أساليب المنهجية القرآنية..( الترغيب والترهيب).للباحث يحيى المحطوري

 

أساليب المنهجية القرآنية ..الترغيب والترهيب..1..
الترغيب والترهيب بالأسلوب القرآني
تحدث الشهيد القائد رضوان الله عليه ، عن أسلوب الترغيب والترهيب وأهميته في التأثير النفسي ،
وقد أكد على ضرورة اعتماد الأسلوب القرآني ، وأهمية النص القرآني في مجال التوجيه والوعظ والإرشاد:
حيث يقول في هذا السياق:
لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ
هذه المهمة الرئيسية،
وأحياناً تأتي العبارات مختلفة في بعض الآيات، أحياناً يقول: بَشِيراً وَنَذِيراً
وأحياناً يأتي بشكل آخر.
هنا تجد في السورة أشياء كثيرة مما تعتبر نُذُر، عندما يسرد قصصاً بدءاً من آدم، ثم نوح، ومِن بعد نوح، أليس هذا يعني أن السورة هذه مليئة بالإنذارات، والحديث عن جهنم، الحديث عما سيقول أهل النار، ما سيقول المكذبون بآيات الله، والمستكبرون عنها، فهي مليئة بالإنذارات،
والقرآن هذا هو نذير وبشير وهدى وتشريع، كل شيء داخله، كل شيء فيه تربية
تجد أن الموضوع كله يتمحور حول الكتاب، حركة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) مهمته تتمثل في هذا الكتاب، كتاب أنزل إليك تتحرك على أساس هذا الكتاب؛ لتنذر به، أليس هكذا الآية واضحة: لِتُنْذِرَ بِهِ ؟.
هذه للأسف مما غيبت في تاريخ المسلمين، وقدموا الإنذارات بطرق أخرى لم تترك أثراً إيجابياً، بل تركت آثاراً سلبية
مثلما نقول كثيراً حول ما تتضمنه كتب الترغيب والترهيب،
أن من المهام الرئيسية للقرآن الكريم هو الإنذار به،
مهمة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن ينذر الناس به،
وهو من جهة نفسه إنسان بليغ،
إنسان قدير على التحدث،
لكن يجب أن يتحرك في إطار هذا القرآن، فينذر به؛
لأن القرآن هو أبلغ موعظة؛
ولهذا قال الله فيه في آية أخرى:
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
ويقول أيضا:
فالإنذار من القرآن الكريم هو الشيء الأساسي،
الإنذار من القرآن الكريم هو الشيء الذي له إيجابية كبيرة جداً، ولا يحصل معه سلبيات؛ لأنه يشدك في نفس الوقت إلى الله سبحانه وتعالى.
جاء بكلام كثير حول يوم القيامة لكن أليس هو يذكر فيه أنه الذي سيجمع الناس، سيحشر الناس، سينبئهم بما كانوا يعملون، أنه هو الذي سيجازي، أنه هو الذي سيدخل من أدخل الجنة، وسيدخل من أدخل النار، أليس هو ينسب الأشياء هذه كلها إليه؛
لأن لا تنظر إليها منفصلة عنه.
وموضوع واسع جداً في القرآن،
موضوع الترغيب والترهيب،
موضوع واسع جداً، لا نحتاج معه إلى الأشياء الأخرى، تصفية قلوب، وإرشاد قلوب، وأشياء من هذه، وعناوين أخرى، ما نحتاج إليها.
هذا الذي يُصفِّي القلوب حقيقة،
القرآن،
ويعرف الإنسان من خلاله كيف يكون توجهه، كيف تكون نظرته،
كثير ممن قرؤوا كتب الترغيب والترهيب تراه ما عنده توجه أنه مثلاً يجاهد في سبيل الله؛
لأنه ماذا؟
قد هناك حسنات كثيرة، يغرف واحد كما يريد دون أن يحاول أن يدخل نفسه في موضوع فيه مصاعب، وفيه خوف، وفيه سجون، وربما فيه قتل.
إذاً هذه النظرة،
وهذا الموقف موقف من؟
موقف من نفسيته فعلاً منفصلة عن الله،
قدم له الموضوع مجرداً هناك لوحده،
هناك نار،
وهناك حسنات
خذ لك كمّا تريد حسنات وستسير إلى الجنة، والنار تسلمها!
لو أن الموضوع قدم على النحو الذي قدم في القرآن لكان الإنسان – وهو متوجه إلى الله سبحانه وتعالى – يحرص على أن يعمل الشيء الذي فيه رضاه مهما بدا شاقاً أمامه،
فلماذا –
مع أنهم قد قرؤوا أشياء كثيرة عن جهنم – لا يأتي لديه انطلاقة لأن يجاهد في سبيل الله ولو ضحى بنفسه،
لا أعتقد أنه يوجد أحد ممن قرؤوا إلا وهم يقرؤون كتب ترغيب وترهيب بدءاً من [كنز الرشاد] و[شرح كنز الرشاد] و[تصفية القلوب] وكتب أخرى.
