السعودية «تحاصر» حلفاءها اليمنيين: لا عودة إلى الحرب
بعيداً عن ربط مسار السلام في اليمن بوقف عمليات قوات صنعاء البحرية في البحر الأحمر، ومن دون شروط مسبقة، تُجري السعودية، منذ أيام، ترتيبات سياسية مع القوى اليمنية الموالية لها، للتوقيع على «خريطة الطريق» الأممية المتفق عليها أواخر العام الماضي بين الأطراف اليمنية. وأثارت هذه التطورات، التي تأتي بالتزامن مع استمرار عمليات قوات صنعاء ضد الكيان الإسرائيلي وفشل مختلف الضغوط الأميركية العسكرية والاقتصادية والسياسية في احتواء جبهة الإسناد اليمنية، مخاوف القوى الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، من تخلّي الرياض عن حلفائها في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء، ومنْح الأخيرة اعترافاً دولياً من شأنه أن ينهي مستقبل «المجلس الرئاسي» والحكومة التابعة له في مدينة عدن، وهو ما يرجّحه سياسيون موالون لتلك الحكومة، التي تُتّهم بالفشل في إدارة الأوضاع في المحافظات الجنوبية.
وأكدت مصادر مقربة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، تعرّض «المجلس الرئاسي» الموجود في الرياض، لضغوط سعودية اقتصادية وسياسية على خلفية محاولاته الاعتراض على مسار السلام، وربطه التوقيع على «خريطة الطريق» بوقف عمليات البحر الأحمر، وكذلك تمسّك المجلس والقوى الأخرى الحليفة له بشروطها المتعلّقة بضرورة إلزام صنعاء بالمرجعيات الدولية الخاصة بالأزمة في اليمن. وكانت وسائل إعلام موالية للحكومة في عدن قد ذكرت أن السعودية أبلغت «المجلس الرئاسي» بالإسراع في وضع الملاحظات على «خريطة الطريق»، وخاصة في ما يتعلّق بصرف مرتّبات الموظفين من إيرادات النفط اليمني، مؤكدة دعمها الكامل للخريطة الأممية ومساعي المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ. وناقش «المجلس الرئاسي» برئاسة رشاد العليمي ومشاركة ستة أعضاء، خلال اجتماع عُقد مساء أول من أمس في الرياض، الطلب السعودي، وسط خلافات حادة بشأن صرف مرتّبات موظفي الدولة، وتنفيذ شروط صنعاء الخاصة بصرف المرتّبات مقابل السماح بإعادة تصدير النفط الخام اليمني من جنوب اليمن.
واشنطن قد تسمح بتوقيع اتفاق السلام مقابل الإفراج عن خليّة التجسّس
ويرى مراقبون أن الحراك السعودي الأخير يعكس حرص الرياض على الخروج من المأزق اليمني، قبيل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، منصبه في 20 كانون الثاني المقبل. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار»، من مصادر سياسية مقربة من حكومة عدن، أن السعودية أبلغت قادة الأحزاب والتنظيمات الموالية للتحالف بأن الحرب في اليمن لن تعود، وأن موقف «المجتمع الدولي» يدفع نحو دعم جهود الأمم المتحدة وتنفيذ «خريطة الطريق». ووفق المصادر، فإن إدارة ترامب المقبلة تنحو في اتجاه اتخاذ قرار بعدم تقديم أيّ شكل من أشكال الدعم العسكري والمالي لحكومة عدن.
جاء ذلك في وقت كشفت وسائل إعلام مقرّبة من حكومة صنعاء، أمس، عن طلب السعودية من إيران التوسّط لديها من أجل استئناف التفاوض على اتفاق لإنهاء الحرب. وقالت المصادر إن مسؤولين سعوديين طلبوا رسمياً من مسؤولين إيرانيين إقناع صنعاء بخوض مفاوضات جديدة معها، مستدركة بأن الأخيرة دعت الرياض إلى إبداء حسن النية والجدية في المفاوضات، من خلال صرف المرتّبات قبل الخوض في أي تفاهمات سياسية أو عسكرية. وجددت المصادر تأكيدها أن أي تفاوض مع المملكة سيكون باعتبارها طرفاً رئيسيّاً في الحرب وليس وسيطاً.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، حسين العزي، قد أكد وجود تقدّم في مسار السلام بين صنعاء والرياض. وقال، في منشور على منصة «إكس»، إن الطرفين قطعا بالفعل شوطاً كبيراً في مسار تحقيق السلام، مضيفاً أنه لن يتم السماح لأي طرف في التحالف بعرقلته – في إشارة على ما يبدو إلى الإمارات -، وداعياً أميركا إلى التوقّف عن عرقلة التقدّم في هذا المسار. وجاءت تغريدة العزي غداة تقارير عن موافقة الولايات المتحدة، السبت، على «خريطة الطريق»، لأول مرة منذ اعتراضها على مساعي غروندبرغ الشهر الفائت. وبرزت هذه الموافقة خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره العماني، بدر البوسعيدي، مساء الجمعة الماضي، والذي تركّز، وفق وسائل إعلام عمانية، على الجهود العمانية التي تبذل بشأن الأزمة اليمنية. وفيما رأت وسائل إعلام مقرّبة من حكومة صنعاء أن تغيّر الموقف الأميركي يأتي في إطار مساع لعقد اتفاق معها بشأن خلية التجسس التابعة للسفارة الأميركية، معتبرة ذلك اعترافاً بالفشل في احتواء عمليات القوات اليمنية البحرية ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالكيان، أقرّت وزارة الخارجية الأميركية بأن الاتصال ناقش إطلاق سراح من وصفهم بـ«اليمنيين المعتقلين» من قبل حركة «أنصار الله»، في إشارة إلى موظفي السفارة الأميركية المعتقلين على ذمة ارتباطهم بالاستخبارات.
الاخبار اللبنانية