آل سعود والتقدم الى الوراء… اليمن اسقطهم والاستحقاق الرئاسي في لبنان شاهداً
أمام المتغيرات والتطورات التي تعيشها المنطقة يمكن القول اننا امام مرحلة جديدة وشرق اوسط جديد ، نعم هو جديد لكنه ليس على الطريقة الاميركية او كما تريده السعودية. فما حصل في لبنان مؤخرا مؤشر مهم جدا على مآل السياسة السعودية في المنطقة. اذ لم يعد خافيا على احد حجم التدخل السعودي في الشؤون العربية وبالتالي ما سيكون لهذا التغيير من آثار على استرجاع دول المنطقة لحرية قرارها.
بداية لا بد من الاشارة الى ان حجم المؤامرة ليس بقليل وان القوى المشاركة في هذه المؤامرة هي قوى وازنة وفاعلة ولديها امكانيات ضخمة وكبيرة جدا . وان حجم الصراع مفتوح على مصراعيه من لبنان الى سوريا والعراق واليمن .
وبمنطق الامور فان هذه القوى تملك مقومات الربح ، لكنها حتى الان لم تحقق ذلك بل العكس فهي تُمنى بهزائم في اكثر من ملف ومنطقة. اذاً ما الذي جرى ويجري؟
لا بد من التذكير بان مهمة اسقاط النظام في سوريا قد اوكلت الى السعودية هذا يعني ان القرار قديم ولكن الخلاف والاختلاف في الاساليب فقط .
لم ينجح حينها اصحاب المشروع من اسقاط النظام بشكل مباشر عن طريق الضغط (كلنا يعرف حادثة كولن باول قبيل غزو العراق عام 2003 ) وهنا كانت البداية ، ثم جاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري المطية اللازمة لمحاسبة سوريا وبالتالي اخضاع النظام تحت هول التهديد والوعيد.
عجز هذا الفريق عن تحقيق غاياته فكانت حرب 2006 التي اريد منها تغيير وجه المنطقة . نعم تغيرت لكنها بغير ما رغب به هذا الفريق.
من ثم كانت مبادرة الاحتواء للرئيس الاسد الامر الذي اخذه على عاتقه الملك عبد الله وكلنا يذكر حينها كيف ذهب سعد الحريري بمعية الملك عبد الله لينام في احضان من كان بالامس القريب “قاتل ابيه”.
لم ينجح حينها الملك عبد الله في احتواء النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الاسد لجهة فك ارتباطه بالمقاومة في لبنان وبالجمهورية الاسلامية في ايران فاُعلنت الحرب الضروس على سوريا من جديد الى ان بدات الثورات العربية فكانت سوريا الهدف وحتى الان لم ينجح هذا الفريق في تغيير النظام او نقل سوريا من ضفة المقاومة والعروبة الى ضفة الصهيو- عربية.
كل الذي حصل من اخفاقات يعود الى سبيين رئيسيين :قرارات آل سعود النابعة عن الكراهية والحقد من جهة وتضحيات وصلابة جبهة المقاومة من جهة ثانية.
لقد اتى العالم كله الى سوريا او جيء به تحت عناوين مختلفة وتم تسليح التكفيريين والارهابيين ودفعهم بكل قوة لاسقاط النظام فتوحدت جبهة المقاومة وصدت هذه الاندفاعة وواجهتها ودفعتها الى التراجع.
بالتزامن كانت حرب النفط التي ارادتها السعودية للضغط على ايران فارتدت عليها باكبر الخسائر الاقتصادية تاريخيا ، فالسياسة التي انتهجها ال سعود غلب عليها طابع الحقد والكراهية من دون التفكير بالنتائج ولا بالمصلحة السعودية الخاصة.
لكن التطور المهم للهزائم التي مني بها المشروع السعودي في المنطقة بدأ مع العدوان على اليمن.
