أركان النصر! بقلم / مصباح الهمداني
سأبتعد عن المقدمات، وأتجنب التطويل، وأحدثكم وأحدثهم وأحدث نفسي عن الرقم أربعة، لأسباب أهمها أننا في السنة الرابعة..
هناك أربعة عناصر أساسية في هذه الحرب وهي السبب في الانتصار(القيادة- المقاتلين-الحاضنة-القضية)
أولاً:القيادة: بالتأكيد أنكم استمعتم بالأمس لخطاب القائد، والذي اعتبره بحق خطاب الانتصار، فقد حدد المسار، ورسم الملامحَ كلها، ووضع الخطة الإستراتيجية بتفرعاتها العملية والنفسية والحربية..
ظهرَ القائدُ مملوء بالثقة والعزة والفخر، وقد انتقلت كل تلك الطاقة العالية إلى القلوب والنفوس كما تسري الدماء في العروق..وجاء خطابه شبيهًا بخطابات الانتصار في عمران، وفي 21 سبتمبر، وفي 2 ديسمبر، ويحملُ في حروفه وكلماته منارات الإيمان وتفاصيل خارطة الطريق، وسلسبيل العرفان ومعين الثقة بالله وبالعظماء..
-ولك أن تلتفتَ يسارًا لترى قيادة العدوان، وستعمى عينيك، وينقلبُ إليكَ البصرُ خاسئًا وهو حسير، وهو لا يدري من القيادات ولا من هي البيادات..
فما بين ثورٍ لا يكادُ يتحركُ من سريره في غرفةٍ صغيرة في جناحٍ تم تصغيره عشرات المرات، في فندقٍ مهجور في عاصمة مملكة بني سعود..
أم القيادات التي تحته والتي تتسكع في ممرات الفندق تارةً وفي اللوبي تارة، تقضي ليالي أربع سنوات على هذا الحال، حتى أصبحت بعضها تُجيد اللغة الهندية والبنقالية..سيختلطُ عليكَ الأمر وأنتَ تبحثَ عن قائدهم، فإن جِئتَ إلى عدنْ ستجد ضابط إماراتي هو من يجُر قادة المقاومة إلى السجن، وهو من يُعذب أبناء وبنات البلاد في السجون السرية، وهو من يمنع عبد ربه من العودة، وهو من يفتح ويُغلق الميناء والمطار متى شاء..
وإن ذهبت للبحث عن قائدهم في مأرب؛ ستجِد ضابط بحريني منتفخ البطن والمؤخرة؛ يأمر وينهى، بل وتصلُ كفه الغليظة إلى وجه خصروف الناعم، وستسمع له قصصًا كثيرة ومرعبة، وهو الذليلُ في بلاده، والجبانُ في غير مارب..
وإن ذهبتَ للبحثِ عن القائد في تعز؛ ستجد قائد في البعرارة، وقائد في حارة موسى، وقائد في شارع جمال، وكل واحد يقول للآخر يا (مرتزق)، ولا يعترف أي منهم بالآخر، وكل منهم هو الآمر الناهي، وهو الحاكم الأول في شارعه..
وإن ذهبتَ للبحثِ عن القائد في جبهة الساحل؛ ستجِدْ حالة نادرة،(وفردة) جديدة، ستجد قائد يشبه الكمبيوتر (التجميع) فمع أنه يعتبر نفسه القائد، إلا أن أضعف سوداني يوجهه، وأصغر ضابط إماراتي يأمره، ومدرعاته وسلاحه من الإمارات، ومع ذلك يظن نفسه القائد الأول والأخير…
وستضيع أيامك ولياليك في البحث عن قائد حقيقي بين هذا الركام من (القناطِرْ)
ثانيًا:المقاتلين: بالتأكيد أنكم كحلتم أعينكم بالأمس بما فعله رجال الرجال؛ أولوا القوة والبأس؛ العظماء الكرماء؛ حامين الأرض والعرض؛ الأباة البواسل؛ وهُم يستدرجون رتلاً من أرتال المدرعات في الساحل الغربي، ويتركونه يمتد كخيطٍ طويل، في طريقٍ إسفلتي مستقيم، حتى إذا طال طوله، وبلغَ خبره قناة الحدث وغيرها من القنوات المأجورة، وتم الترويج في الوسائط بكل اللهجات..كان العظماء يسددون ضرباتهم في رقبة الخيط، فيفصلون الرأس عن باقي الجسد، ويجر الجسد بقية الرتل؛ كثعبان أعمى في طريق عودته، بينما تلتهم النيران رقبة الخيطِ ورأسه والذي يحتوي 15 مدرعة وآلية؛ في مشهدٍ شاهدنا جزء منه ليلة الأمس..وهكذا هم أشبال الوطن ؛ قد أعدوا للساحِلِ خططًا لا تشبه الجبل، وتختلفُ عن التل..
