سياسيون وكتاب ومحللون يكتبون قراءات في خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي لمناسبة العام الهجري الجديد 1446هــ

سياسيون وكتاب ومحللون يقرأون خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي لمناسبة العام الهجري الجديد 1446هــ 

المعادلات الجديدة – تذكيرٌ وتحذير ووعيدٌ – رسائلُ بلُغةِ النار – استباق معركة الاقتصاد  بحرب نفسية – لا تُلْجِئونا..! 

 عامُ يُسر ونصر

خطابُ المعادلات الجديدة

كتب /عبدالعزيز أبوطالب

في مناسبةِ ذِكرى الهِجرة النبوية الشريفة (1446هـ) التي ينظُرُ إليها المسلمون كنقطةِ تحوُّلٍ نحو النور والنجاح أطل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي وفي كنانته الكثير من الرسائل الداخلية والخارجية، وفي خطابه وضع النقاط على الحروف التي شكلت عبارة “اليمن يستطيع”.

حضر الأنصار في ثنايا الخطاب كأسوة في الإيمان والإيثار منذ أن فتحوا ديارهم لإخوانهم المهاجرين؛ استشعاراً منهم للمسؤولية الإسلامية نحو نصرة الدين، وختمها الأحفاد الذين آثروا نصرة فلسطين على معاناتهم وجراحهم وبذلوا في سبيل ذلك المال والأنفس جهاداً في البحر والسماء.

تجلت مظاهر الإيثار في تقديم قضية فلسطين كأولوية على قضيتهم وقبلوا بمشاركة إخوانهم في غزة في الحصار وتقديم الشهداء والجرحى، وإن تساءلوا عن مصير التغييرات التي يأملون من خلالها إصلاح أوضاعهم وتصحيح مسار عمل مؤسّساتهم إلا أنهم كانوا على وعي الأنصار السابقين في ترتيب الأولويات على حساب المصالح الشخصية.

جاء الرد على تلك التساؤلات من سيد القول والفعل موضحًا أسباب ذلك التأخير والذي باعتقادنا أن مثل هذه التغييرات الجذرية لا بُـدَّ أن تدرس بعناية وتستغرق وقتاً ربما أطول في غير ظروف معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، فثمة ثلاثة مسارات استراتيجية ظل السيد القائد يعتني بها دراسة وإعداداً ومراجعة أولها إعادة النظر في الهيكلية وتلك مهمة ليست باليسيرة، الثاني النظر في مِلف التعيينات الذي ضم في سجلاته آلاف الأسماء وما يلزمها من فحص وتقدير لاختيار الأنسب والأصلح، الثالث معالجة بيئة العمل الحكومي الذي وصفه بالملغم، وبالتأكيد فَــإنَّ ما ذكره السيد عن الخلية التجسسية المعلَن عنها ووعد بكشف خلايا آخر؛ أن ذلك من ضمن آليات الإعداد للتغييرات الجذرية لتوفير البيئة المساعدة لنجاح مهمة المسؤول وفاعلية الهيكل الجديد.

رسالة تحذيرية للنظام السعوديّ من سعي الأمريكي لتوريطه باتِّخاذ إجراءات عدائية بحق الشعب اليمني استجابة لأوامره وخدمة للكيان الصهيوني بعد فشل تحالف الشر الأمريكي البريطاني في الوقف أَو الحد من العمليات اليمنية المساندة التي أجبرت قطعه العسكرية البحرية على الهرب من مياه البحر الأحمر، مؤكّـداً أن نجاح القوات اليمنية إنما كان بتأييد إلهي لو كُشِفَ للناس ما استوعبوا ذلك التأييد، إلا أنه يدل على تحقّق وعد الله سبحانه وتعالى لعباده بالنصر: “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.

