أربع آيات! مصباح الهمداني
أربع آيات!
مصباح الهمداني
جميعنا بلا استثناء نكحل أبصارنا بتلاوة الآيات من كتاب الله في كل يوم، إلاَّ من استحوذ عليه الشيطان ومنعه من تلك المتعة والنعمة..وعلى من ابتعد عن كتاب الله أن يخجل من نفسه، ويستحقر حياته؛ حينما يشاهد رجال الرجال يستفتحون معاركهم بمصافحة كتاب الله، ويباركون نياتهم بسريان الآيات مع دمائهم وأنفاسهم، وهم في أصعب موقف، وأشد ظرف..فلنراجع أنفسنا إن رأيناها تهجر قراءة النور والهدى والتبيان…
في الأيام الأربعة الماضية مرَّت علينا أربع آيات، كل واحدة منها تستحق منا الكثير من الحمد والشكر للقدير.
أولى الآيات كانت في الضالع: وقد رأى العالم كيف صعدَ الرجال إلى مخابئ المرتزقة الأنذال، في قمم الجبال، فولوا هاربين تاركين جثث قتلاهم وجرحاهم، والعتاد الكثير من السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف..
وكم هي فرحة المؤمن وهو يشاهد تلك الضربات الاحترافية المسددة سواء بالقنص للآلية حتى انقلبت بمن عليها، وكذلك قنص البي إم بي، وتفجير الدبابات الهاربة، ثم إحراق الآليات بالولاعة..وما إن ارتفعت راية النصر في قمة جبل ناصة حتى شاهد الأطفال والنساء هروب المرتزقة الدواعش عملاء عبيد الصهاينة..
وخرجت الحرائر بالزغاريد، في مشهدٍ يملأ القلبَ سعادة وبهجة، وعاد المُهَجرون إلى قراهم وبيوتهم بعدَ أن عبثَ العملاء بكل أثاث، وسرقوا كل ثمين، وكسروا كل باب وزجاج.
الآية الثانية: كانت في نهم؛ ولا أجدُ في الجبهات كلها أغبى من قيادة المرتزقة في هذه الجبهة، فالأمر محسوم، وبيانات العدو مكشوفة؛ من عدد الأفراد إلى أماكنهم إلى عدتهم وعتادهم..
وتحركاتهم بأي طريقة وعلى أي اتجاه يعني قتلهم بكل دقة. وهكذا يستمر الاستحمام للمرتزقة الصغار، ويزجون بمجموعة فوق مدرعات، وما هي إلا لحظات حتى يتم الصيد بصاروخ موجه، وتتناثر الآلية بمن عليها، وينطلق صاروخ آخر لمدرعة مجازفةٍ أخرى، وتجدُ نفس المصير، وتحصد جزاء سوء التقدير، وتحترق بمن عليها، ويتخنزر طقم آخر، ويقترب من المدرعة المحروقة؛ فيلقى الجزاء نفسه، ويرقد بجوارها على نارٍ حمراء مستعرة، وفي مشهد الإتجار بالبشر؛ هناك مشهدٌ مؤثر،فبينما يتفقد العبيد ثمنهم الرخيص في جيوبهم البائسة، ويرون حِمام الموت يوشك أن يلتهم الجيوب بما فيها من فتاتٍ قليل، يقررون سباق الريح هربًا، بلا رواحلٍ تُقلهم، ولا طيران يؤمن هروبهم، فيتم حصادهم بلا عناء، وبلا جهد ولا ذكاء، فالأرض مكشوفة، ومن زج بهم في تلك الشعاب؛ لا يريد لهم سوى الموت..
الآية الثالثة في عسير: يصافح الأبطال الأشبال صفحات القرآن، ويتلون آياته المباركة بألسنتهم الطاهرة، وينطلقون في برنامجهم الجهادي، وكأنما يلاحقون أرانب، ويجندلون الأعداد تلو الأعداد؛ ممن جندتهم مملكة الأسرة السلالية للدفاع عن بلادها.. يتقافز المُستأجرون هربًا من موتٍ محقق، ولكن رصاص الرماة لا يذهب هدرا، وترتوي الشعاب بجثثٍ لا يسأل عنها أحد، ولا يأبه بعددها أحد، ولا تُقام لها جنازة ولا عزاء، رخيصة منذ البداية، ومنسية عند النهاية، لا تدخل أسماءها في كشوفات الفنادق، ولا تُصرف لذويهم حتى البنادق..
وفي هذه المعركة المسددة؛ يتم تطهير تبة الغيل ، وتمتلىء مخازن المجاهدين بأحدث ما أوصلته طائرات أمريكا وسفنها العملاقة من سلاحٍ حديث.
الآية الرابعة: في نجران بالطلعة..قذفت مملكة الشعب الحزين، بمرتزقتها إلى هناك، وقذفت في قلوبهم الوعد بالمال إن صعدوا، والوعيد إن هربوا أو تراجعوا، ولكن المرتزقة لم يجدوا من وعد المملكة ووعيدها شيئًا، فقد كان في استقبالهم أسودٌ لا تتراجع، ونمورٌ لا تخاف، وتم حصاد القادمين بضربات مسددة، وخططٍ محكمة، وأصبحت الجثث السمينة، تتدحرج بين الصخور بلا قيمة، وتربض العربات في الرمال خائفة مرتعبة، بعدَ أن خرم الرصاص شرايينها النابضة، واستسلم حديدها الفولاذي، لمصيره المحتوم، تحت أقدام الولاعة والكرتون، وارتفعت صرخة المؤمنين، بجوار مدرعات الأمريكي اللعين.
في أربعة أيام، رأينا أربع آيات، في أربع جبهات، كل واحدةٍ منها ملحمة، ذاق فيها العدو ونعاله أقسى الهزائم، وأشد التنكيل.
فسلام الله على الرجال الأحرار وعلى القائد العلم، وعلى العام الخامس..عام النصر بإذن الله.