إذاً فهذه القاعدة المهمة: أن الله قال لنبيه (صلوات الله عليه وعلى آله):
كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ،
ثم يذكر بعد لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ،
وليكون ذكرى للمؤمنين، تنذر به وتذكِّر به.
ويقول أيضا :
[القرآن هو أهم مصدر لمعرفة الله سبحانه وتعالى] وهذا هو رأي [الإمام القاسم بن محمد] الذي نقله عنه مؤلف شرح الأساس الكبير الشرفي
بعد أن حصل حديث وخلاف حول
هل يصح الإستدلال على معرفة الله بالآيات القرآنية أم لا؟
فاختلفوا، بعضهم قال: بالآيات المثيرة، وبعضهم قال: بها مطلقا،
.
.
.
قال:
(القرآن هو أهم مصدر لمعرفة الله، ومن لم يقل بذلك أو أنكر ذلك فقد رد قول الله تعالى:
هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
أليست هذه غايات أربع مهمة؟
لا تستطيع أن تحصل عليها إلا من خلال القرآن الكريم؟
وإذا ما رأيت نفسك أنك حصلت على شيء منها بالاعتماد على مصادر أخرى فإنما هي نسبة ضئيلة ربما قد يترافق معها من السلبيات أكثر من الإيجابيات.

 

أساليب المنهجية القرآنية ..الترغيب والترهيب..2..
الأخطاء الثقافية في مجال الترغيب والترهيب
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:
حصل عدول عن القرآن الكريم في موضوع ما نسميه المواعظ،
ترهيب وترغيب
إلى كتب أخرى مليئة بحكايات عملها ناس، مليئة بأحاديث لم يدققوا حتى في أسانيدها باعتراف أهل هذا الفن،
أنهم يقولون أنهم لا يتقصون في أسانيد أحاديث الترغيب والترهيب على أساس أنها ستترك [أثر باهر]،
ترغب الناس في طاعة الله، وتخوفهم من عذاب الله، ويحصل عند واحد خوف من أن يدخل في معصية، وأشياء من هذه،
لكن
قدموا مفاهيم أخرى رهيبة جداً،
نظرة إلى الدين قاصرة جداً،
نظرة إلى الحياة هذه،
نظرة إلى الحياة الآخرة،
نظرة إلى الإنسان، دوره في هذه الحياة،
نظرة قاصرة جداً، ومتنافية مع ما يريد القرآن الكريم أن يتركه في نفوس الناس من أثر.
بل قُدم من خلالها موضوع الخشية بشكل آخر، غير الخشية في القرآن.
في القرآن يتركز موضوع الخشية: أن الخشية من الله، من الله،
فيأتي إلى آيات كثيرة جداً تتحدث عن معرفة الله سبحانه وتعالى؛ ليعرفه الإنسان فيخشاه، في الوقت الذي يحبه ويجله ويقدسه ويعظمه.
في كتب الترغيب والترهيب قدم موضوع آخر هو الخشية من النار،
وهناك فارق كبير في الموضوع،
هناك فارق كبير جداً،
أنه ممكن يحصل عندك خشية من النار من خلال هذا المنطق الذي يرسخ لديك موضوع النار، النار فقط دون أن يقدم في نفسك ما يجعلك تخشى الله هو؛
ولهذا جاء في آية أخرى:
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
يعني: العارفين به،
فيأتي موضوع النار بكله، موضوع آيات الوعد والوعيد، إنما هي جزء من موضوع معرفة الله، لتخشى الله باعتبار أنه هو الذي بيده الجنة، وبيده النار.
وعندما تكون أنت متوجه إلى الله سبحانه وتعالى، متوجه إليه، وتعرفه، ما تحصل القضية فقط مجرد خشية،
بل يأتي أيضاً حب له، وتعظيم له، وحرص على رضاه؛
فيكون تعاملك معه، في الحالة هذه ستحصل تلقائياً على ما يقيك من النار.
ويقول أيضا:
الإنسان بطبيعته إذا خُوِف بشيء يخاف، إذا خوف بجهنم،
ولجانب جهنم دور كبير جداً في التخويف،
لكن
لم يقدم موضوع التخويف بجهنم مجرداً عن موضوع ربط الإنسان بالله؛
ولهذا قلنا:
إنه مما تميز به القرآن الكريم أنه يقدم آيات الوعيد في إطار عملي،
هذه التوجيهات العملية تأتي من جهة الله، ودائماً ترى السور فيها الكثير من الآيات التي تذكر ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى، ملكه، ألوهيته، علمه، قدرته، أشياء من هذه، هي آيات في معرفته.
.
.
.
