من الانحراف المبكر إلى الهيمنة الأجنبية: أسباب ضعف الأمة الإسلامية”

تقرير ـ صحيفة الحقيقة

ليس التفوق الشامل لليهود والنصارى على أمتنا العربية والإسلامية وليد اللحظة والصدفة, ولا هو نتاج النهضة والتطور الذي تحقق على أيديهم في العصور الحديثة فحسب, بل يمكن أن نرجع هذا الضعف والتدهور لأسباب داخلية أتت من قبل الأمة نفسها, وخارجية تسبب بها العدو نفسه, ولكي يتضح المشهد أكثر يمكن أن نناقش هذين الجانبين كلا على حده, مع أننا لا نستطيع أن نجزم بأن ليس لأحدهما دخل في صنع مشاهد الآخر, إذ يربطهما وشائج عدة من الصلات المتداخلة في بعضها الآخر, ولهذا كان فشل الأمة كبيراً, وسقوطها مدوياً, وضعفها بين الوضوح والمعالم, وضياعها شبه حتمي, والسبب تظافر تلك العوامل والأسباب في صنع هذه المأساة, ولأن العوامل والأسباب الداخلية هي الأكثر خطورة وضررا بالأمة كان البدء منها, وهذا الجانب أثرت فيه عدد من العوامل والأسباب كان أبرزها:

أولاً: الأسباب الداخلية تمثل نسبة %70

ما من شك أن الأمة بغبائها وانصياعها لرغبات الطامعين في السلطة والتسلط من أبنائها وتركها المحجة البيضاء التي حذرها الرسول من الزيغ عنها قد أضرت بنفسها جراء ذلك التقصير والتهاون والعصيان إلى الحد الذي لا يعبر عنه اليوم إلا واقعها المنحط والمزري ومن أبرز تلك الأسباب التي القت بها في هوة سحيقة ما يلي:

  • الانحراف المبكر عن هدى الله

 لقد بدأت بوادر انحراف الأمة عن جادة الصواب ورسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لازال حيا بين ظهرانيها, وقد تمثل ذلك الانحراف في رفض البعض إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه, فيما رسول الله يكرر توجيهاته بهذا الصدد [أنفذوا جيش أسامة أنفذوا جيش أسامة] ولكنهم تلكؤوا وتثاقلوا في الاستجابة وغياب حالة المبادرة, دليل واضح على خلل في التوجه والاستقامة لدى هؤلاء, فيما تمثل الاستجابة برهاناً جلياً على مصداقية التوجه, وهذا بدوره له انعكاسات على واقع الأمة منها:

  1. خسارة المعية الإلهية التي هي شرط أساسي في الديمومة والتوفيق.

  2. قطع الطريق من البداية على تلك القيادة المصطفاة حتى لا تثبت للعالم جدارتها في مواصلة قيادة الأمة طبقا لقيادة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.

  3. مثلت عملية وأد للمشروع الفتي, وشجعت الكثيرين من حديثي العهد بالإسلام ممن لم يفهموا مقاصده النبيلة على المخالفة لقيمه والخروج على مبادئه .

  4. شجعت الحاقدين على هذا الدين من التدخلات وفرض الإملاءات من اليهود ذوي الخبرة الكبيرة في مجال التحريف, خاصة مع الترحيب بهم من قبل من نصبوا أنفسهم أمراء على رقاب الأمة, وقضية الاستعانة باليهود في تسيير أمور الأمة من قبل أمراء المؤمنين ليست خافية على أحد.

  5. قدم الدين بصورة معكوسة ففقد رونقه وجاذبيته مما جعل الأمم الأخرى تبتعد عنه وتحاربه بشدة.

  6. أفقد الأمة ميزة الاقتداء برسول الله والاستفادة من كتاب الله, ولفت أنظارها إلى اتجاهات أخرى.

  • الابتعاد عن المنهج والقيادة الحقيقيين

يعد المنهج والقيادة من أهم  مقومات أي أمة تريد النهوض على قدميها, والمحافظة على كيانها ووجودها, فلا عزة ولا منعة ولا نهضة ولا قوة ولا سيادة لأي أمة إلا بوجود هاتين الركيزتين وصلاحهما معا, كما أن فقدانهما وفسادهما يعد من أهم  أسباب انهيار الأمم وحضاراتها, ما بالك بأمة حديثة الولادة في تاريخ التمدن والانضباط, ولأن الانحراف قد فعل فعلته في جسد هذه الأمة فقد بدأت تلوح في الأفق تبعات ذلك الانحراف, تمثلت بالرفض التام للمنهج والقيادة الربانيين, وقد نتج عن هذا الرفض من التبعات ما يلي:

  1. العصيان لله ورسوله فيما وجه الله به رسوله هذه الأمة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} وقول رسول الله: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله).

  2. خسارة الاستفادة القصوى من هذين الركنين الأساسيين الذين يمثلان مظهرين من مظاهر رحمة الله بهذه الأمة وبالبشرية جمعاء: {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}.

  3. الوقوع فيما حذرهم وأنذرهم منه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله من الزيغ والضلال فيما لو لم يستجيبوا له: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترة أهل بيتي).

  4. الاقصاء للقيادة المصطفاة أدى تلقائيا إلى الاقصاء القرآن الكريم [المنهج الرباني] من واقع الأمة؛ لأنه ربط هذين المقومين بعضهما ببعض: (علي مع القرآن والقرآن مع علي), (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار), ومعرف أهمية القرآن كمنهج لإصلاح الإنسان والحياة في كل المجالات بما تضمنه من هدى وتشريع.

  5. أدى إلى إحلال بدائل من المنهج والقيادة معكوسة تماما في شكلها وماهيتها عوضا عن منهج الله, ومنها الامتداد الحقيقي لقيادته الربانية, فظهرت قيادات حملت الفحش والتوحش تجاه الأمة, والاستهتار بدمائها وممتلكاتها بدلا من الرفق والرحمة والحرص الذي كانت ستنعم به في ظل القيادة الربانية, كما ظهر منهج سوغ للأمة قبول الضلال والظلم وقدمه لها بشكل دين تؤجر عليه.

  6. فقدت الأمة الحصانة التي وفرها لها كتاب الله ورسوله, وأصبحت أمة سهلة الاختراق أمام مكائد أبسط أعدائها, فتدخل في شؤونها وتشكيل هيكلها القاصي والداني من أعدائها, وصنعوا منها الأمة الهزيلة التي بقي امتدادها حتى اليوم.

يقول السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله: (ما الذي حدث؟ أقصي القرآن وتركت تعاليمه إلا الشيء اليسير, بقايا من الإسلام بقيت قائمة كمظاهر, وهيمن على الأمة الأشرار والمفسدون والطغاة,  فبنوها بناء مختلفاً على عكس ما يريده القرآن, بنيانا مهترئا  وضعيفا وهشا, قابلا للانهيار  قابلا للسقوط, فربي أبناء الأمة تربية مختلفة عن تربية القرآن, لا تربية تبني رجالاً أعزاء أقويا ثابتين متفانين ربانيين صالحين مستقيمين  طاهرين).

  • تخليها عن دورها ومسؤوليتها

أدى انحراف الأمة المبكر عن قيادتها ومنهجها الحقيقيين إلى فقدانها لأسس مقومات قوتها ومناعتها, مما أثر ذلك على قيامها بدورها المنوط بها وهو مواصلة حمل الرسالة وتبليغها إلى كل البشرية لأن الرسالة عامة للبشر جميعا, قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} فهي بهذا الانحراف أخلَّت بتلك الشروط أو المميزات التي يجب أن تتصف بها وتحافظ عليها, لتبقى خير أمة وهذا التخلي كان له انعكاساته الكبيرة على واقع الأمة ومستقبلها وقد تمثل فيما يلي:

  1. فقدان الأمة لما كانت قد حظيت به من الرعاية الإلهية طوال فترة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أيام كانت أمة ملتزمة ومنضبطة وفق التوجيهات الربانية.

  2. تردي الأمة وانحطاطها جراء مخالفتها لنور الله وهداه جعل منها أمة قاصرة في فهمها ووعيها, فأفقدها القدرة على مواكبة التمكين الذي حظيت به كامتداد لقيادة رسول الله التي بقي لها هذا الانعكاس في واقع الأمة, فكثير من الفتوحات الإسلامية لم يكن العامل المؤثر فيها كثرة الجيوش والسلاح, بقدر ما كان للنقلة التي أحدثها رسول الله في واقع الأمة من صدى بين بقية الأمم.

  3. تلاشي هيبة الأمة وخسارتها لمكانتها الريادية نتيجة لتقصيرها في دورها في إصلاح واقع الأمم الأخرى.

  4. تنمر الأمم الأخرى عليها إما من باب التسليط كسنة إلهية, أو من باب الاستضعاف لها, أو من باب الجزاء من جنس العمل, خاصة لكثرة ما شاب تلك الفتوحات من خروقات وتعديات واستهتار وبعد قيم الدين الحنيف وخروج عن مبادئه الصحيحة والسليمة, كسلوكيات وتصرفات الكثير من الجند والقادة الفاتحين وتعدياتهم على الممتلكات الخاصة والعامة لتلك البلدان التي فتحوها.

  5. تلاشي الكثير من القيم والمبادئ نتيجة تنحي الأمة عن دورها, والتي تعتبر من صلب الوسائل والأساليب التي ينبغي على الأمة اتباعها فيما لو قامت بواجبها وأدت الدور المنوط بها, أي أن كثير من القيم والمبادئ لم تعد هناك حاجة للتمثل بها والاتصاف بها, مثلا المروءة والشجاعة والعفو وإعداد المستطاع من القوة وغيرها, فلما جمدت الأمة عن القيام بدورها تعطلت شرعية الجهاد بمفهومه العام والواسع وتعطلت معه كثير من القيم والمبادئ, بذلك المفهوم الواسع مثلا إعداد المستطاع من القوة لم يعد الكثير ينظر له كضرورة حياتيه, بل البعض رأى أن هناك بدائل أخرى أكثر جدوائية منه كالاستسلام للعدو والرضى بما يريد.

  6. تفشي الكثير من السلبيات داخل الأمة نتيجة ذلك القصور في القيام بدورها فيما أوكله الله إليها, من مثل قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وبعدها عن هذه التكاليف الربانية, ترتب عليه بعدها عن مقوماته, مثل الوحدة التي هي أساس من أسس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلما غاب هذا التوجه من أوساط الأمة لم يعد للوحدة في نظرها أهمية كبرى, فحل محلها التشرذم والتفتت والانزواء, وترعرعت فيها العصبيات العرقية والقومية والمناطقية والمذهبية, حتى صارت الوحدة أمنية وحلم لا أكثر ولا أقل.

  7. الجمود والكسل اللذان رانا على قلوب أبناء هذه الأمة جراء قصور الهمة وتلاشي العزيمة, حتى أضحت هذه الأمة أكثر اتكالية واعتمادا على الأخرين, فأصبحنا كما قال الشهيد القائد: مجرد متعلقين مع غيرنا من الأمم في البر والبحر والجو.

ثانياً الأسباب الخارجية وتمثل 30%

أما الأسباب الخارجية فهي الأسباب التي تخص العدو الخارجي والتي كان لها تأثيرها البالغ على وقع الأمة ومثلت أحد أهم الأسباب التي أوصلت الأمة إلى قعر جب الهاوية حتى لم تعد تملك من الإسلام إلا الاسم ومن القرآن إلا الرسم ومن الماضي المشرق إلا الحلم والأماني وكان لهذه الأسباب خصائصها وأسبابها ونتائجها والتي نستعرض بعضا منها فيما يلي:

 

