أتباع الطغاة والحسرة العظمى
أتباع الطغاة والحسرة العظمى
على مستوى الأتباع والمتبوعين قد تصل الحال أيضاً إلى التبرؤ من بعضهم البعض: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة: من الآية166]، فالمتبوعون لم يقدِّروا الجميل لأتباعهم الذين اتبعوهم في الباطل، ناصروهم في هذه الدنيا في المواقف الظالمة والباطلة، وقفوا معهم وفي صفهم، أيَّدوهم وصفقوا لهم وناصروهم وعاضدوهم ومكنوهم، لم يحسبوا لهم جميل ما فعلوه معهم في الدنيا، وقد يكون الكثير من الناس (من الأتباع) قاتل مع أولئك المتبوعين الطغاة، الجائرين، الظالمين، المبطلين، أيدهم في الدنيا في كل محفل، في كل مقام، في كل مكان، بلسانه، بكلماته، ناصرهم، غضب من أجلهم، ضحى من أجلهم، أنفق من أجلهم، قدَّم الكثير معهم؛ لا يقدِّرون له جميل ذلك، يتبرؤون منه: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ}، وحسرات شديدة لأولئك الأتباع الذين قد يكون الكثير منهم أيضاً لم يستفد في هذه الدنيا؛ إنما تحمَّل الكثير من الأعباء، وقدَّم الكثير من التضحيات، وتكبَّد الكثير من الخسائر، وفي الأخير يتبرؤون منه يوم القيامة: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}[البقرة: الآية167]، يتمنى الكل أن لو أمكن لهم أن يعودوا إلى هذه الدنيا ويعود الوضع إلى سابقة ليتبرؤوا من أولئك المتبوعين، ويتخلوا عنهم، فيصل بهم إلى الخسارة؛ لأنهم في الدنيا إنما اعتمدوا على نصرتهم ومعونتهم ومتابعتهم وتأييدهم، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه من مكانة وسلطة، أو نفوذ وتأثير في هذه الدنيا، ولكن لم يبق من ذلك إلا الحسرات.