أرامكو ضحية الموجة الأولى لتسونامي الردع!!

 

تتغير معادلات الحرب في اليمن في عامها الخامس بسرعة لصالح الجيش واللجان الشعبية، وفي هذه الأثناء فإن الهجمات المتكررة بالطائرات بدون طيار والصواريخ من قبل أنصار الله والجيش اليمني في عمق أراضي الغزاة، وخاصةً السعودية في الأشهر الأخيرة، كان العنصر الحاسم لهذا التغيير.

حيث استطاعت الطائرات بدون طيار اليمنية لأول مرة في 9 مايو الوصول إلى عمق 850 كم في السعودية، وتدمير خط أنابيب النفط الاستراتيجية التي تمتد من شرق السعودية إلی غربها. وهو الهجوم الذي يعتبر “تغييراً استراتيجياً” في الحرب، بحيث دعا السعوديون القادة العرب لعقد اجتماع في مكة، وفي الوقت نفسه، أثارت حكومة الرياض هذه المسألة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضًا.

في الواقع، بعد أن استطاعت أنصار الله ومن خلال تكتيك ذكي تمثل في استهداف المراكز الاقتصادية والعسكرية السعودية وتهديد الإمارات بهجمات مماثلة، أن تحدث فجوةً كبيرةً في التحالف الثنائي السعودي الإماراتي، وتسببت في انسحاب الإمارات من المشاركة المباشرة في الحرب، الآن وبعد انكشاف نقطة ضعف المعتدين ومدی تضررهم منها، فمن المتوقع أن يستغل اليمنيون نقطة الضعف هذه بقوة أكبر ضد الغزاة المعتدين.

وفي هذا السياق، أعلنت حركة أنصار الله اليمنية أمس (السبت) أنها تمکنت في عملية كبرى غير مسبوقة منذ بدء الحرب، من استهداف حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو العملاقة في شرق السعودية، باستخدام 10 طائرات بدون طيار.

توازن الردع الأولى؛ إنذار اليمن للغزاة

العميد “يحيى سريع” المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله، الذي كشف عن نجاح تنفيذ هذه العملية الكبيرة للطائرات بدون طيار، قال في بيان بعد هذا الهجوم: لقد نفذ اليوم الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أكبر عملية هجومية بطائرات بدون طيار” منذ أن بدأ العدوان على اليمن في عمق أراضي السعودية، وقد تم تنفيذ هذا الهجوم في سياق عملية “توازن الردع الأولى”.

وأضاف سريع: إننا نعد السعودية والدول المعتدية بأن أهدافنا سوف تتوسع يوماً بعد يوم إذا لم يوقفوا هجماتهم. وتابع قائلاً: بنك أهداف القوات المسلحة اليمنيية سيتوسع يوماً بعد يوم، والعمليات المستقبلية ستكون أكثر إيلاماً للعدو.

کما طالب  الشركات الأجنبية والمدنيين بتجنب الاقتراب من الأهداف المهمة للبقاء بعيداً عن الهجمات. وهذا يدل على عزم أنصار الله الراسخ لضرب مصالح السعودية والإمارات.

وفي وقت سابق، حذر قادة أنصار الله من عمليات أوسع في السعودية وإلحاق ضربات موجعة بالمراکز العسكرية والاقتصادية الکبيرة للدول المشارکة في التحالف إذا لم ينهوا عدوانهم، ولكن بما أن السعوديين لم يفهموا رسالة الهجمات على المطارات وكذلك الهجوم على مضخات النفط التابعة لأرامكو، وأظهروا أنه ليس لديهم رغبة في إنهاء هذه الحرب، فلذلك، نفذت أنصار الله الآن الجزء الأول من سيناريو الردع الكبير.

في هذا الصدد، أشار قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي أمس إلى عملية وحدة الطائرات المسيرة في الجيش اليمني وأنصار الله ضد حقل “الشيبه” النفطي، معتبراً إياها أكبر عملية لليمنيين منذ أن بدأ التحالف السعودي حربه علی اليمن. وقال لأعداء اليمن: كلما طال أمد عدوانکم، كلما زادت إرادتنا لمواصلة القتال. وقدراتنا العسكرية ستزداد يوماً بعد يوم إذا استمر عدوان التحالف السعودي.

ثم خاطب زعيم أنصار الله السعودية والإمارات محذراً أن الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالدول الغازية ستستمر إذا استمرت الاعتداءات، وأن الولايات المتحدة تحلب هذه الدول من خلال استمرار الحرب.

