أسباب تقف وراء نجاح صفقة تبادل الأسرى الأكبر في اليمن
ابراهيم الوادعي
بنجاح انتهت ظهر الجمعة أكبر عملية تبادل أسرى منذ بداية العدوان على اليمن مارس 2015م، وقضت في مراحلها بإطلاق 1081 أسيرا وإعادة عشرات العالقين والجرحى، وشملت الصفقة الأكبر تحرير 672 من أسرى الجيش واللجان الشعبية مقابل إطلاق 15 عشر أسير سعوديا و4 سودانيين وجاسوسين أمريكيين سلما في اليوم السابق للعملية مقابل السماح لمئات العالقين والجرحى منذ ما يزيد عن عام بالعودة إلى صنعاء والولوج إلى باقي مراحل الصفقة الخميس والجمعة، و400 أسير للمرتزقة يتبعون لأطراف متعددة.
وبالعودة إلى اليمن فإن صفقة الأسرى التي شهدها اليمن بالأمس كان مقررا أن تتم في يناير 2019 م لكن تعدد الأطراف المقابلة لصنعاء وتضارب مصالحها من حيث ارتباطاتها بالخارج أعاق تنفيذها رغم استكمال الصليب الأحمر وإعلانه من صنعاء فبراير 2019م أن الإجراءات اللوجستية قد تمت من حيث تجهيز الطائرات واستكمال نشر الفرق الفنية على الأرض ومركزيا والتحضير لعمليات التحقق من الأسرى، لكن الصفقة حينها أجهضت في اللحظات الأخيرة.
وإقليميا يمكن اعتبار صفقة الأسرى الناجحة الأكثر تعقيدا بين العمليات السابقة مع المحور الأمريكي الصهيوني والصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه في المنطقة، رئيس لجنة شئون الأسرى عبد القادر المرتضى تحدث عن ذلك بوضوح وعن إشكاليات وضعت في طريق انجازها، ولم تتوقف تلك العراقيل حتى قبيل إقلاع الطائرات، حيث جرى إنزال 10 أسرى من على متن طائرة قبيل إقلاعها، ولإنجاح الصفقة اضطرت صنعاء إلى استبقاء 10 أسرى في المقابل لديها والسماح للصفقة بالمرور.
يعود توزيع الصفقة على مدى يومين كذلك إلى تعدد أطراف ما يسمى الشرعية فالإخوان ومن يرتبطون بالطرف السعودي استقبلوا أسراهم في خميس مشيط وسيئون حضرموت الخميس، فيما استقبلت الأطراف السلفية والجنوبية المرتبطة بالإمارات أسراها في عدن الجمعة.
بعد سنوات من الفشل الأممي ثمة نقطة إيجابية تسجل للأمم المتحدة ولمبعوثيها إلى اليمن، فعديد مرات الفشل تقابلها عشرات الصفقات المحلية الناجحة مع أطراف محلية داخل التحالف وحتى مع الطرف السعودي، فالكل يمتلك أجندته ومصالحه وسجونه ومموليه وما يجمعه فقط مع الأطراف الأخرى المال السعودي أو الإماراتي والتبعية للمحور الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
وبالإجابة عن السؤال لماذا نجحت الصفقة الكبيرة في أكتوبر 2020م وفشلت في فبراير 2019م فيمكن إرجاع ذلك إلى جملة أسباب جلها ميدانية، حيث تبدلت موازين القوى على الأرض كثيرا منذ نهاية 2019م عملية “نصر من الله”، وفبراير وحتى مايو 2020م عملية “البنيان المرصوص” و”أمكن منهم” واللتين قلبتا موازين المعركة وغيرتا معادلات الميدان، وصولا إلى تطويق مدينة مأرب معقل التحالف الأخير في شمال شرق اليمن.
وسياسيا فإن حاجة التحالف ومن خلفهما الإخوان المسلمون إلى تهدئة لالتقاط الانفاس في مأرب مثل أحد الأسباب المباشرة كذلك في إنجاح الصفقة يضاف إليها وجود الأسرى السعوديين والأمريكيين وهو الكرت الذي تحتفظ به صنعاء لإنجاح صفقات مستقبلية وصولا إلى الكل مقابل الكل، ولا يعلم كم تحتفظ صنعاء في جعبتها من أسرى نوعيين لكن مصادر في لجنة الأسرى تؤكد وجود أسرى أجانب لدى صنعاء.
صفقة الأمس يمكن أن تؤسس لبناء الثقة في هذا الملف الإنساني وصولا إلى الهدف النهائي وهو الكل مقابل الكل، وهو الأمر الذي ينشده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة ويعرقله الطرف الأمريكي حتى اللحظة وترضخ له جماعات المرتزقة رغم كون الملف إنساني وغالبية الأسرى الساحقة يمنيين وعرب.
ثمة سبب حيوي ومعركة تدار حاليا في الخفاء تجلت ثمراتها في إنجاز هذه الصفقة وعكست نمو وقوة ذراع صنعاء الاستخباري بحيث تمكن من إسقاط جواسيس أمريكيين وربما آخرين وإدارة معركة يلعبها عادة الكبار، وباتت تكسب فيها صنعاء نقاطا مع التحالف تجبره على تحقيق انفراجات في ملفات شتى، الملف الإنساني أحداها.