فمن الآثار لآيات الوعد والوعيد هو ماذا؟ أن تعرف الله أنه هذا هو الله الذي بيده الجنة، بيده النار، بيده الثواب، بيده العقاب؛
فتتوجه أنت إليه، فتبحث عن رضاه، ويعظم في نفسك، هنا ستسير بطريقة صحيحة، وهو الشيء الرئيسي في القرآن الكريم.
ما قدمت آيات الترغيب والترهيب بمعزل عن آيات معرفة الله، وبمعزل عن التوجيهات العملية أبداً،
كتب الترغيب والترهيب في الغالب تقدمها هكذا بصورة مستقلة، حديث حول الجنة، وحديث حول النار هناك، لا يأتي في إطار الحديث حول الله سبحانه وتعالى، فتقدم ضمن معرفته؛
لأن من أسمائه سبحانه وتعالى – عندما نقرأ قول الله في سورة [الحشر]:
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ –
ألم يذكر هنا الجبار؟ – الْمُتَكَبِّرُ
من أسمائه: الجبار،
مما يذكره سبحانه وتعالى أنه ينتقم، أنه يبطش
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ،
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي
هنا أليس هو يقدم جهنم حقه؟
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيم؛
ليعظم في نفسك الله.
تخاف لعدة أشياء يقدمها، لكن يتوجه الخوف ممن؟ منه هو، تخشاه هو، هذه هي القاعدة الصحيحة؛
.
.
.
ولهذا نجد بأنه حصل من الأشياء التي تعتبر غريبة، في كتب الترغيب والترهيب
ترفق بأشياء في مجال الترغيب حسنات بكميات كبيرة جداً، فترى أشياء هناك تخيفك، جهنم، وترى هناك كميات كبيرة من الحسنات،
ترى بأنه يمكن أنك تمشي في هذه تجمِّعها وتصرف عنك جهنم، وإذا أنت ذهنك يدور بين النار، والنار هي خطيرة، وكل إنسان يخاف منها، وهناك كميات كبيرة حسنات من أعمال معينة،
تكاد تكون في ذهنيتك مفصول عن الله،
مع أن هذه الآية لاحظ
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ،
أليس هو هنا يذكر نفسه، يتحدث عن نفسه،
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ.

 

 

أساليب المنهجية القرآنية..الترغيب والترهيب..3..
ربط الترغيب والترهيب بالتوجيهات العملية .
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:
لأننا نقول: لا يوجد في دين الله – على حسب ما نفهم – أشياء إعتقادية بحتة،
كلها إعتقادات تتحول إلى عمل،
كل الدين عمل،
كله عمل حتى توحيده هو في الأخير دفعة عملية في اتجاه معين، توحيد الله سبحانه وتعالى وهكذا،
ما هناك أشياء إعتقاد لمجرد الاعتقاد
حتى الإيمان باليوم الآخر، الإيمان باليوم الآخر أليست تعتبر قضية إيمانية يعتقدها؟
لكن لها أثر عملي هو: أنك هنا تلتزم؛ لأن هناك الآخرة قدمت بالشكل الذي يدفعك إلى الإلتزام هنا،
الترغيب على أعلى مستوى, والتخويف على أعلى مستوى، الترغيب والتخويف هو ماذا؟
يعطي دفعة عملية هنا، إستقامة هنا
ستنتهي الاعتقادات كلها إلى عمل.
ويقول أيضا:
ورد ذكر الجنة والنار تقريباً في القرآن كله في مجال عملي.
إذاً فهذا أسلوب يجب أن لا نغفله ويجب أن نعرف كيف نعمل فيه،
أي لا يكون حديثك دائماً لا تتعرض فيه لليوم الآخر، ولا للجنة والنار، ولا تذكير بأهوال القيامة، ولا شيء من هذا،
ولا أن تقدمه مجرداً عن توجيه عملي.
وفي ذات السياق
يتحدث عن أهمية التركيز على معرفة سلوك الفئة المخاطبة وتخويفها بعاقبة سلوكها وربط التهديد بالسلوك كمنهجية قرآنية في تقديم الوعد والوعيد:
فيأتي التهديد هنا في الأخير شامل لكل من يفترون على الله، ولا ينفعهم أي شيء
وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
هنا لاحظ أنه في موضوع التخويف،
أن تركز على أن تعرف الفئة التي تتحدث معها، ما هو أسلوبها؟
لتخوفها بعاقبة أسلوبها،
وهذا في القرآن واسع جداً، أن يقدم الوعد والوعيد في هذا الإطار العملي، ويتناول في نفس صيغ العبارات بالشكل الذي ماذا؟
له علاقة بتلك الفئة التي يتهددها، التي توعدها بهذا العذاب، أهل الكتاب يفترون على الله، يأتي بوعيد يذكر فيه أنه سيقال لهم يوم القيامة:
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
هكذا بقية المواضيع.
.
.
.