وفي لهجة غير مسبوقة وعبارات حادة حذر السيد القائد النظام السعوديّ من أن اليمن الآن سيفرض معادلات جديدة في الرد على الإجراءات العدائية في المجال الاقتصادي وحصار المطار أَو الميناء، فمن الآن أصبحت المعادلة واضحة: البنك بالبنك والمطار بالمطار والموانئ بالميناء، مذكراً النظام الأحمق ألا يعول على الأمريكي الذي فشل في حماية حاملة طائرات وفرقاطاته.

المنتظر الآن أن تقرأ تلك الرسائل بشكل جاد وإلا فَــإنَّ عواقب الخطأ سيكون على حساب أمنه واستقراره واقتصاده، فقد أكّـد السيد القائد أنه لن يكون مقبولاً أن يحاصَرَ الشعبُ اليمني ويُستهدَفَ اقتصاده حتى الانهيار بينما ينعمُ المعتدي بالأمن والاستقرار، وهو يعلمُ جيِّدًا أن يد اليمن قد طالت حيفا بينما جدة وينبُع أقربُ وأقلُّ كلفة، والشعب لن يكون خائفاً من تدهور الأوضاع إلى الأسوأ أَو حدوث المشكلات فهو في معاناة مُستمرّة من هذا النظام الغاشم منذ تسع سنوات، وَإذَا كان لا بُـدَّ من خيار شمشون فلا مانعَ من تنفيذه ولكن أعمدة المعبد ستصيبُ فقط رأس النظام السعوديّ؛ لأَنَّه لم يعد لليمن أعمدةٌ لتُهدم.

تذكيرٌ ووعيدٌ لمملكة العدوان

كتب /أنس القاضي

في خطابه الأخير، أعاد قائدُ الثورة ضبطَ البُوصلة، مذكِّراً السعوديَّةَ بحقيقة دورها في اليمن.

السعوديّة -التي ادَّعت في بعض الأحيان أنَّها وسيطٌ في النزاع- انتقلت إلى موقف أكثرَ عدوانية عبر شن حرب اقتصادية إضافية على البلد المحاصَر الذي دمّـرت بنيتَه التحتية، وذلك من خلال الحكومة العميلة في عدن.

لم تكتفِ السعوديّة بإيقاف “خارطة الطريق” التي كانت تهدف إلى تخفيف المعاناة وتحقيق السلام للشعب اليمني، بل انتقلت إلى موقف هجومي يخدُمُ الحربَ الإسرائيلية الغربية ضد فلسطين وصنعاء في آنٍ واحد.

تصريحاتُ قائد الثورة تعكسُ تصعيداً جديدًا في الصراع بين اليمن والسعوديّة، مع تأكيد أن الصراع المُستمرّ منذ تسع سنوات لم يتوقف. هذا التصعيد الجديد هو رد على الحرب الاقتصادية التي تشنها السعوديّة عبر الحكومة في عدن، وإجراءات أُخرى مثل تقليل ومنع استيراد بعض المحصولات الزراعية والسمكية اليمنية، التي تهدف إلى منع حصول صنعاء على العملات الصعبة.

فهم هذه التصريحات يستند إلى عدة نقاط:

التصعيد الاقتصادي: العقوبات الاقتصادية التي فرضتها السعوديّة، مثل نقل البنوك إلى عدن وإيقاف الرحلات الجوية بين صنعاء والأردن، وما يتعلق بورقة العملة المطبوعة قبل 2016م، وإيرادات طيران اليمنية، تعتبر ضغوطاً كبيرة على حكومة صنعاء. هذه الإجراءات تعرقل الاقتصاد في هذه المناطق وتخلق سخطاً شعبيًّا أكبر؛ مما يدفع نحو الفوضى.

رد صنعاء: تهديد قائد الثورة باستهداف البنوك السعوديّة والموانئ والمطارات وآبار النفط يعكس قوة الردع التي تمتلكها اليمن، والمبدئية في الدفاع عن الوطن والشعب اليمني.

