الصواريخ اليمنية.. إسناد استراتيجي للمقاومة الفلسطينية في غزة
في تطور نوعي يعكس البعد الإقليمي للحرب الجارية في قطاع غزة، وامتداد تأثيرها إلى خارج حدود فلسطين، برزت الضربات الصاروخية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية التي تديرها جماعة “أنصار الله” باتجاه عمق الكيان الإسرائيلي، وتحديدًا مناطق تل أبيب الكبرى.
هذه الصواريخ، التي تجاوزت آلاف الكيلومترات لتصل إلى أهدافها، تحمل دلالات استراتيجية وأمنية عميقة، تؤكد أن معادلات الصراع تتغير بصورة متسارعة.
رسائل استراتيجية متعددة
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة يرى أن وصول الصواريخ اليمنية إلى وسط فلسطين التاريخية يُعد مؤشرًا واضحًا على استمرار تآكل منظومة الردع “الإسرائيلي”، وفشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقال الحيلة في تصريح تابعه مراسلنا إن عجز “إسرائيل” عن وقف الهجمات الصاروخية من اليمن، رغم الإمكانيات العسكرية المتقدمة، يُظهر ضعفًا أمنيًا صارخًا، ويثبت عدم قدرة الاحتلال على فرض سيطرته أو إعادة ترميم صورته المهزوزة أمام جمهوره الداخلي.
وأشار الحيلة إلى أن هذه التطورات تُفند الرواية الأمريكية التي تحاول تصوير التحركات اليمنية على أنها تهديد للملاحة الدولية، مؤكدًا أن الموقف اليمني يندرج ضمن إطار الدعم السياسي والعسكري الواضح للمقاومة الفلسطينية، وليس “قرصنة” كما تزعم واشنطن.
معادلة ردع إقليمية
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الوهاب الشرفي أن إطلاق الصواريخ اليمنية باتجاه العمق الإسرائيلي يعكس حضورًا يمنيًا فاعلًا في معادلة الصراع، ويشكل تطورًا نوعيًا في ميزان الردع الإقليمي.
وقال الشرفي لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام إن “ما تقوم به صنعاء ليس مجرد دعم رمزي، بل هو تدخل مباشر في المعركة على قاعدة أن أمن المنطقة لا يتجزأ، وما يحدث في غزة ينعكس على الجميع”.
وأضاف أن الصواريخ اليمنية أوصلت رسالة حاسمة: أن الاحتلال لن ينعم بالأمن طالما أن الدم الفلسطيني يُسفك، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” تفاجأت بقدرة عسكرية آتية من جبهة بعيدة، لكنها شديدة التأثير، وهذا ما يربك حسابات العدو وحلفائه.
وتابع: “الضربات من اليمن تؤكد أن هناك محورًا متماسكًا يشتغل على قواعد اشتباك جديدة، وأن زمن الهيمنة المطلقة من طرف واحد قد ولى”.
وختم الشرفي بالتأكيد أن استمرار الهجمات الصاروخية مرهون باستمرار العدوان على غزة، وأن موقف صنعاء هو موقف مبدئي نابع من التزام قومي وأخلاقي تجاه فلسطين.
إشادة بالإسناد اليمني
الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، أشاد بالمواقف اليمنية، مؤكدًا أن “فلسطين وشعبها لن ينسوا وقفة إخواننا في اليمن، والعزيمة التي لو توفرت لها الإمكانات ستقلب موازين القوى في المنطقة”.
وأوضح أبو عبيدة أن جماعة أنصار الله تواصل استهداف العمق الإسرائيلي، في ظل حرب إبادة تتعرض لها غزة، رغم ما تتحمله من ثمن باهظ نتيجة هذا الموقف الأخلاقي والسياسي الصلب.
الاحتلال في مأزق متصاعد
تزامنت هذه التصريحات مع تأكيد وسائل إعلام “إسرائيلية” وقوع دوي انفجارات في مناطق مركزية داخل تل أبيب والقدس، في حين أعلن جيش الاحتلال عن تفعيل صفارات الإنذار بعد رصد صاروخ أُطلق من اليمن، تم اعتراضه جزئيًا وفق ما أفادت به مصادر الاحتلال.
هذه التطورات تأتي في وقت تشتد فيه أزمة الاحتلال الداخلية، حيث تتسع المطالبات بوقف الحرب على غزة والإفراج عن الأسرى، والإدراك أن نتنياهو يعطل ذلك لمصالحه الشخصية.
المصدر ـ المركز الفلسطيني للإعلام