ويقول أيضا :
الترغيب هنا يأتي على مستوى عالي
أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً
أنواع متعددة إلى درجة أن بعضها متشابه من كثرة الأصناف خاصة الفواكه بعضها تكون متشابهة – تقريباً – في النوع أو في الشكل أو في كذا…، ومختلفة في أشياء كثيرة، في ذوقها، وفي فوائدها
وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
هذا مما يعجب الإنسان كمخلوق، يعجبه الأشياء الماديات؛ ولهذا أن الله جعل الجنة أرقى الماديات التي يتصورها الإنسان، أرقى نعيم مادي:
جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن، أزواج، وخلود فيها… إلى آخره،
أليس هذا يعتبر أرقى نعيم مادي؟
إذاً هنا لو نلحظ بأن الله سبحانه وتعالى – فيما يتعلق بهذه الدنيا – لو لم يقدم أشياء مرغبة في الدنيا هذه، من الناحية التربوية سيكون تقصيراً؛
لأنه يقول عن الإنسان بأن الإنسان – بطبيعته – يحب العاجلة، أن الإنسان يحب الخير هنا،
هنا، الشيء الطبيعي أن يقول له:
أنه حتى هنا في الدنيا، هنا في الدنيا عندما تستقيم، عندما تسير على الطريقة التي رسمها الله سبحانه وتعالى يحصل لك الخير، ويحصل لك البركة، وتحصل النعم، ويحصل، ويحصل، ويحصل…
أشياء كثيرة من الماديات والمعنويات.
إذاً
فمعنى هذا من الناحية المنهجية عندما نرغب الناس في طاعة الله، في عبادة الله، في الإستقامة على طريقه نرغب في الموضوعين؛
لأن هذا وارد في القرآن ورد في القرآن وهذا هو الشيء الطبيعي والشيء الصحيح فعلاً،
كيف يمكن أن يقول عن الإنسان بأنه يحب الخير ويحب العاجل يريد شيئاً أمامه
ثم يأتي هو ليقول لك تتحدث عن الجنة فقط على طول على طول!
تحدث عن الجنة وتحدث عما يحصل في الدنيا وقدم للإنسان المسألة بأنها حياة واحدة بالنسبة له
إنما هذه تعتبر لحظة من الحياة الأبدية لأن الإنسان من أول ما يخلق هو يخلق للأبد يخلق لحياة أبدية إنما يمر بمرحلة هذه حياة أولى بعدها يموت ثم يستأنف الحياة الأبدية التي لا انتهاء لها.
إذاً فالمسألة بالنسبة لك هي حياة واحدة، هي حياة واحدة بالنسبة لك،
عندما تتحدث عن الجنة فقط على طول على طول والإنسان هنا هو يحب الخير ويحب العاجل وهو مرتبط أيضاً،
مرتبط هو في تكوينه في هذه الحياة مرتبط بماديات هذه الحياة
فمن الطبيعي من الناحية التربوية
أن يكون هنا يعجل، يعجل للناس شيئاً بسبب استقامتهم بسبب ثباتهم وسيرهم على هدي الله وطريقه، أن يعجل لهم –
وهذا حصل في القرآن الكريم بشكل واسع –
أعني:
أن القضية يجب أن تربط الناس تربطهم بأن سعادتهم في الدنيا في هذه الحياة متوقفة على أن يسيروا على هدي الله
وإلا فستطلع النتيجة في الأخير نتيجة سلبية كبيرة،
فسيعتبر الدين هذا ليس له قيمة
هو مشغول؛
ولهذا ظهر في الناس أنه ما هناك اهتمام بأن يعملوا للدين هذا، لإعلاء كلمته لسيادة أحكامه لسيادة توجيهاته، لا يوجد هذا الإهتمام!!
فمتى ما أراد أن يتحرك للدين فإنه يعتبره موضوعاً ثانوياً والحياة هنا وهو مرتبط بالحياة وشؤونه وأعماله وحاجاته ومعه عمل ومعه كذا..
وليس متفرغاً لك!.
هذا من نتائج أن الإنسان لم يقل له ولم يترسخ في ذهنيته هذا الأسلوب القرآني:
أن حياتك هذه لا تستقيم, لا تستقر أبداً لا مادياً ولا معنوياً إلا عندما تكون تسير على هدي الله،
أربط حياته بالدين؛
ليصبح الدين عنده بالشكل الذي يهتم به كما يهتم بالحياة نفسها
لماذا – مثلاً – عندما نأتي إلى الكثير من الناس نقول له: دين الله، ونقول: نتعاون من أجل عمل ديني يعتبره عملاً هامشياً ثانوياً.. هو مشغول بأشياء أخرى من شؤونه!.