كما يعكس حجم الضغط الاقتصادي الذي تمارسه السعوديّة، والذي قد يؤدي إلى رد فعل يمني ربما يكون أكثر تدميراً، خُصُوصاً وأن السعوديّة مليئةٌ بالأهداف الاستراتيجية التي يمكن أن تخسِّرَها مليارات الدولارات.

البُعدُ الإقليمي والدولي: قيام السعوديّة بخدمة “إسرائيل” في المعركة البحرية ضد أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” يعطي الصراع اليمني السعوديّ تأطيراً أوسعَ. يصبح الرد اليمني جزءاً من الحرب التي تخوضها صنعاء ضد الكيان الصهيوني؛ مما يعطيه مشروعيةَ أكبرَ ودعماً من الشعوب العربية المؤيدة لفلسطين.

هذا يجعلُ الصراعَ يتجاوزُ بُعدَه المحلي؛ ليصبح صراعاً دوليًّا بين اليمن والسعوديّة والإمارات.

وبالتالي، إذَا لم تتراجع السعوديّة عن التصعيد الاقتصادي، سنشهدُ استخدامَ الأسلحة الاستراتيجية اليمنية الجديدة -التي ظهرت في معركة (طوفان الأقصى)- في الحرب مع السعوديّة.

عامُ يُسر ونصر

كتب / يحيى المحطوري

صبَرَ طويلاً، وبدَأَ عاماً جديدًا مستعيناً بالله معتمداً عليه.

وبعد أن عرض مؤهلاتِ حَمَلَةِ مشروع الإسلام وأنصار رايته، بشَّرَ شعبَه باقتراب التغيير المنشود، وأصحر إلى شعبه بعذره، موضحًا أسباب التأخير بكل صدق وتواضع وأدب ووضوح وشفافية.

وبعد أن كشف زيف الأمريكي وضعفه وإفلاس خياراته، رد على ذيله السعوديّ بتذكيره بسجل جرائمه ومجازره بحق الشعب اليمني، معلناً عن قواعد اشتباكات جديدة، منطلقاً من توجيهات الله القوي العزيز القائل:

“وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ”.

وقوله:

“الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ، فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.

وفي آن واحد فتح طريق التصعيد والحرب، وفتح معها طرقاً عديدة للسلم وللسلام، وعلى العدوّ أن يختار.

أعلن الجهوزية الكاملة، وبعد أن أكمل وعيده وتهديده، نصح العدوّ ومنحه فرصة جديدة؛ معذرةً إلى الله ولعلهم يعتبرون أَو يتعظون أَو يعقلون.

بلغة غير مسبوقة، وخطاب تسمع فيه زئير أبطال اليمن المجاهدين في كُـلّ ميادين المواجهة، كما تسمع في آهاته أنينَ شعبه الصابر المظلوم، وتقرأُ في لهفة عينَيه معاناةَ أبنائه.

فوقف مدافعاً عنهم بالحجج الواضحة البليغة والبراهين الجلية الدامغة، التي تلقف إفك الأعداء وباطلهم وكذبهم ومماطلتهم، وتقف في وجه ظلمهم وطغيانهم وجبروتهم وحصارهم وتجويعهم.

“ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ، إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ المُؤمِنِینَ”.

والعاقبةُ للمتقين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، ولا قوةَ ولا نصرَ إلا من عند الله العزيز الحكيم.

لا تُلْجِئونا..!

كتب /عبدالملك العجري

لا تُلْجِئونا.. هكذا تحدَّثَ السيدُ القائد، فاليمنُ لا ترغَبُ في التصعيد، والسيدُ القائدُ لم يَخُضْ حربًا إلا إذَا اضطرَّ لها أَو دعاه الواجبُ الإنساني والديني المحتم، لكن في ذات الوقت حذَّر السيدُ من الاعتقاد الخاطئ بأن الانشغال بمعركة إسناد غزة يمنعُنا من مقابلة التصعيد بالتصعيد خطوةً بخطوة، بنكًا ببنك، مطارًا بمطار، ميناءً بميناء.

