أحداث مرعبة أرقام صادمة :جرائم وانتهاكات قوى العدوان على مدى سبع سنوات في المحافظات الجنوبية.
تعاظمت فاتورة الاحتلال الأجنبي في المحافظات الجنوبية خلال السبع السنوات الماضية من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، إلى أعلى مستوياتها ، وكانت كفيلة بكشف العديد من المؤامرات والمخططات الاستعمارية.
فما تسّمى بالمحافظات المحررة في وسائل إعلام دول العدوان، تعيش اليوم حالة حرب وتعاني من كابوس الاحتلال والمليشيات الموالية له.
في حين أدارت دول العدوان، المحافظات الجنوبية بالرعب والاعتقالات والتصفيات الجسدية لمعارضيها، وعمدت على تعطيل وتدمير المقدرات الوطنية في تلك المحافظات، فاستنزفت ثرواتها النفطية والسمكية وعطلت موانئها البحرية، كما تم استنزاف شبابها في معارك عبثية وسعت إلى تأسيس مليشيات متعددة الولاءات والانتماءات ورعت التنظيمات الإرهابية وصادرت الحقوق والحريات وحولت المحافظات الجنوبية إلى سجن كبير لكافة أبنائه.
ضحايا الانفلات الأمني
أصدر المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية الذي يتتبع جرائم وانتهاكات الاحتلال في المحافظات الجنوبية، تقريراً حول جرائم وانتهاكات قوى العدوان على مدى السبع سنوات الماضية في المحافظات الجنوبية.
وبحسب التقرير، ارتكبت قوى العدوان انتهاكات ضد أبناء المحافظات المحتلة ووقفت وراء تنفيذ مسلسل اغتيالات دامي امتد من مدينة عدن إلى لحج وأبين وشبوة وحضرموت والضالع وما تزال تُدير خلايا لتصفية خصومها في مختلف المحافظات المحتلة، منذ العام 2016م.
وأوضح التقرير أن عدد ضحايا مسلسل الاغتيالات بلغت ألف و685 مواطناً في المحافظات الجنوبية كأعداد غير نهائية ومن ضمنهم خطباء وأئمة مساجد وضباط وقيادات مدنية وحزبية وجنود وشخصيات قبلية ومدنيين.
وأشار إلى أنه تم رصد 321 عملية مداهمة طالت منازل المواطنين في أحياء عدن ولحج والمكلا وزنجبار والحبيلين والضالع.
وخلال ذات الفترة تعرض الآلاف من المدنيين للاعتقال القسري من قبل مرتزقة موالين لقوى الاحتلال، ومع ذلك لم يتم القبض على القتلة كون ما حدث لم يخرج عن نطاق التصفيات بين دول الاحتلال، يضاف إلى أن مليشيات الاحتلال استباحت أراضي وممتلكات المواطنين في مختلف المحافظات الجنوبية.
وذكر التقرير، أنه تم رصد نهب أكثر من 11 ألف أرضية تابعة لجمعيات سكنية حكومية في عدن لوحدها، واتسع نطاق السطو المسلح على أراضي وممتلكات المواطنين إلى أبين ولحج والحبيلين وعتق والمكلا، وتصاعدت جرائم الاختطافات المتبادلة بين أطراف الارتزاق ولم تستثن الأطفال والنساء.
إنشاء مليشيات مناطقية
ولإفراغ المحافظات الجنوبية من مخزونها البشري، أقدمت قوى الاحتلال تحت وطأة سياسة التجويع التي فرضتها على أبناء هذه المحافظات على إنشاء مليشيات قائمة على المناطقية.
وأفاد التقرير، أنه على مدى السنوات الماضية جندّت الإمارات أكثر من 90 ألف جندياً في المحافظات الجنوبية معظمهم سلفيين متطرفين، تم توزيعهم على 12 تشكيل مليشياوي كالأحزمة الأمنية والدعم والاسناد والنخب المناطقية وقوات طوارئ وما يسمى بمكافحة الإرهاب ومليشيات العمالقة ومليشيات ما تسمى بالمقاومة التهامية ومليشيات أخرى تابعة للخائن طارق عفاش، وصولاً إلى ما تسمى بقوات دفاع شبوة.
وأكد التقرير، أن ملشنة الجنوب من قبل الإمارات كلفها أكثر من 50 مليار ريال سعودي وفق التقديرات، تدريباً وتسليحاً، إلى جانب صرف رواتب بشكل دوري لتلك المليشيات، وانفاق ملايين الدولارات في تأسيس تشكيلات سياسية موازية للتشكيلات العسكرية كالمجلس الانتقالي الجنوبي التابع لها وما يسمى بمكاتب طارق عفاش السياسية، فضلاً عن تمويل إنشاء 26 معتقلاً سرياً في المحافظات المحتلة حتى مطلع العام 2020م.
