هل يسعي ترامب لتحسين ظروف نتنياهو التفاوضية أم لاستئناف الحرب على غزة؟

 في الوقت الذي تواصل فيه الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب لعب الدور المعتاد والمنحاز للكيان الصهيوني، رغم اختلاف الوجوه والأسماء، إلّا أنّ لعبة “الابتزاز السياسي والمماطلة” وحالة اللايقين التي يتقنها الساسة الأمريكيون والإسرائيليون، تتواصل في القضية الأكثر إنسانية وإلحاحًا في ظل الأوضاع الكارثية التي يواجهها الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المنكوب بالعدوان الصهيوني المتواصل منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا.

لا ضمانات لصمود وقف إطلاق النار

وعلى الرغم من إعلان حركة حماس اليوم الاثنين، أنها مستعدة وجاهزة لجولة مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، يواصل العدو الإسرائيلي وحكومة نتنياهو الأكثر تطرفا ونازية، سياسة المراوغة والمماطلة، بعد طلب نتنياهو من الوفد المفاوض أن ينتظر حتى انتهاء زيارته لأمريكا ومقابلته لترامب، قبل أن يعلن الأخير إنه “لا توجد ضمانات بأن وقف إطلاق النار في غزة سيصمد”، في مسعى رأى فيه مراقبون رفعًا للسقوف لتحسين أوراق نتنياهو التفاوضية في المرحلة الثانية من الصفقة.

وفي الأثناء قال مبعوثه الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن الاتفاق صامد في الوقت الحالي. وجاءت تصريحات ترامب وويتكوف لصحافيين في البيت الأبيض. وفي موازاة ذلك، نقلت هيئة البث العبرية عن مصادر قولها إن ترامب ومبعوثه ويتكوف مصممان على إتمام اتفاق إطلاق سراح الرهائن (المحتجزين الإسرائيليين في غزة) حتى إنهاء الحرب.

تحسين شروط التفاوض

وفي هذا السياق أكد الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد، في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام، أن تصريحات رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تمثلت في رغبته في تأجيل أو وقف المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية، تأتي في سياق سعيه إلى تحسين شروط التفاوض لصالح إسرائيل. هذه التصريحات تزامنت مع زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما يعكس أهمية المرحلة الثانية من المفاوضات في تحديد مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى معالجة ملف قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية.

وأوضح عياد أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال تسعيان إلى ترتيب أوراقهما قبل انطلاق هذه المفاوضات، وأن التنسيق بين الطرفين ضروري للتعامل مع الوضع في قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية.

ومن وجهة نظره، يسعى نتنياهو إلى تعزيز أوراق دولة الاحتلال وتحسين موقفها التفاوضي على طاولة المفاوضات، بالإضافة إلى الضغط على المقاومة الفلسطينية بشكل أكبر عبر التأجيل والمراوغة الإسرائيلية، وهي خطوة تكتيكية تهدف إلى تجنب التصعيد العسكري وضمان عدم تحقيق المقاومة مكاسب جوهرية.

أهمية المرحلة الثانية للمفاوضات

ويرى عياد أن المرحلة الثانية من المفاوضات تمثل الرهان الأساسي للإدارة الأمريكية ولحكومة نتنياهو، حيث تأمل الولايات المتحدة وإسرائيل في معالجة الملف الفلسطيني بما يضمن عدم الدخول في حرب جديدة مع المقاومة الفلسطينية. مؤكدا في الوقت نفسه، أنّ هذه المفاوضات تتعهد بعدم السماح للمقاومة بتحقيق أي مكاسب استراتيجية في المستقبل.

من جهة أخرى، يؤكد عياد أن نتنياهو لا يريد للمفاوضات أن تؤثر سلبًا على استقرار ائتلافه الحاكم أو علاقاته مع الولايات المتحدة. لذلك، فهو يسعى للتعرف على أهداف الرئيس الأمريكي ترامب وتحديد كيفية التعامل مع الملفات الحساسة في المرحلة القادمة، لا سيما فيما يتعلق بإيران.

ملف التهجير ورقة أخرى ضاغطة

وتطرق عياد إلى قضية التهجير، مشيرًا إلى أن الضغط الأمريكي في هذا الملف كان يشكل ورقة ضغط على المقاومة الفلسطينية ودول الإقليم. رغم ذلك، لا يعتقد أن الضغط الأمريكي بهذا الصدد سيستمر طويلاً، خاصة بعد المواقف العربية الرافضة لمقترحات إدارة ترامب.

واستدرك بالقول: لكن الملف يظل على طاولة المفاوضات كأداة للضغط على الفلسطينيين، في محاولات من جانب دولة الاحتلال لتحويل الملف إلى مسؤولية الدول العربية.

وأكد عياد أن قضية التهجير تعتبر من الملفات المعقدة التي لا ترتبط بإرادة نتنياهو أو حتى الإرادة الأمريكية بشكل كامل، إذ إن هناك عوامل إقليمية ودولية تمنع تفعيل هذه الورقة بشكل عاجل. كما أن مقاومة الشعب الفلسطيني ومواقف الدول العربية تعد عقبات رئيسية أمام تنفيذ أي خطط متعلقة بهذا الملف.

التوقيت الضاغط وتأثيره على المفاوضات

وحول اللقاء المفاجئ بين ترامب ونتنياهو، أكد عياد أن هذا اللقاء يعكس أهمية المرحلة المقبلة من المفاوضات، خصوصًا مع اقتراب موعد المرحلة الثانية منها.

وأوضح أن اللقاء لم يكن مخططًا له مسبقًا، لكنه جاء نتيجة للضغوط والظروف الموضوعية التي استدعت التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بعد التوترات التي ظهرت بين نتنياهو والمبعوث الأمريكي على خلفية الصفقة، لافتا في الوقت ذاته إلى أنّ هذا اللقاء يعد مؤشراً على رغبة أمريكية في تنسيق الجهود بين واشنطن وتل أبيب لتجنب تصادم جديد، وهو ما قد يضر بالوضع التفاوضي لنتنياهو.

وأشار عياد إلى أن التوقيت الضاغط للمفاوضات في المنطقة يتطلب مواقف حاسمة من الولايات المتحدة وإسرائيل، خصوصًا في ملف وقف إطلاق النار، مشددا على أنّ “هذا اللقاء بين ترامب ونتنياهو يمثل خطوة هامة نحو تحديد مواقف الولايات المتحدة، حيث يُتوقع أن يكون له تأثير كبير على سير المفاوضات المقبلة”.

المماطلة ستفتح باب الفوضى في المنطقة

من جانبه عبّر المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الانصاري، عن أمله في أن يبلغ ترامب نتنياهو بالوفاء بالتزاماته وإرسال فريقه التفاوضي إلى الدوحة فور عودته من واشنطن.

وقال الأنصاري في تصريحات صحفية تابعها المركز الفلسطيني للإعلام: ما أفهمه أن نتنياهو يريد لقاء ترامب أولا وإجراء مناقشات قبل إرسال وفد التفاوض.

وحذر من أنّه “لا يمكننا أن نتحمل فشل هذه الصفقة، فهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام الفوضى في جميع أنحاء المنطقة” على حد تعبيره.

وأضاف الأنصاري: “نحن نعتمد على الرئيس ترامب ونعلم أنه سيشجع نتنياهو على الاستمرار في السلام والمضي قدمًا في خلق السلام الدائم الذي سيجلبه الرئيس ترامب إلى المنطقة”.

اقرأ المزيد عبر موقع الحقيقة نت:

قد يعجبك ايضا