ووصف مصفاة الشيبة بأنها واحدة من أكبر مصافي النفط في السعودية وفيها العديد من خزانات النفط.

بدأت شركة النفط والغاز الرئيسية في السعودية “أرامكو” إنتاج النفط في ميدان الشيبة في عام 1998، وفي عام 2003 استطاعت السعودية التداول مع الشركات العالمية عبر هذا الحقل النفطي.

تقدر احتياطيات النفط الخام لهذا الحقل بأكثر من 14 مليار برميل. وتبلغ طاقة حقل الشيبة النفطي والإستراتيجي لإنتاج النفط 5000 برميل في اليوم، وهذا ما جعل هذا الحقل النفطي الكبير والاستراتيجي عرضةً لأكبر عمليات للطائرات بدون طيار اليمنية، ما أدی إلی احتراقه في نهاية المطاف.

الإنذار الأخير لدولة الإمارات

لا شك أنه بالنظر إلى الموقع الجغرافي لحقل الشيبة النفطي، والذي يقع على بعد 10 کيلومترات من الحدود السعودية الجنوبية مع الإمارات من ناحية، و 40 کيلومتر من الجزء الشرقي لمدينة أبو ظبي من ناحية أخری، فيجب اعتبار هذه العملية الكبيرة والمعقدة بمثابة رسالة أنصار الله الجادة إلى سلطات الإمارات، الذين وعدوا بالخروج السريع من حرب اليمن ولكنهم لم يظهروا تصميمًا جادًا في الوفاء بهذا الوعد وإنهاء احتلالهم لجزر اليمن ومناطقها الاستراتيجية من قبل مرتزقتهم، وكذلك عدم التدخل في شؤونها.

وعلى هذا الأساس، قال زعيم أنصار الله في تصريحاته أمس إن عملية الطائرات بدون طيار هي درس مشترك وتحذير هام للإمارات. وهذا يعني أن تهديدات قوات المقاومة اليمنية باستهداف الإمارات في العملية القادمة هي تهديدات حقيقية وليست خدعةً سياسيةً.

علامات الخوف والارتباك على وجوه آل سعود

بعد الإعلان عن الهجوم وبث لقطات فيديو منه من قبل المتحدث باسم الجيش اليمني، السعوديون، الذين كانوا في حيرة من أمرهم وغير قادرين على التعامل مع هجمات أنصار الله، رفضوا في البداية التعليق، ولكن بعد تغطية إعلامية واسعة النطاق على الصعيد الدولي، حاولوا وصف الهجوم بأنه غير فعال، وذلك لتغطية هزيمتهم الكبيرة وانتصار أنصار الله الباهر.

حيث قال وزير الطاقة السعودي خالد الفلاح: لقد تعرضت مصفاة الشيبة النفطية في جنوب شرق بلدنا لـ “هجوم إرهابي” بطائرات بدون طيار هذا الصباح. وأضاف: تم إخماد الحريق الناجم عن الهجوم، وعمليات الإنتاج والتصدير في هذه المنشأة النفطية لن تتوقف بسبب هذا الهجوم.

كما نقلت رويترز عن مصدر لم يكشف اسمه، قوله إن مصدراً سعودياً اعترف بالهجوم الذي شنته أنصار الله على حقل الشيبة النفطي، مضيفاً أن أضراراً طفيفةً لحقت بمحطة الوقود!

من جانبها قللت شركة أرامكو السعودية من نجاح أكبر عملية بالطائرات بدون طيار في تاريخ اليمن، قائلةً إن العملية اليمنية لم توقف إنتاج حقل الشيبة النفطي.

 

ووفقاً لقناة الجزيرة، فقد أصدرت شركة أرامكو بيانًا بعد ظهر يوم السبت مفاده أن فرقة الإطفاء تمكنت من احتواء “حريق محدود” في حقل الشيبة النفطي هذا الصباح.

وقد سبق للسعوديين مراراً التقليل من تأثير هجمات الثوار اليمنيين، لكنهم اضطروا في النهاية إلی إثارة الموضوع في الأمم المتحدة.

لکن محاولات السعودية للحد من أعباء هذه الهزيمة لم تؤتِ أکلها لدی المراقبين ووسائل الإعلام، وفي هذا الصدد كتبت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير نقلته عن مصادر مطلعة: إن عمليات أنصار الله بالطائرات بدون طيار هي أكثر دقةً وفعاليةً مما تعترف به الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة علانيةً، وهذا يدل على أن التكنولوجيا الحالية تخلق بسرعة تهديدًا للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة