مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة… أسئلة ملحة تنتظر الإجابة ؟هل سيكون اليمن الجبهة التالية لإسرائيل؟

بعد تأجيل تنفيذه لعدة ساعات لـ”أسباب فنية ميدانية”، دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الساعة 11:15 صباح يوم الأحد وسط فرح واحتفال أهالي غزة بعد انتظار طويل.
وبعد 15 شهرا من القصف والاشتباكات، بدأ قطاع غزة أخيرا يرى بصيصا من الأمل في الاتفاق ويرجو استمراره. لكن التقلبات التي رافقت بدء سريانه تشير أيضا إلى أن التحديات التي تواجه تنفيذه الكامل لا تزال كبيرة وأن السلام لا يزال هشا، مع بروز العديد من الأسئلة الملحة التي تنتظر الإجابة.
 أولا: ما هي الصعوبات التي قد تعرقل تنفيذ الاتفاق؟
اتفق محللون على أن هناك عدة عوامل قد تثير الشكوك بشأن سير تنفيذ الاتفاق. ورغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن الثقة بين حماس وإسرائيل لا تزال غير كافية. إذ بمجرد أن يختلف مسار تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق بشكل كبير عن توقعات الطرفين، فإنه سيؤثر مباشرة على تنفيذ بقية البنود.
وقال لي تسي شين، الباحث في المعهد الصيني للدراسات الدولية، إن مضمون الاتفاق يوضح أن إسرائيل تمتلك القدرة على استئناف العمليات العسكرية في غزة في أي وقت، مضيفا أنه “على أساس ذلك، اكتفت حماس بالموافقة فقط على إطلاق سراح حوالي ثلث المحتجزين في المرحلة الأولى من الاتفاق”.
وأضاف لي أن الاتفاق لم يتطرق إلى موضوع حكم غزة بعد الحرب، وهي قضية حساسة تم تجنب طرحها بين الجانبين لتسهيل التوصل إلى توافق بشأن وقف إطلاق النار، إلا أنها تظل مصدرا محتملا للمخاطر التي قد تعيق التنفيذ السلس للاتفاق وتحقيق وقف إطلاق النار طويل الأمد.
ثانيا: ما مصير حكومة نتنياهو بعد استقالة بن غفير؟
قبل بدء سريان الاتفاق، قدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إلى جانب وزيرين آخرين من حزبه، استقالاتهم من الحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مصير هذه الحكومة التي يُنظر إليها على أنها الأكثر يمينا في تاريخ إسرائيل.
من غير الواضح ما إذا كان كل أعضاء حزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف سينسحبون من الائتلاف الحاكم، خاصة مع تصويت أحد أعضاء الحزب في الكنيست، ألموغ كوهين، لصالح الائتلاف عدة مرات في الأسابيع الأخيرة بما يتعارض مع موقف حزبه، مما يجعل وضعه الحالي غامضا.
لن يؤدي انسحاب بن غفير وأعضاء حزبه إلى سقوط حكومة نتنياهو فورا، لكنه يزيد من هشاشتها. فعلى الرغم من أن الحكومة ما تزال تحتفظ بأغلبية برلمانية ضعيفة تعتمد على 62 مقعدا على الأقل من أصل 120، فإن هذه الخطوة قد تزيد من عوامل عدم اليقين المحيطة بحكومة نتنياهو، خاصة بعد تهديد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب في حال عدم استئناف العمليات العسكرية بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تستمر لمدة 42 يوما.
وفقا للمحللين، مع تزايد عدم الاستقرار الحكومي، يواجه نتنياهو الآن عدة خيارات لتجنب انهيار حكومته، أبرزها محاولة إقناع سموتريتش بالبقاء من خلال الاستجابة لمطالبه، أو اللجوء إلى دعم المعارضة لتأمين شبكة أمان، أو حتى تسريع الدعوة إلى عقد انتخابات مبكرة.
ثالثا: هل سيستمر حكم حماس في غزة؟
في أول يوم من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، سارع عناصر حماس في الانتشار في مناطق عدة من قطاع غزة، في مشهد يؤكد على أن الجيش الإسرائيلي ما زال بعيدا جدا عن تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حماس وإنهاء حكمها للقطاع.
رغم إصرار السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس على أن قطاع غزة يجب أن يكون تحت إدارتها بعد الحرب، لكن المحللين يرون بشكل عام أنه نظرا لسيطرة حماس على القطاع منذ عام 2007، فإنه سيكون من الصعب على السلطة الفلسطينية أن تستثني الطرف الآخر وتديره بمفردها. بالمقابل، كانت إسرائيل قد أكدت مرارا أنها لن تسمح لأي من الطرفين، سواء حماس أو السلطة الفلسطينية، بحكم غزة بشكل مطلق، وفقا لما ذكره العديد من مسؤوليها سابقا.
وفي هذا الصدد، قال تسو تشي تشيانغ، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان الصينية، إن حماس لن تتخلى بسهولة عن حقها في حكم قطاع غزة، كما أن خطة حكم القطاع ما بعد الحرب لم يتم الانتهاء منها بعد، مضيفا أنه لم يتم تحديد مصادر تمويل إعادة الإعمار أو كيفية تنفيذها، وهو ما قد يعقد الأمر نظرا لحجم الدمار الهائل في البنية التحتية والأزمة الإنسانية الحادة في القطاع.
فيما أكد مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة دونالد ترامب الجديدة، بعد سريان الاتفاق، بشكل قاطع، أن حماس لن تعود لحكم غزة مرة أخرى.
رابعا: هل سيكون اليمن الجبهة التالية لإسرائيل؟
بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أعلنت جماعة الحوثي على لسان الناطق العسكري باسمها يحيى سريع وصول معركة “إسناد غزة” لختامها، لكن مع استمرار العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ، أكد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أنها ستواكب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع مواصلة الجاهزية للإسناد العسكري في حال تراجعت إسرائيل عن الاتفاق.
لا يستبعد المحللون إمكانية تحويل إسرائيل اهتمامها نحو الحوثيين بعد وقف إطلاق النار في غزة مع اعترافهم بوجود تحديات كبيرة تعيق تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق في اليمن.
فأولا، اليمن ليس دولة مجاورة لإسرائيل، وهو ما يجعل المسافة الجغرافية الكبيرة بين البلدين والتضاريس المتنوعة لليمن عاملا يزيد من تكلفة العمليات العسكرية الإسرائيلية.
ثانيا، قبل معركة طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، لم تكن جماعة الحوثي ضمن أهداف المراقبة التي تركز عليها الاستخبارات الإسرائيلية وفقا لما ذكرته صحيفة ((معاريف)) العبرية، مما يمنع سلاح الجو الإسرائيلي من تنفيذ ضربات دقيقة ضد الحوثيين على غرار ما فعله ضد قادة حماس وحزب الله.
ثالثا، من غير المرجح أن تتمكن إسرائيل من توسيع هجماتها على الحوثيين بمفردها دون دعم حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. لكن لا بد من الإشارة إلى أن الهجمات التي ينفذها التحالف الأمريكي البريطاني حاليا لم تحقق تأثيرا كبيرا في إضعاف الحوثيين. وبالنسبة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، فإن موقفها غير واضح حتى الآن، مما يضيف مزيدا من الضبابية حول مستقبل هذه الجبهة

(شينخوا)

قد يعجبك ايضا