أولا: بعض أسباب نجاحهم في تنفيذ أهدافهم

يمكن ارجاع نجاح الأعداء في استهداف الأمة إلى مجموعة من العوامل اتبعوها في نمط تعاملهم مع هذه الأمة فسهلت عليهم إلى حد كبير اختراقها وتمزيقها والوصول بها إلى أبعد مما كانوا يتوقعون أن تصل إليه ومن أبرز تلك الأساليب التي اتبعوها وابتكروها في مسيرة الاستهداف لهذه الأمة ما يلي:

  1. وضوح أهدافهم وعدم الاختلاف عليها مهما كانت دوافعهم وخلافاتهم ونزعاتهم الشخصية، وجعل الفكرة قبل الرجال.

  2. فهم طبيعة المجتمع الإسلامي الذي يريدون استهدافه.

  3. الإصرار على تنفيذ مخططاتهم والمطالبة بذلك دون كلل أو ملل.

  4. سيطرتهم على الجانب الإعلامي وحسن تعاملهم معه وسعيهم لامتلاك أكبر امبراطورية إعلامية بالإضافة إلى شراء الكثير من ذمم الإعلاميين العرب والمسلمين والوسائل الإعلامية العربية والإسلامية.

  5. التضامن الشديد فيما بينهم إذا ما تعلق الأمر باستهداف المسلمين وحربهم.

  6. تسجيل كل الوقائع التي تسيء إليهم للاستفادة منها مستقبلا، ولا يتم هذا بالضرورة من قبل هيئات رسمية.

  7. توجيه النابهين من أبنائهم إلى التخصصات التي تعود عليهم بالفائدة.

  8. إمعانهم في استخدام الغش والخداع والتهويل والإبهام وتعمية الحقيقة وإلباس الحق بالباطل.

  9. التصفية السياسية والجسدية وغسيل الأدمغة واستخدام التأثيرات النفسية والجنس والمال لتنفيذ مخططاتهم.

  10. القدرة الفائقة على صياغة الأخبار وتلفيقها وسرعة تعاملهم مع أي حدث طارئ عبر هيئات ومؤسسات تعنى بذلك.

  11. تمكين اليهود من مناصب حساسة في بلاد المسلمين وغير المسلمين.

  12. الخيانة والغدر والمكر واستخدام أساليب وطرق ملتوية لتمويه أنفسهم وللتأثير على الفريسة التي يريدون الاقاع بها.

  13. اللجوء إلى القضاء وكسب ود القضاة من خلال الرشوة وغيرها من الأساليب لإظهارهم كمظلومين ولكسب الحكم لصالحهم.

 

ثانياً: الدوافع والأسباب

تكثر الأسباب والدوافع التي حدت بالكثير من أعداء الأمة نحو الاعتداءات المتكررة عليها وايصالها على ما وصلت إليه من الضعة والهوان, وقد تنوعت تلك الدوافع والأسباب بين دوافع اقتصادية جاءت من منطلق الطمع والجشع ودوافع دينية ينظرون إليها كالتزامات يجب القيام بها ودوافع سياسية الغرض منها هو الاستكبار والاستعلاء على الآخرين ويمكن أن نذكر بعض التفاصيل ومنها:

 

  • الدوافع الاقتصادية

لقد حبا الله هذه الأمة بثروات هائلة ومتنوعة أسالت لعاب العالم الغربي والأمريكي المنغمس في وحل الماديات والملذات خاصة مع ارتفاع منسوب الطلب العالمي نظرا للتطور الصناعي والعمراني والزراعي وتفشي النزعة العالمية نحو حياة الرفاهية والدخل السريع والوفير أضف إلى ذلك ما تملكه الأمة من موقع استراتيجي هام يعتبر قلب العالم النابض بالحياة حيث يعتمد العالم بشكل كبير على الشرق الأوسط وبالأخص الوطن العربي في تمويل كثير من الصناعات بالمواد الأولية وفي إنعاش التجارة العالمية إما من حيث كونه يمثل أكبر سوق استهلاكية يثير التنافس على امتلاكه والاستحواذ عليه بين اقطاب القوى الاقتصادية العالمية أو من حيث كونه يتميز بأهم ممرات التجارة العالمية التي ترى تلك الدول أن استقرارها الاقتصادي مرتبط بالسيطرة عليه أو من حيث كونه أهم مصدر غني بمصادر الطاقة من النفط والغاز يمتلك ما يقارب نصف الاحتياطي العالمي منهما كل تلك المقومات الاقتصادية وغيرها مثلت دافعا هاما جدا لأولئك الطامعين في غزو الأمة واضعافها حتى يتسنى لهم التهام أكبر قدر ممكن من ثرواتها الهائلة.