وأشار التقرير إلى مخطط العدوان لتغذية العنف وتفخيخ مستقبل المحافظات الجنوبية من خلال تأسيس دول الاحتلال أكثر من 27 مركزاً دينياً وهابياً في عدن وأبين ولحج والضالع لتخريج المزيد من المتطرفين الذين تعدهم الرياض لإدخال اليمن في فتنة طائفية مستقبلاً، وذلك بعد أن نجحت عبر مركز لفيوش الوهابي من أعداد الألاف من القيادات والعناصر المتطرفة والعميلة والارهابية.
تقاسم المصالح
على مدى السنوات الماضية، تقاسمت دول الاحتلال السعودية والإمارات المصالح ونفذت الكثير من أجندتها الاستعمارية، ومع ذلك تعيش صراع سيطرة ونفوذ على الموانئ المحتلة ابتداء من ميناء المخا التاريخي غرب محافظة تعز وصولاً إلى تعطيل الدولتين موانئ عدن، وحولت هذا الميناء من عالمي إلى محلي بعد توقف عدد كبير من الخطوط الملاحية الدولية من القدوم إليه بسبب المضايقات الإماراتية التي تتعرض لها السفن القادمة إلى ميناء عدن.
وأفاد التقرير أن السعودية والإمارات تتخذان ميناء الزيت ميناءً عسكرياً لهما، وأن نطاق تقاسم الموانئ بين دول الاحتلال في المحافظات الجنوبية امتد للسواحل الشرقية، حيث تسيطر الإمارات على ميناء بلحاف الخاص بتصدير الغاز المسال، وميناء الضبة النفطي الذي ما يزال تحت سيطرة قوات موالية للإمارات، وتسيطر الرياض على ميناء نشطون في المهرة والمنافذ البرية المتواجدة في المحافظات الجنوبية.
ويضاف إلى تحكم الرياض بمسار الحركة الملاحية في مطاري عدن وسيئون والإبقاء على مطار الريان الدولي في المكلا عاصمة في حضرموت قاعدة عسكرية أمريكية سعودية إماراتية مشتركة.
واحتلت الرياض مطار الغيظة وحولته إلى قاعدة عسكرية تابعة لها وفُتحت غرف عمليات عسكرية للقوات الأمريكية والبريطانية في المطار المدني الذي أصبح ثكنة عسكرية للعشرات من عناصر المارينز الأمريكي والقوات البحرية البريطانية.
تقاسم وصراع نفوذ
على مستوى المحافظات، وفقا للتقرير فقد تقاسمت دول الاحتلال مناطق السيطرة والنفوذ، وتحت مسمى إعادة الإعمار في اليمن، احتلت السعودية عسكرياً محافظة المهرة البعيدة عن أي صراعات عام 2017م، وحولتها بوابة اليمن الشرقية إلى ثكنة عسكرية تابعة للرياض.
وعمدت دول العدوان مؤخراً على إنشاء مليشيات محلية موالية لها في الغيظة، فمنحت السعودية منذ منتصف العام 2020م، أرخبيل سقطرى للإمارات بعد أن مكنت مليشيات الانتقالي من السيطرة الكلية على مدينة عدن مطلع العام 2018م، مقابل فرض السيطرة العسكرية على محافظة المهرة والإبقاء على وادي وصحراء حضرموت تحت سيطرة مليشيات موالية لها.
ورغم ذلك تعيش دول الاحتلال في المحافظات الجنوبية، صراع نفوذ غير مسبوق وصل قبل أسابيع إلى تمدد مليشيات موالية للرياض إلى احدى بوابات مدينة عدن، بعد أن انتزعت مناطق كانت تحت سيطرة مليشيات الإمارات في محافظة لحج، يضاف إلى تأسيس السعودية عام 2019م، لتشكيلات عسكرية موالية لها في لودر بمحافظة أبين تحت مسمى ألوية الاماجد بقيادة المتطرف صالح الشاجري لفرض وجودها في القرب من مدينة عدن.
وكانت الرياض حشدت الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية للدفاع عن حدودها الجنوبية وحمايتها من ضربات الجيش واللجان الشعبية خلال السنوات الماضية، وتسبب ذلك بمقتل وإصابة الآلاف منهم، يضاف إلى رعاية السعودية لتنظيم القاعدة في عدد من مديريات أبين ووادي حضرموت والدفع بهم للقتال في جبهات جنوب مأرب.
استنزاف أبناء المحافظات الجنوبية
تحوّلت المليشيات التابعة لدول الاحتلال إلى أذرع عسكرية للتحالف فاقدة للقرار والإرادة، يوجهها للقتال في أي معارك عبثية لاستنزال أبناء المحافظات الجنوبية.
ونفذ المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية، حصر لآلاف من أبناء الجنوب الذين قتلوا في معارك عبثية في الساحل الغربي والحديدة وفي البيضاء والضالع وبيحان ومأرب ونهم والجوف وجبهات ما وراء الحدود خلال السنوات الماضية.
