من الجزائر : بروفيسور في العلوم السّياسية والاستشراف يكتب : يمن الإيمان يقضي على وهم الكيان

اليمن وجباليا يقضيان على وهم انتصار الكيان

كتب /محمد سليم قلالة

تَوهَّم الكيان الصهيوني أن الأمر قد حُسِم إِنْ في فلسطين أو في لبنان وسوريا واليمن، وأنه بالفعل قد بدأ يَصنع الشرق الأوسط الجديد كما أراده، شرق أوسط مهيمَنٌ عليه وخاضِع لإرادته وتحت سيطرته المُطلَقَة… فإذا بهذا الوهم لا يستمرّ سوى أيام، من بداية شعوره بأنه أسكت الجبهة اللبنانية وقضى على الجبهة الفلسطينية وأخاف الجبهة اليمنية وبات طليق اليد في سوريا…
– جاءه الرد الأول من اليمن بصاروخ باليستي فرط صوتي ضرَب يوم السبت قلب تل أبيب وأصاب هدفه بدقة متناهية، مؤكدا فشل جميع أنظمة الاعتراض الصهيونية – الأمريكية في صدّه ومنعه من الوصول إلى حيث جرى توجيهه: لا “القبة الحديدية” ولا “منظومة حيتس” ولا “مقلاع داود” ولا حتى النظام الأمريكي الأخير الأكثر تطورا المُسمَّى “ثاد”، والمُسَلَّم للكيان قبل شهرين، تَمكَّن من الوقوف في وجه الصواريخ اليمنية.. بل العكس هو الذي حدث، خرج العميد “يحي سريع” ليؤكد تبني القوات الصاروخية اليمنية مسؤولية إطلاق صاروخ “فلسطين 2” انتصارا لغزة وردا على مظلومية الشعب الفلسطيني، وخرجت معه الجماهير بمئات الآلاف مُسانِدة ومعزِّزَة ومُعبِّرة عن استعدادها للتضحية من أجل حريتها واستقلالها على طريق القدس وفلسطين.
– وجاء الرد الثاني من الجنوب السّوري، الذي ظنَّ الجميع أنه في غمرة فرحته بالانتصار على الظلم المُسلَّط عليه نَسِي أمر احتلال الكيان الصهيوني، فإذا بأهل حوض اليرموك بدرعا يخرجون في وجه العدوّ رافعين شعارات من نوع “سوريا حرة.. إسرائيل تطلع برة”، “الموت ولا المذلّة”، مؤكدين ثبات الشعب السوري على مبادئه وتمسُّكه بحق الدفاع عن أرضه وكرامته واستعداده للشهادة دون أرضه وعرضه وحريته… وكعادتهم لا يتردَّد الصهاينة في رميهم بالرصاص، وقد ارتقى أول شهيد منهم على أرضه الطاهرة منذ يومين.
– أما أهم ردّ فقد كان من عمق المعركة في غزة والضفة الغربية؛ إذ قامت المقاومة بتنفيذ عمليات بطولية نوعية في اليومين الأخيرين: إجهاز مقاوم على ضابط وثلاثة جنود بسلاح أبيض وغنم أسلحتهم، الإجهاز على قنّاص صهيوني ومرافقه بجباليا، تفجير مجاهد لنفسه بقوّة صهيونية من 6 جنود، قصف مقر قيادة وسيطرة بمحور “نتساريم” بصاروخين من نوع “بدر1” و”107″، استهداف كتائب القسَّام لِموقع “ماجين” بطائرة مُسيَّرة من نوع “الزواري”، تفجير عبوّة ناسفة من قبل سريّة الحارثية في جيب عسكري، اشتباكات وعبوات لا تتوقف في “السيلة” و”عرابة” بمخيمي جنين وبلاطة… مما جعل حصيلة الشهرين الأخيرين في خسائر العدوّ الصهيوني ترتفع إلى مقتل 60 جنديّا صهيونيّا بينهم قائد اللواء 401…

كل هذا يسمح لنا بالخروج بخلاصتين إستراتيجيتين:
الأولى: أن معركة “طوفان الأقصى” لم تُحسَم بعد ولم تنته، وأن محاولة الكيان الصهيوني إيهام البلدان العربية بأنه صاحب النّصر المطلق وإيهام أنصاره بأنه قد تَمكَّن من تحقيق جميع أهدافه، وعلى جميع دول المنطقة الاستعداد للإذعان للمنطق الصهيوني تبعا لذلك… كلها مجرّد أوهام بانتصارات مؤقتة لن تلبث أن تنهار.
الثانية: أن زمن الكيان الصهيوني المُتفوِّق في المنطقة على الجميع والسَّاعي لِفَرض منطقه على المنطقة قد ولَّى رغم محاولات الخداع الإعلامية التي تحاول عبثا تقديمه في صورة الكيان المتماسك القادر على فرض سياسته على الجميع، وعليهم الإذعان له.. كما أنّ زمن الهيمنة الأمريكية على المنطقة قد دخل هو الآخر مرحلة التراجع وليس بإمكانه العودة إلى ما كان عليه.
مَن كان يتصوّر أن تل أبيب تُضرَب مباشرة من اليمن؟ مَن كان يتصوَّر أن مقاومة شعبية فلسطينية تتسبَّب في كل هذه الخسائر للعدوِّ في الجنود والعتاد؟ مَن كان يتصوَّر أن حزب الله استطاع ضرب أيّ نقطة شاء في الكيان؟… كل هذه الحقائق تدلّ قطعا، خلافا للدعاية الصهيونية، على أن الزمن الصهيوني في تراجع وإن حاول التمسُّك بوهم الانتصار.

أقرا أيضا

الباحث في العلوم السّياسية والاستشراف البروفيسور محمد سليم قلالة :عملية “يافا” اليمنية تخترق المستقبل والدلالات أكثر من أن تُحصى: وقفة عن بعضها ..

قد يعجبك ايضا