السيد القائد يرسم ملامح المواجهة: غزة في عين العاصفة ونزع السلاح.. خط أحمر واليمن على خط النار واشتباك مباشر مع واشنطن
في خطاب متلفز جديد رسم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي صورة بانورامية لمشهد إقليمي مشتعل، مركزه قطاع غزة، وأطرافه لبنان وسوريا واليمن.
الكلمة جاءت في توقيت بالغ الحساسية، مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره السابع، وتصاعد الهجمات الصهيونية على لبنان وسوريا، بالتوازي مع تصعيد عدوان أمريكي مباشر ضد اليمن.
غزة… ساحة إبادة مدعومة أمريكياً
جاء توصيف السيد عبدالملك الحوثي لما يحدث في قطاع غزة بأنه “استخدام لكل أصناف جرائم الإبادة”، متجاوزاً لغة الإدانة إلى الاتهام المباشر للولايات المتحدة بالتواطؤ والدعم، مؤكدًا أن واشنطن “شريكة في العدوان”.
خطورة الخطاب تكمن في تسليط الضوء على التحوّل النوعي في جرائم الاحتلال، من استهداف المدنيين إلى محاولة تفريغ رفح، المدينة الأخيرة التي لجأ إليها مئات الآلاف من النازحين، معتبراً هذا “تهديدًا للأمن القومي المصري وانتهاكًا للاتفاقات الدولية”.
كما حذّر السيد عبدالملك الحوثي من محاولات “ابتزاز” الفلسطينيين في ملف الأسرى، مؤكدًا أن مطالب فصائل المقاومة الفلسطينية “إنسانية في حدها الأدنى”، لكنها تُواجَه برفض أمريكي وإسرائيلي، ما يعكس – وفق تعبيره – “طغياناً يزدري أدنى الحقوق”.
لبنان وسوريا.. الجبهتان المؤجلتان
الخطاب لم يغفل جبهة الجنوب اللبناني، التي تشهد تصعيدًا مستمرًا منذ أكتوبر الماضي.
ورأي السيد عبدالملك الحوثي أن الاعتداءات اليومية على لبنان ليست طارئة، بل تعبير عن توجه استراتيجي “إسرائيلي” يستهدف تركيع لبنان وفرض شروط “إسرائيل الكبرى”.
تحذيره من “أطماع في نهر الليطاني” واستباحة الأجواء اللبنانية، يتماشى مع المخاوف اللبنانية من تصعيد قد ينفجر في أي لحظة.
كما اعتبر أن أي دعوات لنزع سلاح المقاومة تصب في مصلحة العدو، وتجاهل “أولوية إخراج الاحتلال من الأراضي اللبنانية”.
أما في سوريا، فالوضع لا يختلف كثيرًا، حيث أشار إلى تمركز تسع قواعد عسكرية إسرائيلية في الجنوب السوري، متهماً الاحتلال بوضع “خطوط حمراء” لحماية الجماعات المتطرفة، في محاولة لخلق بيئة تفكيكية تخدم أجنداته.
اليمن.. ساحة اشتباك مباشر مع واشنطن
في محور لافت وحساس، قدّم السيد عبدالملك الحوثي تفاصيل موسّعة عن حجم العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن الصهيونية والقوات الأمريكية، مؤكداً أن “اليمن بات جزءًا من معادلة الردع الإقليمي”، رغم ما وصفه بـ”العدوان الأمريكي المتواصل”.
الأرقام التي طرحها تعكس تصعيدًا غير مسبوق: أكثر من 900 غارة أمريكية خلال شهر، و78 عملية يمنية ضد أهداف بحرية وإسرائيلية، بينها 33 استهدفت حاملة الطائرات “ترومان”، التي وصفها السيد عبدالملك الحوثي بأنها “أصبحت في وضع دفاعي بحت”.
هذا التوصيف يمثل تحدياً واضحاً للوجود الأمريكي في البحر الأحمر، ورسالة ضمنية بأن اليمن لن يتراجع عن موقفه الداعم للمقاومة الفلسطينية، مهما كانت كلفة المواجهة.
نزع السلاح.. خط أحمر
المحور الجامع في الخطاب هو التأكيد على مركزية المقاومة، ليس فقط كخيار عسكري، بل كمشروع وجودي لشعوب المنطقة.. حيث رأي السيد عبدالملك الحوثي، أن “أي محاولة لنزع سلاح المقاومة هي وصفة لذبح الشعوب”، معناه أن يتحول الشعب الفلسطيني والشعوب العربية إلى مجرد خرفان يذبحها العدو في أعياده، وأن “الشعوب المجردة من السلاح لن تملك حتى حق البقاء”.
وبينما انتقد تسليح الغرب للاحتلال الإسرائيلي، حتى بالسلاح النووي، ندّد بحرمان الشعوب المعتدى عليها من الحد الأدنى من وسائل الحماية.
في هذا السياق، جاءت عبارته الحاسمة: “من الذي سيوفر الحماية لأمتنا إذا لم تمتلك السلاح؟”
خطاب تأطيري
الخطاب الأخير للسيد عبدالملك الحوثي لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات الجارية في المنطقة.. إنه خطاب تأطيري يعيد رسم خريطة المواجهة مع “العدو الإسرائيلي وشركائه”، ويضع اليمن في قلب المعادلة، ليس كطرف داعم فحسب، بل كفاعل ميداني مؤثر.
وإذا كان الخطاب يعكس تصعيداً في النبرة، فإنه في الوقت نفسه يقدّم رؤية بديلة لمعسكر محور المقاومة، تقوم على التكامل الإقليمي، وربط وحدة الجبهات، وكسر الهيمنة الغربية.. وهي رؤية تبدو مصممة للاستمرار، لا التراجع والخنوع والاستسلام.