ليس من المباح أن يفعلوا بنا ما يشاؤون ونقابله بالرضا.

في لقاءاتنا مع الأطراف الدولية حذرنا من أنه إذَا كان المجتمع الدولي فشل في إيقاف العدوان على غزة، وتداعياتها على وضع الإقليم والاقتصاد العالمي؛ فليس من المصلحة السماح باستئناف الحرب بين اليمن والسعوديّة، كما هي الرغبة الأمريكية، فأية حرب ثانية في المنطقة ستؤزِّمُ الإقليمَ أكثرَ وسيكون تأثيرُها على الاقتصاد العالمي مضاعَفاً.

أَمَّا المرتزِقةُ فحالُهم كحال نتنياهو في اعتقاده أن استمرارَ الحرب طوقُ نجاة له؛ ولذلك تجدُهم في حالةِ عتب دائم على التحالف وعلى أمريكا وبريطانيا أنهم لا يقاتلون كما يجب، ويطلبون المزيدَ والمزيدَ من القتل والتدمير، وَكأن الذي يشفي غليلَهم أن يشاهدوا هيروشيما أُخرى في اليمن.

تحذيراتُ القائد

كتب /سند الصيادي

لم تكن تحذيراتُ ونصائحُ السيد القائد عبدِ الملك بدرالدين الحوثي التي وجَّهها لكُلِّ الدول العربية والإسلامية من مغبة أن يتورَّطوا مع الأمريكي لاستخدام بلدانهم للاعتداء على اليمن، محضَ تسطيحاتٍ أَو تنبُّؤاتٍ بمواقفَ غيرِ محتملة، بل إنها -أيْ التحذيرات- تأتي في ظل مسعىً أمريكيٍّ حقيقي إلى جَــرِّ تلك الدول إلى مصيدة التورُّط في حرب اليمن.

من يقرأ واقعَ الفشل الأمريكي “العريض” في معركة البحار مع الإرادَة اليمنية بعد سبعة أشهر من المكابرة، ومن يحيط علمًا بخيوط وَأساليب وأدوات الولايات المتحدة في إذكاء الصراعات سيعرفُ حقيقةَ الخطة التالية التي تُحضِّرُ لها في هذا السياق؛ إذ إن التحَرّكات الأمريكية في الآونة الأخيرة تكشف عن تحضيرات تجري على قدم وساق؛ لتوظيف ما تبقى في جعبتها من سهام صوب الإرادَة والقوة اليمنية؛ بغية إحداث خلخلة في مداميكها الصُّلبة.

قالها السيد القائد صراحةً، وهو الذي يقرأً الأحداثَ برؤية إيمَـانية نافذة، ولطالما خَبِرْنا مصاديقَها خلالَ العقود الأخيرة: “الأمريكي يسعى لتوريط الآخرين؛ ليقاتلوا بدلاً عنه، أمامَ ما أصبح يعانيه تجاهَ حاملات طائراته، ويسعى لتوريط النظام السعوديّ للتصعيد في المجال الاقتصادي”، وعلى هذا السياق من التصعيد تحدث القائد عن دوافع هذا النظام لعرقلة عودة بقية الحجاج اليمنيين إلى صنعاء.

إلى جانب هذه الإجراءات العدائية ثمة أشكالٌ أُخرى لم يهمل ذكرَها القائدُ، على سبيل المثال محاولاتُ أمريكا الحثيثة لإقناع بعضِ الدول ومنها عربية ومجاورة بفتحِ مجالها لتنفيذ غارات معادية ضد اليمن.