-ولكَ أن تلتفت يسارًا؛ لترى المقاتل المرتزق، وهو كثوبِ مهرجٍ في مهرجان، له ألف لون ولون؛ فهذا سنغالي، وهذا جنجويدي، وهذا إماراتي، وهذا سعودي، وهذا أرخصهم محلي، إذا نامَ أحدهم خافَ من زميله أن يسرقَ ثمنَ ارتزاقه، وإن تقدمَ في المعركةِ ارتعدت فرائصه أن تطير جمجمته، وفي قلبه من الحقد والغل، وهو يرى أبناء المشائخ لا يتقدمون، وهم أكثر من يكسبون، ويستحقرُ الواحدُ منهم نفسه وهو يرى أن المرتزق المحلي نعلٌ، والإماراتي والسعودي والسوداني شُرَّاب، وأن القدم التي تسير بهم هي أمريكية صهيونية..
ثالثًا:الحاضنة:لابُد أنكم رأيتم حين انتهت كلمة القائد بالأمس؛ كيف هبَّت القبائلُ للنفير إلى الحديدة، بقلوبٍ شجاعة، وأنفسٍ ثابتة؛ بعد أن استمدوا البصيرة من العَلَم..ولاشكَّ أنكم تشاهدون القوافل اليومية من كل المحافظات الحُرة الأبية..قوافل الرجال والعدة والعتاد والمدد والمال..قوافل الفواكه والغذاء..قوافلٌ لا تنقطع ولا تتوقف..
-ولك أن تُيمم وجهك يسارًا نحو الحاضنة الأخرى..أي حاضنة فقد امتلأت أشداقي ضحكًا..هل أحدثكم عن حاضنة الفنادق من كومار إلى شندرا أم أخبركم عن حاضنة القاهرة من مراقص شارع الهرم إلى حانات رمسيس..أم أروي لكم حاضنة اسطنبول من حديقة غولهانة إلى شارع الفن في تقسيم..أم حاضنة المطاعم الكبيرة التي انتشرت منذ أربع سنوات من الأردن إلى الرياض إلى الدقي..أم أسرد لكم حاضنة ابو ظبي التي لم تحتضن جريح ولم تأوي محتاج، ولم تفتح ربع مُخيم في أرضها، وهي التي تريد أن تبتلع الأرض الحاضنة لقواتها ومرتزقتها..
رابعًا:القضية، ويتشارك معها الإعلام؛ هل رأيتم أعدل من قضية اليمن، جاء الغزاة من 17 دولة وحين فشلوا جاء الأمريكي بنفسه وأعلنها بمليء فمه من الكونجرس، وجلبَ جنوده أصحاب القبعات الخضراء إلى المؤخرة السعودية لحمايتها، والآن جاء بخيله ورجله إلى الساحل الغربي، ومعه مرتزقة العالم، ولهذا كانت قضية اليمن هي الدفاع عن الأرض والعرض أمام الغزاة الذين تجمعوا، واسترخصوا بعض أبناء البلد وجعلوا منهم أدوات وأدلة للطريق إلى بيوت ومزارع وقرى ومدن اليمنيين..لهذا قضية الدفاع عن الأرض والعرض هي من أركان الإسلام، والجهادُ بعدَ هذا الغزو هو فرض عين على كل بالغٍ مسلم..
-ولك أن تلتفت يسارًا لترى قضية القوم الذين باعوا ضمائرهم، وهم يتحدثون عن تحرير وطنهم من اليمنيين فيما الواحدُ منهم لا يستطيع أن يهبط في مطار عدن أو يضع قدمه في مينائها إلا بعدَ أن يُقبِّل نعال جندي إماراتي، ويالها من إهانة، فتلك الدويلة الضائعة في خريطة ورقية، أصبحَ جنودها يُذلون رئيس المرتزقة، ويهينون وزراء الفنادق، ويمتهنون كرامة المرتزقة الجنود، وأي تحرير هذا الذي أضاعَ سقطرى وليس فيها جبهة، وأدمى حضرموت، وأهان كرامة صياديها..وغرس العداوة في تعز، وجعل الهرة البحرينية في مارب تصبح لبوة..
هل أدركتم الآن حجم النعمة التي نحن فيها بقائدنا العَلم، ورئيسنا البطل، والأباة الجبال رجال الرجال، والشعبُ العظيم الواعي، والقضية الوطنية السامية…
لهذا سننتصر..وليس أمامنا إلا خيارين إما النصرُ أو النصرْ…
نعم؛ النصرُ أو النصرْ
لأننا بالله وبقيادتنا وبرجالنا وبشعبنا وبقضيتنا أشد قوةً وأكثرُ بأسًا، وأصلبُ شكيمةً، وأرقى وعيًا، وأنفذُ بصيرة.
#مصباح_الهمداني
28/05/2018