إذاً معنى هذا أنه عندما نجد هذه حالة موجودة عند الناس، وجود سلبية كبيرة تقعدهم عن العمل لدين الله
يجب أن نركز على هذا الأسلوب،
عندما نركز على هذا الأسلوب نحذر، نحذر أن نربط المسألة في ذهنية الإنسان مادية بحتة،
شده إلى الله ومن الله،
هذا أسلوب قرآني:
[نحن إذا استقمنا على طريقة الله فالله هو…]؛
ولهذا جاء هذا الأسلوب في كلام نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً
لا تقل للناس اعملوا كذا وستحصلون على كذا وتحصلون على كذا ويحصل لكم ويحصل لكم ويحصل… من العبارات هذه،
هنا ستترسخ عنده ذهنية المصلحة،
إذاً فممكن يأتي طرف آخر يقدم له: ويحصل، ويحصل، ويحصل… وينجرف إليه،
لا.
يجب أن نركز على هذه بأنه نستجيب لله، والله هو….
ولهذا قال: يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً
لم يقل: يحصل لكم ماء، ويحصل لكم أولاد، ويحصل لكم جنات، ويحصل لكم، ويحصل…
قال: وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً.
هذا أسلوب هام جداً مراعاته:
أن تذكر الناس بما يربط الدين بحياتهم، يربط حياتهم بالدين، وعلى هذا النحو؛
لتبقى الذهنية متجهة إلى الله،
وأن كل ما يحصل لهم إنما يحصل من جهة الله، ومن عند الله هنا ستربطهم بالله سبحانه وتعالى،
فهم لن يكونوا عرضة لأن يجرفهم طرف آخر يقدم لهم خدمات ومشاريع ومصالح من الأشياء هذه،
فيكون عندهم: إذاً فما دام المسألة أنه يحصل ويحصل فهذا سيعطي لنا فمع هذا!
لا،
تربطهم بالله وتقارن بين ما يقدمه الله سبحانه وتعالى للناس وبين ما يحصل عليه من الآخرين من ناحية تقديمه،
الآخرون لا يقدمون لك شيئاً إلا وهم يريدون ثمنه منك شيئاً هو يضر بك أنت
فيمكن يقدمون لك مصالح لكن هي في سبيل استعبادك أنت وإذلالك أنت وأن يأخذوا منك أنت أضعاف ما أعطوك،
هل هذه موجودة عند الله سبحانه وتعالى أنه يعطيك ليأخذ منك أضعافاً؟
لا،
بل العكس،
الدين الذي نزله الله للناس هم بحاجة إليه لاستقامة حياتهم، ووعدهم بأن يعطيهم المزيد؛ ولهذا يَعِدُ بأضعاف مضاعفة لمن أنفقوا في سبيله لمن استقاموا على طريقته يعطيهم خيراً بأضعاف مضاعفة، والخير الكبير الذي لا ينتهي: الجنة،
مع أن كان حاجتهم إلى هذا الدين في الدنيا هو يعتبر نعمة في حد ذاته، ومع هذا يعطيهم النعمة الكبيرة التي لا تنتهي أرقى نعيم وهي الجنة.
.
.

أساليب المنهجية القرآنية ..الترغيب والترهيب..4..
التخويف من الله ومن عقابه
وعدم الخوف من سواه
أكد الشهيد القائد رضوان الله عليه على ضرورة التركيز على التخويف من الله بالقرآن الكريم ..كمنهجية أساسية في الترهيب والوعيد والتهديد.. للتأثير النفسي على الإنسان لتصحيح مواقفه في الدنيا ليسلم عذاب الله وعقوباته في الدنيا والآخرة..
ومنها قوله:
وَذَكِّرْ بِهِ
أي:
ذكر بهذا الدين، ذكر بهذا القرآن، ذكر به الناس جميعاً
أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ
ليخاف كل إنسان أن يأتي في يوم من الأيام يصبح يسلم نفسه مقابل ما كسب من أعمال سيئة؛
لأن هذا معناه في الأخير:
أن الإنسان يسلم نفسه تماماً
تُبْسَلَ
أي تسلم تماماً مقابل ما كسبت فتودع في جهنم
لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ
إذا كانوا ربما في بعض الحالات، وقد يكون هو الشيء المتوقع، يجتمعون ليشربوا [وسكي] ويشربوا خمر، ويخوضوا في آيات الله، وسخرية من هذا
لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ
يذكرهم….
وهو يشرب ويسخر، كيف سيكون مصيره حتى ما يقابل ذلك الشراب يشرب حميماً يقطع أمعاءه.
وهذا من أساليب القرآن الكريم،
أليس كل مرة يذكر شيئاً فيما يتعلق بالجنة، أو بالنار؟
مقامع من حديد، ومرة يقول: شراب، ومرة يقول: حسرات، ومرة يقول كذا…
أي الحالات التي أنت هنا في الدنيا تمر بها، هناك ما يقابلها.
.
.
.
وفي سياق حديثه عن معنى:
الله أكبر
ينبه على خطورة الانشداد الى وعود اطراف أخرى.. بعيدا عن الله.. وعدم الخوف من تهديدها والانشداد فقط الى ما وعد الله به والخوف مما هدد به.. كمنهجية أساسية في الترغيب والترهيب..