كانت التحذيراتُ واضحةً من التورُّط في أي مسار عدائي، وقبل أن يكونَ أيُّ فعلٍ مسانِدٍ لأمريكا المسانِدةِ للعدوِّ الإسرائيلي، عاراً عظيمًا ومركَّبًا، خُصُوصاً في ظل المواجَهةِ مع هذا العدوّ، وموقِفًا مُخْزيًا وعدوانيًّا، وخيانةً لله وارتدادًا على النهج الحَقِّ، فَــإنَّ القائدَ لا يتوقفُ عند هذا الوعظ من الارتدادات المعنوية والدينية التي ستلحقُ بهذه الأنظمة إنْ فعلت أَو استمرَّت في أفعالها، بل إن الورطةَ ستكونُ آنيةً وعاجلةً، وَعلى يدِ الشعب اليمني وقواته المسلحة، تفاصيلها مؤجلة إلى خطاب قريب ومنتظَر.

غير أن القائدَ قد أدان هذه الأنظمةَ بما هو أَشَدُّ وأخطرُ وَأخزى، تخاذُلها قبل تواطؤها، وأبعد من ذلك تصنيفها المُستمرّ للمجاهدين في فلسطين ولبنان واليمن بالإرهاب، أما إرهاب العدوّ فصفحتُه بيضاءُ لدى وجوهها المعيبة والسوداء، ولطالما جلد القائدُ ضمائرَ هذه الأنظمة الميتة ونخوتَها المفقودة وَكرامتها المسكوبة تحت أقدام الغُزاة المدنَّسة، وَلقد أسمع لو نادى أحياءً، وأيةُ حياة باتت لدى أُولئك في ظل ما يحصل في فلسطين من جريمة إبادة جماعية لشعبٍ مظلوم ومسلم، ومسلسل دموي إجرامي بشع لا مثيلَ له، والإنسانية التي تُصلَب وَتُهدَرُ وتستباحُ بلا أدنى اعتبار؟!

السيد القائد.. رسائلُ بلُغةِ النار

كتب /عبد القوي السباعي

بالروح الإيمانية اليمانية الثورية، مضت مشاعل الثورة ترسم الحاضر بدماء الرجال وَتضحياتهم الخالدة، وخلفهم كُـلّ حرائر وأحرار الشعب اليمني بمختلف أطيافهم ومناطقهم؛ انتصاراً للأهداف الجامعة الذي تحَرّكت لأجلها ثورة الـ21 من سبتمبر، وَعلى رأسها الحفاظ على استقلال وسيادة اليمن والدفاع عنه، وحماية أراضيه، وصون مقدراته وثرواته من السلب والنهب والفساد، من خلال بناء وتطوير منظومة الحكم الرشيد وتنظيم مخرجاتها نحو الاستقرار وخدمة الشعب. وفي خطابه بمناسبة العام الهجري الجديد 1446هـ، أطل علينا السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- كاشفاً عن تحضيراتٍ من المؤكّـد أنها ستحدّد ملامح الوجه الجديد لليمن العزيز والحر، حتى وإن بدت هذه المتغيرات صعبة في الوقت الحالي، لكنها ليست مستحيلة أمام ما نشهده من تحولاتٍ كبرى، وما نمتلكه من مؤهلاتٍ ونجاحاتٍ وانتصاراتٍ غير مسبوقة، وفي كُـلّ المستويات وعلى كافة الأصعدة. ولعل إجراء إصلاح شامل لمنظومة الحكم في اليمن من شأنه تعزيز سلطتها وتوسيع خدماتها، قد تأخر ما يقارب العام، إلا أن المبادئ التي وصفها السيد القائد بأنها إشارات للعالم أجمع تؤكّـد أحقية الشعب اليمني نيل هذا الاستحقاق، وفيما لا يسعني في هذا المقال سرد مجمل ما جاء في هذا الخطاب، غير أن المتتبع له يلتقط العديد من الرسائل التي وصفها مراقبون بأنها جاءت بلغة النار والبارود. ورأى المراقبون أن المعادلات الجديدة التي رسمها السيد القائد مشدّدًا على “حق اليمن في الرد بالمثل”، فيها من التصعيد والتحدي ما يؤكّـد فرض معادلة جديدة، يضطر النظام السعوديّ معها للتخلّي عن أوراقه من المرتزِقة؛ لأَنَّ الواضح أن المملكة السعوديّة وجدت نفسها أمام هذا الاختبار الصعب في بناء تحالفاتها المقبلة، فإما الركون إلى حلفائها المحليين، أَو الاستمرار والعودة مع المعسكر الأمريكي الغربي، الذي تجرع من الجبهة اليمنية هزيمة تلو أُخرى وفشلًا إلى فشل. وبالتالي لم يعد بيد هذا التحالف استغلالُ الوقت في المماطلة أَو التنصل في أكثر من ملف، في ظلّ استمراره للتحشيد المشبوه، وتواصل برامج الاستهداف، ما يثبت أن النظام السعوديّ وحلفاءه لا يرغبون في السلام الفعلي، كما تأكّـدت صوابية تمسّك القيادة وتصميمها للتوصل إلى حَـلّ شامل، ووقف برامج العدوان وفكّ الحصار، وما دون ذلك؛ فكل الاحتمالات مطروحة على الطاولة. وفيما رسائل السيد القائد تؤكّـد قدرة اليمن على مجابهة كُـلّ التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي يسعى التحالف القديم الجديد لفرضها على دولة ذات سيادة من خلال الاستهداف لها بشكلٍ أَو بآخر، فكل الإشارات التي يمكن التقاطها من هذه الرسائل، هي أن اليمن بعد تحقيقه توازن قوة الردع العسكرية قادر على حماية القوة الاقتصادية وغيرها، فمن امتلك قوة الإرادَة والتصميم والجرأة خلال تسع سنوات مضت قادر على تحقيقها في أي وقت ونحو أي اتّجاه. وَفي دروب هذه المبادئ التي شهد العالم أجمع التضحيات الجسام، التي سطّرها المجاهدون بدمائهم الزكية في سبيل الله وللدفاع عن مظلومية هذا الشعب في وجه طغاة العالم؛ ما يجعلنا نقف شامخين أمام كُـلّ معتدٍ نجرعه الهزائم النكراء، ونلقنه دروساً قاسية لن ينسى بلاغتها وبأسها القوي على حاضره ومستقبله المتهالك.

