“آسيا تايمز” الصينية: لماذا ينظر إلى الحرب السعودية على اليمن بأنها إرهاب أمريكي؟
الحرب الأمريكية السعودية على اليمن هي الآن في عامها الثالث، وحملة القصف السعودية العشوائية لا تزال مستمرة على قدم وساق، ودمرت الكثير من البنية التحتية للبلاد، وقتلت الآلاف من المدنيين، وزجّت ملايين آخرين إلى حافة المجاعة، وأدت مؤخراً إلى تفشي وباء الكوليرا الذي أصاب نصف مليون شخص تقريباً.
وفي 23 يوليو، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن أكثر من 600 ألف شخص سيصابون بالكوليرا في اليمن هذا العام.
معظم الأمريكيين ليسوا على بينة من دور بلادهم في هذه الحرب على أفقر بلد في الشرق الأوسط، ولكن اليمنيين يعرفون جيداً أن واشنطن تزود الأسلحة وترعى حملة القصف السعودية المسؤولة عن معاناتهم. ويرى اليمنيون أن الحرب ليست حرباً سعودية فحسب، بل حرب وإرهاب أمريكي على بلادهم.
وفي العاصمة صنعاء، ترى كتابات مناهضة للولايات المتحدة على الجدران في جميع أنحاء المدينة تصرخ: “أمريكا تقتل الشعب اليمني”.
وفي 19 يوليو، بث برنامج البث الإذاعي العام الأمريكي فيلما وثائقيا قصيرا من داخل اليمن عرض فيه تأثير الحرب على البلاد. وفي مايو، بعد أيام قليلة من وصول طاقم البرنامج التلفزيوني، كانت هناك مظاهرة كبيرة في صنعاء تحت عنوان “لا للإرهاب الأمريكي”، حيث التقط الطاقم صورا قوية للناس وهم يدينون العدوان الأمريكي على بلادهم.
وطبقاً للفيلم الوثائقي، كانت هذه التظاهرة رداً على وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، حيث أعلن عن نيته الموافقة على حزمة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار للسعوديين لمواصلة حملة القصف على بلادهم.
واستهدفت القوات السعودية المزارع والمرافق الغذائية والبنية التحتية للمياه والأسواق وحتى ميناء الحديدة حيث معظم المساعدات الإنسانية تدخل البلاد من خلاله، ويرغب اليمنيون التوقف عن ذبحهم وتدمير بلادهم. ويحتاج ما يقرب من 19 مليون شخص إلى المساعدة، ويواجه 7 ملايين شخص المجاعة.
وأشار طاقم البرنامج التلفزيوني إلى أنه وعلى الرغم من أن اليمنيين يعرفون بوضوح أنهم أمريكيون، لكن لم يكن هناك أي عدائية منهم، حيث وضع السكان اللوم ليس على الأمريكيين ولكن على الحكومة الأمريكية. وأوضح أحد المتظاهرين أنه يحترم أمريكا، ولكن الغرض من التجمع هو “التعبير عن سخطنا ضد سياسة الولايات المتحدة”. لقد أراد اليمنيون العاديون أن يكون العالم على دراية بما يجري فعلياً في بلدهم.
لكن صرخات اليمنيين لم تبدد، حيث سلّط بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي الضوء على تواطؤ بلادهم في هذه الكارثة الإنسانية، وقاد هذا الجهد السيناتور الجمهوري راند بول، والسيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، والديمقراطي تيد ليو عضو الكونغرس.
وفي 13 يونيو، صوت مجلس الشيوخ على مشروع قانون من الحزبين لوقف حزمة جديدة من الأسلحة بقيمة 510 ملايين دولار إلى المملكة العربية السعودية، ولكن هزم بفارق ضئيل بـ53 مقابل 47 صوتاً. وعلى الرغم من الخسارة، إلَّا أن التصويت يعكس مدى الزيادة في مستوى المعارضة في مجلس الشيوخ لمبيعات الأسلحة السعودية، مقارنة مع إجراء مماثل في سبتمبر من العام الماضي الذي فشل بـ71 مقابل 27 صوتا.
وقال السناتور كريس ميرفي، إن الكونغرس لاحظ أخيراً أن السعودية تستخدم الذخائر الأمريكية للتعمُّد في ضرب أهداف مدنية داخل اليمن.
وقال السيناتور الجمهوري راند بول: “السعودية قصفت المنازل والمدارس والمستشفيات بشكل عشوائي وبأسلحة أمريكية. وأخشى أنهم بهذه الأسلحة الجديدة، سيستخدمونها لقصف المدنيين. قبل ستة أشهر قصفوا قاعة عزاء، مما أسفر عن مقتل 140 مدنيا وإصابة 500. لا أريد أن يتم ذلك بأسلحة أمريكية. وأعتقد أن هذا يعطينا عيناً سوداء في المنطقة.. وقد يؤدي في الواقع إلى خلق إرهابيين أكثر مما نقتل”.
تيد ليو الذي احتج منذ بداية الحرب على التواطؤ الأمريكي في جرائم الحرب السعودية، أصدر مؤخراً بياناً حول إقرار مجلس النواب تعديله قانون تفويض الدفاع الوطني للعام المالي 2018. ويتطلب التعديل الذي قدمه السناتور ليو من البنتاغون تقديم تقرير إلى الكونغرس حول ما إذا كانت الرياض وشركاؤها في التحالف ملتزمين بالقانون الدولي في اليمن، وفي 14 يوليو صوت مجلس النواب أخيراً لرفض الدعم العسكري الأمريكي للحرب السعودية على اليمن.
ورغم ذلك، يستمر اليمن في الانهيار تحت القصف الجوي السعودي المستمر، مع منع الرياض للصحفيين والمنظمات الإنسانية من الدخول إلى اليمن لتغطية الدمار الذي ألحقته طائراتهم وتفشي وباء الكوليرا القاتل.
وحذر جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن، من أن الأمم المتحدة لم تتمكن حتى الآن من زيادة حتى 30 ٪ من التمويل الذي تحتاجه للتعامل مع الأزمة بسبب نقص التغطية الإعلامية.
وفي حين تم تجاهل الدمار والمجاعة في اليمن إلى حد كبير في الصحافة الأمريكية، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية في 22 سبتمبر 2016 مقالاً وفيديو يقدم نظرة خاطفة على البؤس والمعاناة الإنسانية، وخاصة الأطفال اليمنيين.
وعلى الرغم من ذلك، يعرب ماكغولدريك عن أسفه لكون اليمن “منسية بشكل مقصود”.
* د.كريستينا لين: باحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ومستشارة بارزة في الأبحاث البيولوجية والنووية في مركز “ماركيت” الاستخباراتي.