وذلك في قوله:
عندما أصلي،
أذكار الصلاة نفسها، بدءاً من التكبير، أليس التكبير تعظيماً لله سبحانه وتعالى؟ وشهادة بأنه أكبر من كل ما حولي، ومن كل ما هو سواه،
[الله أكبر]
الله وحده هو أكبر من كل كبير، فأنا باعتباري عبدا لله سبحانه وتعالى أرسخ في نفسي، في مشاعري: أن الله أكبر من كل ما سواه.
كل من في هذه الدنيا،
أليس الطواغيت يحاولون أن يجعلوا أنفسهم كباراًً أمامنا؟
أليس أصحاب رؤوس الأموال يحاولون أن يجعلوا أنفسهم كباراً أمامنا؟
لكن
أنت إذا ما كنت مرتبطاً بالله سبحانه وتعالى، وتفهم ماذا تعني عندما تقول: [الله أكبر]
ستجد كل ما سواه صغيراً،
من يرغبك بشيء سوى الله تجد ما يمكن أن يقدمه لك صغيراً، صغير من صغير؛
لأن ما وعدني الله به، وهو الأكبر من كل كبير، فهو بالطبع سيكون أكبر مما سيقدمه لي أي طرف آخر.
ما يهددني به كبير من كبار الدنيا فيجعل نفسه كبيراً، ويهددني، ويتوعدني، هو صغير من صغير أمام الوعيد الشديد الذي توعدني به الله الكبير، الذي هو أكبر.
أليست الجنة نعيم أعظم من أي شيء في الدنيا؟ لأنها نعيم من؟ نعيم من أقول فيه أنه أكبر، الله أكبر، نعيمه هو أكبر من كل نعيم،
أليست جهنم هي أشد من كل عذاب يمتلكه الجن، والإنس؟ جهنم أوصافها عذاب أرقى وأشد وأفضع من أي عذاب لدى أي إنسان في الدنيا، من طواغيت الدنيا.
من يخوفني من طغاة الدنيا، من جبابرتها، بكبريائه، من هم أهل كبرياء وجبروت، يهددني بعذابه، يتوعدني بشره، أنت صغير أمام من هو أكبر، وأنت مقهور بمن أنا أقول فيه وأصلي له، وأقول فيه أنه أكبر، وكل ما تتوعدني به صغير أمام وعيد الأكبر الذي هو الله سبحانه وتعالى.
التكبيرة وحدها
تجعل كل شيء سوى الله صغيراً أمامك، هو وترغيبه وترهيبه.
نحن لو ننطلق على أساس فهمنا للتكبيرة وحدها لكانت كافية.
أليس الناس عندما لا يتحركون في مواجهة أهل الباطل، في مواجهة أعداء الله، في مواجهة المفسدين، في مواجهة اليهود والنصارى، ما الذي يخيفنا؟
أليس يخيفنا ما لديهم من شر، يخاف الإنسان القتل، يخاف التعذيب، يخاف التعب؟ أليس هذا هو ما يخيف الناس؟
لأننا في واقعنا نرى ما لدى الناس هو أكبر مما لدى الله؛
لأننا عندما نقول: الله أكبر، لسنا صادقين في واقعنا مع هذه الكلمة،
لا، بل كل شيء لدى الآخرين، الذين هم صغار، هو عندنا أكبر مما عند الله،
فنحن لا نحسب حساب جهنم، ونمشي في طريق هي طريق جهنم؛ من أجل أن لا نقع في هذا الشر الذي لدى الناس في هذه الدنيا!.
ويقول أيضا:
في خبر،
في رواية بأنه لو كان ما بين السموات والأرض مُلِئ بحبات الخردل، ويخلق الله طائراً يلتقط كل سنة حبة واحدة، ويقال لأهل النار: إنكم ستمكثون فيها حتى تنتهي هذه الحبات لفرحوا!
ماذا يعني فرحوا؟ أن هناك نهاية لجهنم
.
.
ليس هناك نهاية،
.
وأنت في جهنم، نعوذ بالله من جهنم، والإنسان في جهنم، هل هو في سجن كسجون الدنيا؟
لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ
تتحول أنت إلى كتلة من النار
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
يتحول الإنسان هو إلى كتلة من النار ملتهبة، ثيابه نار، شرابه نار، أكله نار.
أليس الله يقول عن شجرة الزقوم:
كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
شجرة شديدة المرارة، وهي في نفس الوقت نار، يشرب حميماً يقطع أمعاءه،
[يتروَّش]،
ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيم
يذيب جلده، ويقطع أمعاءه، وهكذا، سنة بعد سنة، مائة سنة بعد مائة سنة، ألف سنة بعد مليون سنة بعد مليون سنة، وهكذا إلى ما لا نهاية.
أليس هذا هو الشيء الذي يخيف؟.
