مواطنة لحقوق الإنسان :الهجمات الأمريكية في اليمن “جرائم حرب” ..دعوة للتحقيق والمساءلة وجبر الضرر
قالت “مواطنة لحقوق الإنسان” الاثنين، أنها تحقق بمقتل 138 مدنيًا، بينهم 19 طفلًا و5 نساء، وإصابة 292 آخرين، نتيجة للغارات الأمريكية في عدة محافظات يمنية، معتبرة أن تلك الهجمات قد تشكل جرائم حرب وداعية المجتمع الدولي للتحقيق.
وأوضحت مواطنة لحقوق الإنسان، في تقرير لها بعنوان “مقتل وإصابة عشرات المدنيين.. حملة أمريكية المدنيين والمنشآت الحيوية”، أن الهجمات استهدفت مواقع مدنية محمية، مثل المنازل والأسواق والمرافق الصحية، منذ بداية العمليات العسكرية الأمريكية في 15 مارس 2025.
وقالت رئيسة المنظمة، رضية المتوكل، إن المدنيين اليمنيين أصبحوا أهدافًا للهجمات العشوائية، مشيرةً إلى أن هذا الوضع يتطلب تحقيقًا ومساءلة.
كما وثقت المنظمة عدة هجمات، منها غارات على ميناء رأس عيسى ومصنع في صنعاء، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المدنيين.
وحذرت مواطنة من كون هذه الهجمات تخالف مبادئ القانون الإنساني الدولي، وقد تشكل جرائم حرب، داعية المجتمع الدولي إلى فتح تحقيقات مستقلة في هذه الانتهاكات. وأشارت إلى أن فريقها لا يزال يعمل على توثيق الأضرار المدنية الناتجة عن هذه الهجمات في ظل ظروف صعبة.
نص بيان مواطنة لحقوق الإنسان
مقتل وإصابة عشرات المدنيين
حملة أمريكية جديدة تستهدف المدنيين والمنشآت الحيوية
قالت “مواطنة لحقوق الإنسان” إنها تحققت من مقتل ما لا يقل عن 138 مدنيًا، بينهم 19 طفلًا و5 نساء، وإصابة 292 مدنيًا آخرين، بينهم 10 أطفال و8 نساء على الأقل.
وأضافت أن فرقها الميدانية وثقت استهداف المقاتلات الأمريكية للعشرات من الأعيان والمواقع والمنشآت المدنية المحمية، بما في ذلك منازل، وأسواق تجارية، ومرافق صحية، ومكاتب حكومية خدمية، ومنشآت صناعية، ومنشآت بنية تحتية مدنية حيوية، في محافظات صنعاء وأمانة العاصمة والحديدة وصعدة وإب وحجة والجوف وذمار، الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، منذ بدء النسخة الحالية من العمليات العسكرية الأمريكية التي بدأتها إدارة ترامب في 15 مارس/ آذار 2025.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة “مواطنة لحقوق الإنسان”: “على مدى ما يزيد عن عقد من عمر النزاع المسلح، كان المدنيون اليمنيون أهدافًا للهجمات العشوائية وغير المتناسبة للأطراف المتنازعة. وفي الوقت الذي كانوا يتطلعون فيه إلى إنهاء هذا الفصل الدامي من حياتهم، وجدوا أنفسهم أهدافًا محتملة لهجمات القوات الأمريكية”.
وأضافت: “لقد فتحت الهجمات الأمريكية العشوائية المتكررة الحالية ضد المدنيين اليمنيين فصلاً جديدًا يُضاف إلى سجل أمريكي ملطخ بقوائم الضحايا المدنيين للطائرات بدون طيار، والضحايا المدنيين للأسلحة الأمريكية لعمليات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والضحايا المدنيين لعمليات حارس الازدهار”.
وتابعت المتوكل: “إن هذا الاستهتار الأمريكي ناتج عن تكريس سياسة الإفلات من العقاب السائدة. لدى الولايات المتحدة الأمريكية تاريخ حافل بارتكاب جرائم الحرب والانتهاكات المروعة في اليمن وحول العالم، والإفلات من العقاب، وهذا وضع مشين يجب أن يتغير. لقد حان وقت التحقيق والمساءلة وجبر الضرر”.