اليمن أمام التحديات.. عهدُ “المعاملة بالمِثل”

كتب /صالح القحم

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها اليمن، ظهرت تصريحاتُ السيد القائد كإعلان عن تحول استراتيجي في سياسات الرد اليمنية، مؤكّـداً على المرونة والتوجّـهات الجديدة والجريئة تجاه التهديدات الخارجية، خُصُوصاً تلك الصادرة عن السعوديّة.

تمثل هذه الاستراتيجية إعلاناً صريحاً بأن اليمن لن يقف مكتوفاً الأيدي أمام أية تحديات أَو تهديدات قادمة من الجانب السعوديّ، ومن هنا تبرز أهميّة النظر في التفاصيل والآثار المترتبة عليها.

يواجه اليمن تحديات جسيمة تحمل تهديدات مباشرة وغير مباشرة على أمنه واستقراره، تتمثل في الضغوطات العسكرية والاقتصادية. فالمواجهة لم تعد تقتصر على الأرضيات القتالية التقليدية فحسب، بل تعدتها إلى ساحات اقتصادية وتكنولوجية حديثة، مثل البنوك والمطارات والموانئ.

في إعلانه عن الرد بالمثل على التهديدات السعوديّة، سلّط السيد القائد الضوء على استراتيجية اليمن في تبني الإجراءات المشابهة، خَاصَّة في مواجهة تحديات البنوك والمطارات والموانئ. هذا التوجّـه لا يبرز الردود الاستباقية فقط، بل يدل على سعيِ اليمن نحو تعزيز الإجراءات الدفاعية والاقتصادية في مواجهة التحديات، مما سيكون له تأثير مباشر على عمليات البنوك، والتجارة، والنقل الجوي والبحري.