 

  • الدوافع السياسية

إن ما تملكه الأمة من عوامل ثقافية وفكرية كامنة في مقوماتها الأساسية [القرآن الكريم والرسول وأعلام الهدى] والتي لو عادت إليها الأمة عودة جادة وصادقة لكانت كفيلة بأن ترفعها مكانا عليا بين الأمم ولأمكنها أن تحارب الفساد العالمي بكل أشكاله وتحمي الإنسانية كلها من الباغين والمعتدين وبالذات أهل الكتاب وفي مقدمتهم اليهود الذين لا شغل لهم إلا الحاق أكبر أذى ممكن بهذه الأمة ومبادئها وقيمها ودينها حتى يفصلوها عن كل تلك القيم والمبادئ مخافة أن تستلهم منها الحلول والمخارج من تلك القيود التي كبلت بها عبر قرون طويلة من الزمن ولذا تراهم دائما ما يثيرون المشاكل والحروب بين الأمة نفسها حتى تتسع هوة الخلاف بينها أكثر فأكثر.

 

  • الدوافع العقائدية

تعج الكتب المقدسة لدى أهل الكتاب بالكثير من العقائد التي تحض على الكراهية للبشرية ككل, وبالذات للمسلمين وتدعوا لمحاربتهم والقضاء عليهم, كما أنها تحتوي على معتقدات تمجد اليهود وتشد العالم المسيحي نحو خدمتهم, ففي عقيدة الألفية السعيدة مثلا يؤكد الكتاب المقدس عند النصارى عودة المسيح عيسى بن مريم إلى فلسطين ومعه جيش من الملائكة والصالحين ليقضي على كل من ليس يهوديا أو نصرانيا ثم يحكم ألف سنة وبعدها تقوم القيامة لكن تلك العودة مشروطة  باسترجاع النصارى لفلسطين من أيدي العرب وتسليمها لليهود تمهيدا وتسريعا لعودة المسيح المنتظرة فهذه العقائد وغيرها مثلت أحد أهم الأسباب في تسلط تلك الشعوب المسيحية على المسلمين ومحاربتهم بكل شدة فما إن تهدأ حرب حتى يزج اليهود بالمسيحيين في حرب أخرى ضد العرب بدأ من الحملات الصليبية الأولى والثانية والتي استمرت لقرنين من الزمن ثم تلاها العدوان المغولي على البلاد الإسلامية جاء من بعدها الحروب العثمانية بدافع السيطرة والابتزاز المالي ثم تلاها مباشرة حروب الاستعمار الأوربي المعاصرة وأخيرا ما نشهده من الحروب الصلبية الجديدة تحت القيادة الأمريكية بذريعة محاربة الإرهاب بالإضافة إلى اشعال مئات الحروب البينية لتفتيت ما فتته تلك الحروب الكبرى وانهاك المسلمين أشد وأكثر من ذي قبل كل هذه الدوافع والأسباب مزقت جسد الأمة وأنهكته إلى حد أنه يرى الكثير من المراقبين والمهتمين بهذا الأمر استحالة أن تعود الأمة لسابق عهدها كما كانت في عهد رسول الله فوحدة الأمة أضحت مستحيلة وخلوها من المشاكل والاشكاليات أكثر استحالة أما تحررها من بين براثن أعدائها فهو الشيء الذي لا يكون ولن يكون.

 

 

قد يعجبك ايضا