نماذج للهجمات الأمريكية ضد المدنيين في اليمن
في يوم الخميس 17 أبريل/ نيسان 2025، قرابة الساعة 9:30 مساءً، شنت المقاتلات الأمريكية عدة غارات جوية على منصة الوقود في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة غربي اليمن، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 80 مدنيًا، بينهم طفلان، وإصابة 171 آخرين، من عمال الميناء وسائقي الشاحنات والمسعفين الذين وصلوا للمكان عقب الغارات الأولى لإسعاف الضحايا. وأدت الهجمات إلى تدمير بنية الميناء بشكل كلي، بالإضافة إلى تدمير عدد من شاحنات نقل الوقود، وتسببت بتلوث بيئي كبير نتيجة تسرب الوقود إلى مياه البحر.
وفي يوم الأحد 13 أبريل/ نيسان 2025، قرابة الساعة 9:00 مساءً، شنت المقاتلات الأمريكية ثلاث هجمات متتالية استهدفت مصنع السواري للربلات في منطقة متنه، مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، إحداها استهدفت سيارة تقل مسعفين وصلت إلى المكان عقب الغارة الأولى بنحو عشر دقائق، مما أدى إلى مقتل 6 مدنيين وإصابة 27 آخرين، بينهم امرأة ومسعف. جميع الضحايا من عمال المصنع، ومن سكان المنازل المجاورة له، وكذلك عمال مطعم مجاور للمصنع، حيث قُتل اثنان من عمال المطعم وأُصيب مالكه.
كما استهدفت غارة جوية أمريكية بدرومًا لتخزين الحديد والخشب في منطقة عصر بمديرية معين بأمانة العاصمة صنعاء، في يوم الأحد 23 مارس/ آذار 2025، قرابة الساعة 10:00 مساءً، مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين، أحدهما طفل، وإصابة 12 آخرين، بينهم طفلة من المارة، وتضررت المنازل والمتاجر القريبة.
وفي يوم الاثنين 17 مارس/ آذار 2025، قرابة الساعة 3:00 صباحًا، استهدفت المقاتلات الأمريكية المجمع الحكومي في مديرية الحزم بمحافظة الجوف، مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة عشرة آخرين من الحراسة الأمنية للمجمع، وتدمير أجزاء كبيرة من مباني المحكمة الابتدائية، ومكتب الخدمة المدنية، ومقر الأحوال المدنية، وقاعة الاحتفالات المركزية، إلى جانب تضرر بعض المنازل المجاورة.
وفي يوم الأربعاء 19 مارس/ آذار 2025، قرابة الساعة 7:30 مساءً، نفذت المقاتلات الأمريكية غارتين جويتين على قاعة أفراح في حارة الحشوش بمنطقة الجراف، مديرية شعوب شمال أمانة العاصمة صنعاء، مما أدى إلى إصابة 3 نساء وطفلة من سكان المنازل المجاورة، بالإضافة إلى تدمير مصنع كمامات بالقرب من القاعة المستهدفة، وأضرار واسعة بالمنازل المجاورة.
وفي يوم الثلاثاء 1 أبريل/ نيسان 2025، قرابة الساعة 11:00 مساءً، شنت المقاتلات الأمريكية غارات على مؤسسة المياه في مديرية المنصورية بمحافظة الحديدة، مما أدى إلى مقتل 3 عمال وإصابة 2 آخرين، وألحقت أضرارًا واسعة بالمؤسسة.
واستهدفت المقاتلات الأمريكية منزل أحد المدنيين في منطقة قحزة بمحافظة صعدة، في يوم الأحد 16 مارس/ آذار 2025، قرابة الساعة 2:06 صباحًا، مما أسفر عن مقتل 4 نساء و10 أطفال، وإصابة 4 آخرين بينهم 3 أطفال، بالإضافة إلى تدمير واسع في منزلين مجاورين.
كما شنت المقاتلات الأمريكية في يوم الأحد 6 أبريل/ نيسان 2025، قرابة الساعة 8:00 مساءً، غارتين جويتين على منزل في مديرية الحوك بمحافظة الحديدة، مما أدى إلى مقتل 4 مدنيين بينهم 3 أطفال، وإصابة 10 آخرين بينهم 3 نساء وشخص معاق ذهنيًا.