وبالاعتماد على أكثر من مصدر جنوبي، إحداها، تصريح القيادي الإخواني في عدن نائف البكري بشأن مقتل 12 ألف في جبهة نهم، معظمهم من أبناء المحافظات الجنوبية في صفوف حزب الإصلاح في نهم ومأرب خلال الفترة 2015ـ 2019م، ورصد القتلى المعلن عنهم من أطراف جنوبية متعددة وفي معارك عبثية متعددة آخرها معركة بيحان التي خسرت فيها مليشيات العمالقة أكثر من 700 قتيل أواخر العام المنصرم.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن أعداد أبناء المحافظات الجنوبية الذين دفع بهم تحالف العدوان إلى محارق الموت في جبهات الداخل وما وراء الحدود خلال السنوات السبع الماضية، يتجاوز 30 ألف قتيل وأكثر من 45 ألف جريح.
وعملت دول الاحتلال على إعادة تيار عفاش للمحافظات الجنوبية ابتداءً بتحويل منطقة بئر أحمد في مدينة عدن إلى معسكرات تدريب لمليشيات المرتزق طارق عفاش، وصولاً إلى استنزاف أبناء الجنوب في عدد من المعارك والإبقاء على مرتزقة عفاش في الساحل الغربي وتمكينهم بعد ذلك من قيادة الملف العسكري والأمني في محافظة شبوة مؤخراً.
فرض سياسة تجويع متعمدة
دفع أبناء المحافظات الجنوبية خلال السنوات الماضية، فاتورة باهظة جراء الاحتلال السعودي الإماراتي، الذي يفرض سياسات التجويع والعقاب الجماعي، والتهرب من أي مسؤولية تجاه السكان في المحافظات المحتلة.
ومع أن القانون الدولي يلزم الغزاة والمحتلين تقديم الخدمات للسكان، لانتهاكه السيادة واستلاب قرار الجهات الحكومية ومصادرة الإيرادات ونهب الثروات، اُستخدمت دول العدوان ما تسمى بالشرعية كغطاء لقتل اليمنيين في المحافظات الحرة وتدمير البنية التحتية وتشديد الحصار، وتستخدم ذات الغطاء في المحافظات الجنوبية لتفرض سياسات تجويع وإذلال غير مسبوقة على المواطنين.
وكمثال على ذلك ادعاء الرياض تقديمها قبل عام منحة نفطية قدرها 435 مليون دولار من مادة الديزل لمحطات الكهرباء في المحافظات المحتلة، وأعلنت عن تلك المنحة التي ستقدم عبر ما يسمى “برنامج إعادة الإعمار” الذي يرأسه سفيرها في اليمن محمد آل جابر، والذي يعد الحاكم المدني في المحافظات المحتلة، يساعده في ذلك حكام وعسكريون سعوديون في عدن وحضرموت ومأرب والمهرة.
وتبين أن المنحة مجرد كذبة أبريل الماضي، كون الحكومة السعودية في الرياض باعت الكمية بسعر السوق السعودي، وتم الاتفاق على دفع ثمن كل شحنة مقدماً لشركة أرامكو.
ومع ذلك احتجزت الرياض الدفعة الأخيرة في خزانات مصافي عدن ومنعت نقل أي كميات منها لتغذية محطات الكهرباء في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى متسببة بمعاناة شديدة في أوساط المواطنين في تلك المناطق الساحلية.
كما تضاعفت معاناة المواطنين من سوء أداء القطاع الصحي والخدمي في المحافظات المحتلة، فضلا عمًا تشهده تلك المحافظات من أزمات حادة في المشتقات النفطية التي وصل سعر الصفيحة الواحدة سعة 20 لتر في السوق السوداء إلى 60 ألف ريال رغم أن المحافظات المحتلة يصدّر منها النفط الخام سنوياً بأكثر من 31 مليون برميل نفط عبر مينائي النشيمة والضبة، ويتم تحويل إيرادات مبيعات النفط إلى حسابات بنكية سعودية.
ورغم ذلك تسعى الرياض عبر عملائها في المحافظات المحتلة إلى التحكم بالسوق المحلي للنفط ومنح شركة أرامكو حق السيطرة على السوق.
ونتيجة للعبث المتعمد لدول العدوان بالثروات في المحافظات الجنوبية المحتلة، ارتفع معدل أسعار الغذاء إلى أعلى المستويات وسط غياب أي حلول، وتدهورت أوضاع المواطنين جراء تراجع فرص العمل وكذا تدهور القيمة الشرائية للعملة المطبوعة.
وتعالت الأصوات المناهضة للاحتلال السعودي الإماراتي في مختلف المحافظات، وأصبح أبناء المحافظات الجنوبية اليوم مهيئين لانتفاضة شعبية جارفة تنهي الاحتلال وتسقط كل وسائط المحتل المحلية من مليشيات وكيانات سياسية وعسكرية، وينشدون التحرر من الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي ويتوقون للاستقلال.