تبرز الموانئ كوسيلة استراتيجية هامة في هذه المواجهة، حَيثُ تعتبر شرياناً حيوياً للتجارة والإمدَاد.

وبالرد على التهديدات بإجراءات مشابهة تجاه الموانئ السعوديّة، يبعث اليمن برسالة قوية عن قدراته واستعداده للدفاع عن مصالحه. كما تسلط هذه الخطوات الضوء على أهميّة الموانئ في الاقتصاد العالمي وتأمين طرق التجارة الدولية.

تتجاوز تأثيرات هذه السياسات المتبادلة الجوانب العسكرية لتشمل الأبعاد السياسية والاقتصادية، حَيثُ تسهم في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية وتأكيد مكانة اليمن كفاعل رئيس في المنطقة. كما تبرز تبعات هذه الإجراءات على القطاعات البنكية والتجارية، إضافة إلى تأثيرها المحتمل على الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.

على الرغم من ازدياد احتمالات التصعيد الناتجة عن هذه السياسات، فإنه يظل هناك مجال للحوار والتفاوض؛ مِن أجلِ تجنب المزيد من التصعيد، يبقى السعيُ نحو حلول سلمية هو الخيار الأمثل لضمان استقرار المنطقة وسلامتها. ومن هنا، تبرز أهميّة اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية والحوار الإيجابي كآليات لتحقيق السلام والأمن.

في ضوء ما تقدم، تشير تصريحات السيد القائد إلى بداية عهد جديد من السياسات اليمنية المتمثلة في الرد بالمثل على التهديدات

 

بحرب نفسية اليمن يستبق معركة الاقتصاد ضد السعودية

بوضوح تام، ستشهد الأيام القادمة تحولا في طبيعة مواجهة العدوان على الشعب اليمني. هذا ما كشفت عنه كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله سبحانه وتعالى – اليوم، الذي هدد فيها بالرد على العدوان الاقتصادي السعودي المدفوع أمريكيا خدمةً لإسرائيل.

 نحن إذن أمام منعطف مهم ومسار جديد، سيُقدم عليه شعبنا اليمني باستهداف الاقتصاد السعودي، إذا ما أصر النظام السعودي على مواصلة استهداف اليمن اقتصاديا. واليمن ليس مندفعا لهذه الحرب، لكنه قد يضطر للجوء إليها.

 لقد أظهر السيد القائد – يحفظه الله تعالى – مجدداً، براعته في توظيف أدوات الحرب النفسية، لإثارة الذعر والخوف في نفوس أعداء اليمن، علّهم يتوقفون عن عدوانهم.

فللرد على العدوان الاقتصادي السعودي أطلق السيد القائد تحذيرا شديد اللهجة للنظام السعودي وتهديدا بالتحضير لضربات اقتصادية قد تكون أشد وطأة من الضربات العسكرية.

 وبوضوح وشفافية أعلن القائد الانتقال بالمعركة الدفاعية من طور التركيز على استهداف المنشآت العسكرية لدى العدو إلى طور التركيز على استهداف منشآته الاقتصادية.

 الانتقال إلى هذا الطور ليس بطرةً أو عدوانا وإنما خيار اضطراري دفاعي لمنع إيصال شعبنا اليمني العزيز إلى الانهيار التام. يؤكد السيد القائد. ولكن يبدو أن العدو السعودي – بعدوانه الاقتصادي الخبيث على اليمن – قد أحسن  من حيث أراد الإساءة، فهو قدّم الحجة الكاملة على نفسه ليتلقى ما يستحقه من التنكيل والهزيمة أمام الشعب اليمني، لأنه دفع اليمن إلى اتخاذ قرار الانتقال إلى طور المعركة الجديد، حيث استهداف العدو اقتصاديا سيكون مفتاح النصر في هذه الحرب المعقدة.

 ومما لا شك فيه أن الهجوم على الأهداف السعودية الاقتصادية مثل المطارات والموانئ والبنوك والنفط سيكون له تأثير نفسي هائل على النظام السعودي، وسيزعزع ثقة المجتمع الدولي فيه.

