استخدمها تحالف العدوان لم تحقق اي اهداف بل انعكست على واقع المناطق الخاضعة لسيطرتهم ، حيث يجرى قطع رواتب الموظفين في الجنوب لعدة أشهر فيما وصلت تكاليف شراء ٥٠ كيلو من القمح الى ٤٨ الف ريال ناهيك عن الانقطاعات للتيار الكهرباء لأكثر من نصف يوم.
واليوم تتجه حكومة المرتزقة لمصادر تضخمية لمواجهة العجز العام الذي تعيشه عبر طباعة المزيد من العملة أو بيع المزيد من الامتيازات لشركات معادية او بيع ما تبقى من سيادة واستقلال اليمن لدول العدوان .
اسرائيل في سقطرى
ومن القضايا الهامة التي يعاني منها الجنوب في ظل وجود المحتل الامريكي والبريطاني والسعودي والاماراتي تشير المعلومات الواردة من الجنوب الى تصاعد النشاط العسكري والاستخباراتي الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي في عدة محافظات منها جزيرة سقطرى التي وصلت اليها عدة رحلات للطيران الإماراتي على متنها صهاينة قادمون من الكيان الاسرائيلي.
ووفقا لتقارير اعلامية دولية فقد توصل الكيان الصهيوني والإمارات إلى اتفاق لتشارك السيطرة على الجزيرة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو بغرض توسيع عملياتهم الاستخباراتية العسكرية المشتركة في مطار سقطرى الأكبر في الجزيرة.
ونقلت التقارير عن مصادر مطلعة أن مؤسسة “خليفة” الإماراتية والهلال الأحمر الإماراتي أبرمتا عقدًا مع الشركات الإسرائيلية “يوسي أبراهام” و”ميفرام” لتوسيع مطار “حديبو” الذي تستخدمه الإمارات والقوات الأمنية الإسرائيلية في عمليات الاستخبارات البحرية والجوية.
وقال الباحث “روهان أدفاني” من مركز الدراسات “ذا سينشري فونديشن” أن الإمارات تسعى لضم سقطرى إلى 78 من محطاتها التشغيلية البحرية والموجودة على الجزر التي تمتلكها في 40 دولة، عبر 6 قارات.
وتمنح الشراكة الأمنية بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والإمارات فرصة هائلة لتل أبيب تتمثل في عمليات مراقبة وقدرات غير مسبوقة خارج حدودها في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وهذا غالبًا ما دفع رئيس وزراء العدو الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” الى القول ان محمد بن زايد اعظم زعيم فيما لم يعد من المستغرب أن يرى “محمد بن زايد” إسرائيل أفضل شريك استراتيجي لبلاده، فهو لا يحصل بهذا على تحالف فقط مع القوة العسكرية في المنطقة بل ويثبت أنه الشرطي الوفي لواشنطن في المنطقة.
وقبل عدة اعوام كشف موقع jforum (المنتدى اليهودي) الفرنسي أن الإمارات وفرت موطئ قدم للعدو الإسرائيلي في اليمن عبر جزيرة سقطرى اليمنية الإستراتيجية، لإنشاء مرافق عسكرية واستخباراتية هناك.
وأضاف الموقع أن هذه المواقع ستخصص لرصد تحركات البحرية الإيرانية في المنطقة، وتحليل الحركة البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر.
ولفت الموقع إلى أن إنشاء العدو الإسرائيلي قواعد استخباراتية في جزيرة سقطرى اليمنية بالتعاون مع الإمارات يأتي ضمن تعاون سري مستمر منذ عدة أعوام، ومن بين أهدافه مراقبة تحركات صنعاء والسيطرة على الملاحة البحرية في المنطقة.
وأشار إلى إن العدو الإسرائيلي بدأت منذ 2016 في بناء أكبر قاعدة استخبارات في حوض البحر الأحمر في جبل أمباساريا الواقع في إريتريا في المنطقة الإستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب.
وبحسب الموقع، تقوم إسرائيل والإمارات بكافة الاستعدادات اللوجستية لإنشاء قواعد استخباراتية لجمع المعلومات في جميع أنحاء خليج عدن من باب المندب وصولا إلى جزيرة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارات.
وعلى هذا النحو، فإن الضم الإماراتي الإسرائيلي لسقطرى هو النصر العسكري الاستراتيجي الأكثر أهمية في المنطقة منذ انتصار العدو الإسرائيلي على الانظمة العربية في عام 1967.
وامام هذه الاطماع والمخططات سبق وان وجهت وزارة السياحة في صنعاء تحذيرات بقولها ان الأمر “مخالف للقانون الدولي، كون جزيرة سقطرى يمنية ومحتلة من جانب دول التحالف السعودي”، مشيرة إلى أن “نقل الأفواج الإسرائيلية إلى سقطرى يكشف مخططات دويلة الإمارات في تنفيذ الأجندة الصهيونية للسيطرة على الجزر اليمنية، في إطار خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني”.
كما اكدت صنعاء أن الممارسات الإجرامية للمحتل السعودي الإماراتي في الجزر اليمنية، تمَسّ مباشَرة الأمن القومي لليمن والمنطقة، محذرة أن صبر الشعب اليمني لن يطول أمام الانتهاكات في الجزر اليمنية.
واستنكر المتحدث الرسمي باسم الحراك الجنوبي الدكتور عبدالله النعماني، في سلسلة تغريدات على “تويتر” تواصل أنشطة إسرائيل المشبوهة في جزيرة سقطرى بالتنسيق مع دويلة الإمارات، مشيرا الى أن السلطات الإماراتية منحت مؤخراً تأشيرات جديدة للعشرات من الإسرائيليين إلى الجزيرة، بالتزامن مع وصول عدد من اخر على متن طائرة إماراتية إلى مطار سقطرى.