ونفذت المقاتلات الأمريكية في يوم الثلاثاء 8 أبريل/ نيسان 2025، قرابة الساعة 7:12 مساءً، أربع غارات جوية على منزل في منطقة شعب الحافة بمديرية شعوب بأمانة العاصمة صنعاء، مما أدى إلى مقتل 12 مدنيًا وإصابة 16 آخرين، بينهم 4 أطفال.
وفي يوم السبت 15 مارس/ آذار 2025، قرابة الساعة 8:15 مساءً، شنت المقاتلات الأمريكية خمس غارات جوية على منزل في حارة بير زيد بمنطقة الجراف بمديرية شعوب شمال أمانة العاصمة صنعاء، مما أسفر عن إصابة مدنيين اثنين، بينهما امرأة من سكان المنازل المجاورة للمنزل المستهدف، بالإضافة إلى أضرار واسعة في المنازل والمحلات التجارية المجاورة.
الهجمات الأمريكية ضد المدنيين في ميزان القانون الدولي
تخرق الهجمات التي شنتها القوات الأمريكية ضد المدنيين في اليمن مبادئ التمييز والضرورة والتناسب والإنسانية، وهي مبادئ أساسية للقانون الإنساني الدولي، والتي تلزم أطراف النزاع المسلح بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين، والأعيان المدنية والعسكرية، وتجنب الإضرار بحياة المدنيين والأعيان المدنية.
يشير الاستهداف المتعمد والخسائر المدنية الكبيرة الناجمة عن الغارات الجوية الأمريكية على المنازل السكنية والأسواق والموانئ والمصانع والبنية التحتية الأساسية إلى انتهاكات للمواد 48 و50 و51 و52 و57 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، وكذلك القواعد العرفية 1 و14 و15 من القانون الدولي الإنساني. تنص هذه الأحكام على التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وتحظر الهجمات العشوائية ضد السكان والأعيان المدنية، كما تنص على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر المدني.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدد الضحايا، البالغ 138 قتيلًا و292 جريحًا، يؤكد أن هذه الغارات الجوية كانت عشوائية وفشلت في الحفاظ على الحماية المستحقة للمدنيين بموجب المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف.
علاوة على ذلك، فإن الطبيعة المتكررة لهذه الغارات الجوية من مارس/آذار 2025 إلى أبريل/نيسان 2025 تشكل جرائم حرب محتملة بموجب المادة الثامنة من نظام روما الأساسي.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة واليمن ليستا دولتين طرفين في نظام روما الأساسي، إلا أن الانتهاكات المرتكبة تستدعي التزامات بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي، التي تعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية اليمنية أطرافًا فيه. ويعزز ذلك الحاجة الملحة إلى المساءلة القانونية، والتحقيق النزيه، وسبل الانتصاف الفعالة للضحايا وفقًا للقانون الدولي.
دعوة للتحقيق والمساءلة وجبر الضرر
دعت “مواطنة لحقوق الإنسان” المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول الفاعلة والهيئات الحقوقية المختلفة، ومجلس الشيوخ الأمريكي، ومختلف الهيئات والمؤسسات الأمريكية، إلى العمل على فتح تحقيقات فورية ومستقلة في كافة الهجمات العشوائية الأمريكية على المدنيين والمواقع المدنية في اليمن، بما في ذلك الهجمات على ميناء رأس عيسى، ومنازل المدنيين، والأسواق الشعبية.
كما دعت إلى اتخاذ خطوات عاجلة لوضع حد للسلوك الوحشي الأمريكي، وإنهاء الفظائع والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في عدد من المناطق، ومنها اليمن، والإسهام الفعال في وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب السائدة، بما يضمن محاسبة المنتهكين، والانتصاف للضحايا، وجبر ضررهم، وتعزيز المساءلة والعدالة الدولية.
وأكدت “مواطنة لحقوق الإنسان” أن المعلومات والنماذج الواردة في هذا البيان تمثل فقط ما تمكن فريقها الميداني من توثيقه حتى الآن، مشيرة إلى أن الفريق لا يزال يعمل على توثيق الأضرار المدنية الناجمة عن الهجمات الأمريكية على مناطق واسعة من اليمن، وسط صعوبات ومخاطر ميدانية متزايدة. وأوضحت أن فريقها الميداني، ومنذ اليوم الأول لبدء الهجمات الأمريكية، يواصل توثيق الهجمات التي أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين أو تسببت في أضرار مدنية أخرى.