 لقد حملت كلمة السيد القائد لهجةً تحذيرية قوية، تحمل في طياتها رسائل نفسية بالغة التأثير. فتأكيده على عدم الخشية من حصول “ألف ألف مشكلة” وعلى أن السعودية ستكون “المتضرر الأكبر” سيشيعان لا محالة الرعبَ والترويع في صفوف النظام السعودي والشعب المسعود، تمهيدا للضربات الاقتصادية القادمة.

 وفي الوقت ذاته، أظهر السيد القائد قدرةً عالية على تحريك المشاعر الوطنية لدى أبناء شعبنا العزيز، وتعبئتهم ضد العدوان. فالتأكيد على أن “المتضرر الأكبر مما سيحصل سيكون السعودية” يُشكل تقويةً للروح المعنوية لدى أبناء شعبنا وإقناعاً لهم بأنهم قادرون على مواجهة التحديات.

 لقد تبنّى السيد القائد استراتيجيةَ الحرب النفسية القائمة على تصعيد الخطاب وإظهار القدرة على الرد والانتقام. لكنه في الوقت نفسه حرص على وصف الرد اليمني بأنه “اضطراري بعد صبر طويل” ليوفّر المبرر للأعمال القادمة، ويقدّم اليمن كضحية مضطرا للدفاع عن نفسه. صحيح أن هذا هو الحقيقة والواقع، لكنه أراد أن يحرق هذه الورقة استباقيا على الإعلام المعادي لليمن. لقد قال للعالم: من حقنا أن نفعّل استراتيجية “العين بالعين”،  أي الرد على العدوان الاقتصادي باستهداف اقتصاد العدو.

 إذن، فالتحذير والتهديد الذين أطلقهما السيد القائد يُمثلان إعلاناً بتغيير استراتيجية وقواعد الحرب، لإجبار النظام السعودي على التفكير في تكلفة الضغط الاقتصادي عليه.

والحسابات المنطقية والعقلية ترجّح أن السعودي لن يكون مُستعدا لتحمل تكلفة التصعيد، وإلحاق الضرر باقتصاده. ومن المتوقع أنه سيتلقى نصائح جادة بالتراجع عن عدوانه على اليمن وبالمسارعة إلى تغيير موقفه في المفاوضات.

 يمكننا القول إن التحذير الذي أطلقه السيد القائد هو ضربة معلم للتلاعب النفسي، وقلبٌ للطاولة على النظام السعودي المعتدي، وكشفٌ لهشاشة اقتصاده، وسيدفعه إلى حالة من اليأس المطلق. ومع هذا فقد أظهر السيد القائد مرونةً ملحوظة، فهو يقول للسعودي: توقف عنّا لنتوقف عنّك“.

 إن هذا التهديد باستهداف الاقتصاد السعودي ليس تفاخرا فارغا، بل هو خطوة محسوبة بعناية، تهدف إلى استغلال نقاط الضعف في التركيبة النفسية للنظام السعودي، الذي عليه – ليَسلَم – ألّا يستهين بتحذيرات وعزيمة قائد الشعب اليمني.

 ومع تزايد المخاطر، من المؤكد أن العالم سيراقب بفارغ الصبر، مدركاً أن العواقب المترتبة عن عدم تراجع النظام السعودي سوف تكون بعيدة المدى ومدمرة. فقد تم دفع الشعب اليمني إلى الحافة، وكلمة السيد القائد هي تذكير نهائي صارخ بأنه لن يتم القبول بالوضع، ولن يتم ترهيب شعبنا. ومن مصلحة النظام النظام السعودي أن ينتبه إلى هذا التحذير ويأخذه على محمل الجد، لأن الخسائر الناجمة عن استهداف اليمن للاقتصاد السعودي ستكون جراحاً قد لا تلتئم أبداً.

قد يعجبك ايضا