اليمن يثبت: المنطقة لا تعيش عصر أمريكا بل مستنقعها

لمن لا يزال متوهماً بأن منطقة غربي آسيا، أو الشرق الأوسط، تعيش في العصر الأمريكي الإسرائيلي، فإن عليه التمهّل والتأمل قليلاً، لأن هذا الأمر غير صحيح، بل العكس تماماً، وهذا ما تثبته الوقائع ومجريات الميدان خاصةً في اليمن ومنطقة البحر الأحمر، وآخرها سقوط الطائرة الأمريكية F/18A سوبر هورنت في البحر من حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان أثناء مناورتها لتفادي نيران القوات المسلحة اليمنية.

فهذه الحادثة التي تأتي في سياق تصاعد العدوان الأمريكي على اليمن إسناداً لإسرائيل، وبهدف وقف جبهة الإسناد اليمنية للمقاومة الفلسطينية، تُظهر أن النتائج الميدانية تحقّق العكس، بحيث يستمر الإسناد اليمني وتغرق الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب أكثر فأكثر، وتزداد الخسائر لدى القوات الأمريكية في المنطقة بشكل مضاعف، مادياً ومعنوياً. فاليمن بقيادة حركة أنصار الله، وبقدرات عسكرية غير متناظرة مع ما تمتلكه أمريكا، استطاع التفوق عسكرياً واستراتيجياً عليها، وهذا من دون مبالغة أو تضخيم، لأن أي صراع عسكري غير متناظر لا يُقاس بالخسائر الميدانية أو حتى العسكرية (مع العلم بأن العدوان الأمريكي لم يستطع حتى اليوم الإضرار بـ 1 % من القدرات العسكرية اليمنية)، بل يُقاس بالأهداف السياسية التي تتحقق، وهدف وإرادة حكومة صنعاء واضح، بأنها لن توقف إسنادها للشعب الفلسطيني ومقاومته، وستسمر في فرض الحصار البحري على الكيان المؤقت حتى يوقف الأخير عدوانه على قطاع غزة. أما أمريكا فهدفها استكمال العدوان الإسرائيلي والاستباحة لقطاع غزة، ومنع اليمنيين من القيام بأي فعل واسترداد الردع وفتح أبواب الملاحة.

وبالعودة الى النتائج العكسية لعدوان أمريكا، فإن العديد من الخبراء ووسائل الإعلام الأمريكية يشيرون الى أنها تغرق في المستنقع، وهذا ما تؤكّده المعطيات التالية:

ـ نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في الكونغرس أن الحملة على اليمن كلفت أكثر من مليار دولار حتى الآن.

ـ بلغت كلفة الطائرة المقاتلة “إف/إيه-18” في العام 2021، التي تصنّعها شركة بوينغ، 67 مليون دولار، وقد سقط حتى الآن طائرتين منها ما يعني خسارة 134 مليون دولار إضافي.

ـ أقر مسؤولو البنتاغون بتحسّن قدرة القوات المسلحة اليمنية على إسقاط المسيّرات الأميركية في الأجواء اليمنية، بحيث تم تسجيل إسقاط 7 (ما قيمته 210 مليون دولار)، منذ بداية العدوان الأمريكي المتجدّد في 15 آذار / مارس الماضي (أي خلال أقل من شهرين). فيما أعلنت القوات المسلحة اليمنية أنها تمكنت خلال معركةِ “الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدس” حتى هذا اليوم من إسقاط 22 طائرة MQ-9 (ما قيمته 660 مليون دولار).

ـ زعم الجيش الأميركي الأحد 27/04/2025، أنه ضرب أكثر من 800 هدف في اليمن منذ منتصف مارس/آذار، ممّا أسفر عن “مقتل مئات المقاتلين، بينهم أعضاء في قيادة جماعتهم”. فيما المعطيات والمصادر وتصريح المشير مهدي المشاط تُثبت أن الخسائر بمجملها هي مجازر وحشية في صفوف المدنيين، وهذا فشل عسكري واستخباراتي آخر للغطرسة الأمريكية. وهنا لا بد الإشارة إلى أن القوات الأمريكية تعمد الى استهداف العديد من الأماكن مرات عديدة، وهذا ما يشير الى فقدانها للمعلومات الاستخباراتية الحديثة (سواء البشرية أم حتى الالكترونية والبصرية)، وهذه نقاط عسكرية وأمنية تسجّل لصالح القوات المسلحة اليمنية واستخباراتها.

ـ الفشل الأمريكي أمام قوة محاصرة منذ أكثر من 10 سنوات، وبعد عدوان همجي سعودي أمريكي استمر أكثر من 8 سنوات، يشير إلى أنها ستواجه صعوبات كبيرة ـ وربما كارثية – في حال شنها حرب مباشرة مع الصين.

موقع الخنادق

قد يعجبك ايضا