إنه عذاب من أقول عندما أبدأ أدخل في الصلاة: [الله أكبر]، إن عذابه سيكون أكبر من عذاب أي طرف آخر،
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
بطش شديد لكننا لجهالتنا بالله، ولأننا لا نعي عندما نقول: الله أكبر، ماذا تعني،
هو أكبر في ترغيبه، أكبر في ترهيبه، أكبر في رحمته، أكبر في هديه، أكبر في كل شيء.
.
ويقول في ذات السياق:
.
ونحن بحاجة..
الإنسان بحاجة دائماً إلى أن يذكِّر نفسه بأن الله أكبر، بأن إلهه أكبر،
فإذا ما رُغّب في الدنيا يتذكر بأن ترغيب إلهه أكبر،
إذا ما رُهِّب من قبل طواغيت الدنيا يتذكر بأن ترهيب إلهه أكبر.
.
أليست التكبيرة وحدها،
لو كنا نعي معناها، لتحول الناس تحولاً كبيراً، لانطلقوا كالصواريخ؛ لأنهم يخافون الأكبر، ويرغبون فيما عند من يقولون أنه أكبر من كل كبير.

 

 

أساليب المنهجية القرآنية..الترغيب والترهيب..5..
ضعف تخويف الشيطان وأوليائه
وفي الحديث عن تركيز الشيطان وأولياؤه على التأثير على الناس في ميادين العمل الجهادي
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْنِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ
التخويف
هو مما يركز الشيطان على محاولة تعميمه وإثارته في أوساط المجتمع
لكن عادة الشيطان لا يستطيع أن يكون مؤثراً فيوجد تخويفاً
التخويف الذي قد يحصل معه التفكير بالتراجع أو هبوط في المعنويات وضعف في النفسية.
إنما يكون مَن؟ أولياؤه يتأثرون، أولياؤه، أولياؤه في الأخير يشتغلون مع الآخرين
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ
لأنه لا يستجيب للشيطان ولا يتأثر بالشيطان إلا أولياؤه،
أما المؤمنون فالله قال:
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُوْنَ
هذه نوعية من المؤمنين الذين لا يتأثرون:
الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
هل حصل عندهم حالة خوف؟
لا،
فَزَادَهُمْ إِيْمَاناً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ
مع أن حالة الخوف تؤدي إلى هبوط في الإيمان
أن يزدادوا إيماناً؛ لأنه ليس لديهم تخوف من أن يدخلوا في مواجهة مهما كان العدو
عندما يحصل خوف يحصل اضطراب يحصل هبوط في موضوع الإيمان كما قال سابقاً:
وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّوْنَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوْهُمْ
فلا تخافوا أولياءه؛
لأن كل من هم في مواجهتكم إنما هم أولياء للشيطان،
الله قد قال:
فَقَاتِلُوْا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفَاً
وأنتم وليكم الله والله هو قوي عزيز هو القوي العزيز.
فَلاَ تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْن
عندما تخافوهم فيحصل تراجع يحصل قعود يحصل تخلف
معناه
أن هذه الحالة قد تجعل الناس مستحقين لعقوبة من الله
فيجب على الناس أن يخافوا الله هو،
لا يخافون من أولياء الشيطان
لا يخافون من دعاياتهم،
لا يخافون من إرجافهم،
لا يخافون من عبارات أنهم قد حشدوا وأنهم، وأنهم إلى آخره،
يجب أن نخاف من الله وحده
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ
.
.
.
فالشيطان هو يخوف أولياءه الذين يتأثرون به حتى لو كانوا من داخل المجتمع المؤمن،
وهذا هو الشيء الطبيعي أنه من داخل المجتمع المؤمن، سواء كانوا منافقين أو ناس في قلوبهم مرض أو ناس ضعيفي إيمان ضعيفي نفوس هذا قد يحصل،
.
.
.
لأن الشيطان عندما يخوف أناساً هم في الواقع عندما يؤثر فيهم هم ناس عندهم ثغرة خطيرة جداً ليسوا بمستوى المؤمنين الذين ماذا؟
ليس له سلطان عليهم.
التخويف الذي يأتي لهؤلاء هو يخوفهم ممن أيضاً؟
من أولياء له آخرين
يخوف أولياء له من أولياء آخرين وسيشتغل هؤلاء الأولياء الصغار داخل المجتمع المسلم لتخويف مؤمنين،
فيجب أن يكون المؤمنون الآخرون الصادقون على هذا النحو:
فَزَادَهُمْ إِيْمَانَاً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ
وتحذير للكل
فَلاَ تَخَافُوْهُمْ
لأن الشيطان لا يأتي إلى ناس يخوفهم من ناس مؤمنين
يخوف مؤمنين من مؤمنين
سيخوف مؤمنين باعتبار الإنتماء لكن في إيمانهم ضعف أمكن للشيطان أن ينفذ إلى أنفسهم فيخوفهم ممن؟
من أوليائه من الكافرين من أعداء الله، هم أولياء الشيطان.