المشهد في حضرموت
ومن سقطرى الى حضرموت ، لا يبدو الامر مختلفا ان لم يكن اشد خطورة سيما في ظل المؤشرات التي توحي الى وجود مخطط سعودي لتقسيم المقسم حيث يعتقد النظام السعودي أن لديه فرصة سانحة لتسوية الوضع في جنوب اليمن مع الامارات، من خلال تأسيس دولة حضرمية .
واذا كانت السعودية قد تمكنت في العام 2017م من ابتلاع 42.000كم مربع من الأراضي اليمنية في محافظة حضرموت فانه لم يعد معسكر “الخراخير” أو “الخرخير” — كما سمته الرياض في صحراء الربع الخالي — الحد الفاصل بين اليمن والسعودية وفق معاهدة جدة عام 2000م، واصبحت الرياض على بعد بضعة كيلو مترات حتى يكون لها منفذ إلى بحر العرب.
واليوم استدعت سلطات ابن سلمان ما تسمى المكونات الحضرمية إلى الرياض، وشهدت قاعات فندق «فوكو» في الرياض، نقاشات واسعة بين عدد من المكوّنات الحضرمية، تركّزت حول رؤية هذه الأخيرة لمستقبل حضرموت، وسط دعوات إلى اعتمادها إقليماً مؤقّتاً في إطار «دولة اتحادية»، وصولاً إلى إعلانها «دولة مستقلة» كما تخطط له السعودية.
حتى المشاورات، التي عرفت بمشاورات الرياض الحضرمية، انتهت بصورة غامضة، دون أن تسفر عنها نتائج كان من المقرر أن تُبلور موقفاً حضرمياً بشأن مستقبل المحافظة الأكبر مساحة على مستوى اليمن، والتي تتوفر على حقول نفط وموانئ تصدير للنفط، ومكون ديموغرافي كبير قياساً ببقية محافظات جنوب وشرق اليمن المحتلة.
وبحسب مصادر مطلعة ، فإن تلك المكوّنات أقرّت تشكيل وفد للمشاركة في أيّ مفاوضات خاصة بالحلّ الشامل لما سمته الأزمة، ومن ضمن الترتيبات العسكرية التي طالبت بسرعة تنفيذها، مغادرة ما تسمى «قوات المنطقة العسكرية الأولى»، الموالية لحزب الاصلاح من مديريات وادي حضرموت، وكذلك ما تسمى قوات «النخبة الحضرمية»، التابعة لانتقالي الإمارات التي طالبتها بالخروج من مديريات الساحل، لتحل محلها ما تسمى «قوات درع الوطن»، الموالية للنظام السعودي، فضلاً عن تجنيد الآلاف من أبناء حضرموت للمهام الأمنية في المحافظة، ومنح الأخيرة 50% من عائدات ثرواتها النفطية.
وأشارت المصادر إلى أن قيادات سياسية وعسكرية تنحدر من حضرموت استُدعيت من عدد من الدول العربية للتوقيع على مخرجات اللقاءات التشاورية الأخيرة، والتي تسعى الرياض من ورائها إلى تعزيز حضورها العسكري في المحافظة النفطية.
انهيار وفساد
ومن اجل التغطية على تلك التحركات المشبوهة عمدت دول تحالف العدوان الى تأزيم الاوضاع الاقتصادية والصحية والاجتماعية والعسكرية والامنية في باقي المحافظات، حيث يظهر اليوم ان المشكلة الاكبر تتمثل في انهيار العملة جراء انعدام السيولة من العملات الصعبة، سيما بعد أن وصل سعر الصرف الى ١4٠٠ ريال للدولار الواحد ومن المتوقع ارتفاعه الى أكثر من 1500 ريال.
ويضاعف انهيار العملة في معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في حالة عجز عن توفير أدنى متطلبات الحياة المعيشية وزاد من ذلك التدهور المتواصل في خدمات الكهرباء في عدن والمحافظات الساحلية التي يعاني سكانها من ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى حدود ٤٢ و٤٥ درجة مئوية في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في الليل والنهار وسط عجز حكومة المرتزقة عن توفير الوقود الذي يجري تهريبه للخارج.
وتزيد مشاكل انقطاع التيار الكهربائي من مضاعفة وطأة حياة المواطنين في الكثير من المحافظات، في مقدمتها عدن ومحافظتا لحج وابين لاسيما في فصل الصيف، حيث يتضاعف معدلات استهلاك الخدمة، مقابل ارتفاع معدل الضغط والاحمال على محطات التوليد الكهربائي، وانخفاض مستوى المعالجة للخدمة لأسباب كثيرة.
ويذكر تقرير صادر عن حكومة المرتزقة منتصف مايو 2023، أن المبالغ المحصلة من الموارد العامة المشتركة العام الماضي 2022 بلغت 28 ملياراً و27 مليون ريال، وبزيادة عن الربط التقديري للعام ذاته بمبلغ 5 مليارات و163 مليون ريال، وبنسبة زيادة تقدر بحوالي 23% عن المحصل في الفترة المقابلة من العام المالي 2021، والذي بلغ 8 مليارات و659 مليون ريال، وبنسبة زيادة 54%.
لكن التقرير اعترف بوجود فساد واختلالات واسعة بفعل سياسات حكومة المرتزقة، والتداول النقدي للعملات المزيفة، وتكريس النقاط المنتشرة على الطرقات وهو ما يهدد ابناء الجنوب، لكنه يتيح لدول الاحتلال فرض واقع جديد يتناسل مع اطماعها.