فبكل زهو وطاووسية خرج دعاة العدوان واصحابه على اليمن الاعزل للاعلان عن بداية عهد جديد في المنطقة . لم تمر اشهر قليلة حتى بدا العجز لكن المكابرة النابعة من الحقد وليس المصالح كانت الدافع لاستمرار العدوان وبالتالي الغرق اكثر فاكثر في الوحل، لم يتوقع غلمان آل سعود هذه النهاية لكن العقلاء كانو يرونها حتمية وكانت المقولة الشهيرة للامام السيد علي الخامنئي “سيتمرغ انف آل سعود في التراب” وكلام كثير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول هزيمة آل سعود ومشروعهم في المنطقة على يد الحفاة اليمنيين .
وهنا بدا التغيير في المشهد وبشكل عرضي وعلى كل الجبهات:
-في سوريا الجيش وحلفاؤه يحققون التقدم على اكثر من جبهة وصولا الى حلب التي يكاد يبسط سيرطته عليها وبالتالي انهاء حلم اسقاط النظام او تشكل تهديد جدي له. حتى دخل الاميركي مباشرة على الخط بعد فشل السعودي في تحقيق اي تقدم.
-في الملف النووي الايراني كان النحيب مشتركا سعوديا – اسرائيليا اذ لم تفلح الضغوط والاغراءات بايقاف عجلة الاتفاق النووي الايراني.
-في العراق يتم اسقاط اخر الاوراق من يد السعودية في الموصل وايضا بمشاركة اميركية تفوح منها رائحة انتخابية.
-في اليمن خسائر كبرى معنويا وماديا والجيش اليمني واللجان الشعبية تصل الى جيزان داخل الاراضي السعودية ولم تستطع مملكة ال سعود من تحقيق هدف واحد سوى التدمير والقتل والتشريد اما ما عدا ذلك فكل ما يحصل في اليمن يسجل لصالح الجيش واللجان.
-رأي عام عالمي وازن على الاقل على المستوى الشعبي ينظر الى السعودية اما انها منبع التكفير والارهاب او انها دولة ارهابية وهذا الامر بدأ يشكل ضغط على صناع القرار في العالم ، ويؤثر على علاقات السعودية الخارجية .
-ازمة اقتصادية خانقة الى حد الانهيار يرافقها حالة من السخط الداخلي على السياسات التي أوصلت المملكة الى شفير الهاوية . اذ يكفي في هذا المجال العودة الى مواقع التواصل الاجتماعي التي عكست سخط وغضب الشارع السعودي الذي بدأ يرفع الصوت وبشكل متسارع.
-قانون جاستا الاميركي اذ شكل هزيمة حقيقية للسعودية وطعنة في الظهر من الحليف الاميركي حسب قول الساسة السعوديين.
– اخيرا وليس اخرا توتر العلاقات السعودية المصرية على خلفية تصويت الاخيرة في مجلس الامن لصالح المشروع الروسي فيما خص سوريا الامر الذي اغضب الممكلة التي ترفض اي قرار عربي مناوئ لرغبتها.
اما في لبنان حيث كانت صورة هزيمة المشروع السعودي واضحة وجلية مهما حاولت المساحيق تجميلها ، اذ بعد عامين ونصف العام من تعطيل العمل المؤسساتي لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية تخلت السعودية ومن دون سابق انذارعن رفضها للعماد عون وقالت لاتباعها في لبنان ما معناه بالعامية ” قلعوا شوككن بايديكم”. وهذه التغيرات في لبنان ما هي الا شاهد على تقطع اذرع المملكة في لبنان حيث تركت مواليها في هذا البلد هائمين على وجوههم .
كل هذه الاخفاقات السعودية في المنطقة اضافة الى استمرار عدوانها على اليمن شكلت نقطة التحول الكبرى نحو التغيير الاستراتيجي الذي بدأت ملامحه تُرسم مع المشهد اللبناني وقبله اليمني والسوري والعراقي، وهي بالمناسبة مشاهد اولية في مسلسل لا زالت فصوله تُكتب تحت عنوان “التغيير القادم في الشرق”.