ينطلقون في الأخير إلى أن يقوموا بعملية تخويف
التخويف يشبه هذه: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
[قد هم متجمعين قد معهم كذا قد هم يريدون كذا]
تخويف في المجتمع،
وهذه القضية يجب أن تحارب بعبارات تبلغ الطرف الآخر وبعبارات يكون فيها تبكيت لهؤلاء
ولهذا جاء في آية أخرى:
لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا
ملعونين؛
لأنهم يقومون بعمل قد يترك أثراً عند بعض من الناس
مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيـلاً
.
.
.
.
الشيطان ضعيف وأولياؤه ضعاف {فَقَاتِلُوْا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفَاً
أولياء الشيطان مهما كثروا هم في دائرة الضعف ومهما عظم ولاؤهم للشيطان معناه ماذا؟ كلما اشتد ضعفهم
كلما كانوا أكثر ولاءً للشيطان كلما كانوا أكثر ضعفاً.
.
.
.
.
وفي درس آخر
يقول رضوان الله عليه في ذات السياق:
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ
.
.
.
.
هم ما زالوا يهددونه،
سيأتي عليك كذا من الأصنام، وقد يحصل لك
وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً
هذا المنطق يأتي كثيراً من الأنبياء
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي
لأنه هنا ينطلق عبداً لله، مسلِّما نفسه لله، لا يخرجه حتى في منطقه
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي
شيء من جهته.
وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ
ولن يأتي شيء من جهة الأعداء لا يعلمه، من جهة أصنامكم هذه،
أنا مخلص لله، ومهتدي بهدي الله، ومؤمن بالله وحده، وأعلم بأنه عليم بكل شيء، فلست خائفاً من هذه؛ لأنها لن يأتي شيء على الإطلاق من جانبها يكون ماذا؟
احتمال الله لم يعلم به، فأخاف أنه قد يحصل من جانبها شيء يضرني في وقت يكون الباري غير عالم، الله هو يعلم لا يخفى عليه شيء، إذا أتى شيء فلن يكون إلا بعلم الله فليكن ما كان.
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ
وفعلاً قدم هذا منطقاً قوياً جداً في الاحتجاج؛ لأنهم هم بالنسبة لهم عندما يذكِّرهم بالله هم يعرفون أنه خلق السماوات والأرض، هو الذي خلقنا، هو قادر على كذا هو… هو إلى آخره.
إذاً أنتم تخوفونني بهذه الأصنام التي تنحتونها أنتم،
كيف تخوفونني بآلهتكم هذه.. وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً
أنتم الذين يجب أن تخافوا أنكم أشركتم بالله، فأنتم في موقع من يجب أن يخاف عذابه، من يخاف عقوبته.
ولاحظ كيف قدمها نبي الله إبراهيم بأسلوب راقي،
تجد أسلوباً
الناس بحاجة إليه الآن،
عندما يأتون يخوفونك من دولة، يخوفونك من أمريكا، يخوفونك من كذا، والقضية عندما تجد القرآن الكريم هم من يجب أن يخافوا هم؛
لأنهم
هم الذين ابتعدوا عن الله،
وهم الذين يعتبرون الآخرين وكأنهم أكبر من الله،
وهم الذين جعلوا الآخرين وكأنهم أنداداً لله،
فهم ماذا؟ الذين يجب أن يخافوا هم من الله، يعني هم مثلما قال الله في آية أخرى:
وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ
إذاً فمن هو الذي يجب أن يخاف، الذي يتجه إليه الله فيضربه، أو حجر صماء، أو إنسان كيده ضعيف، أو إنسان هو نفسه الله قاهر فوقه، إنسان مغلوب على أمره، من الذي يجب أن يخاف، من؟
أليس هم الآخرون،
هذا يحصل،
أليسوا الآن يخوفون الناس؟
فالناس بحاجة إلى أن يقولوا: وكيف أخاف – إذا صحت العبارة – يعني أجواء هذه العبارة التي حكاها الله عن إبراهيم،
يخوفك [سيأتي عليك وبا.. وبا.. وبا…]
أليس هنا يقدم تخويفاً ممن؟
من الذين من دون الله،
قل له: وأنت لاحظ في القرآن ماذا قال لك: سيأتي كذا [وبا.. وبا.. وبا… الخ]
من هو الذي يجب أن يخاف؟
هل الذي وراءه الله أو الذي وراءه إنسان ضعيف؟ الله قاهر فوقه، يستطيع يوقفه، ويحبط عمله وكيده.
بعد ذلك قال:
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ
من الذي يعتبر آمن في الواقع؟ وأحق أن يقال له آمن؟
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
.
.
.
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ،
تفهمون الأشياء برؤية من خلال المقارنة،
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ
هم الموعودون بالأمن، هم الذين يستحقون أن يقال إنهم آمنون،
وَهُمْ مُهْتَدُونَ..

 

قد يعجبك ايضا