الرياض تمتصّ التصعيد: بوادر تقدّم في مفاوضات مسقط
على وقع تحذيرات صنعاء للرياض، ومنْحها إيّاها مهلة ثلاثة أيام – انتهت مساء أمس – للتراجع عن إجراءاتها التصعيدية، وافقت المملكة على الإفراج عن أكثر من 1300 من الحجاج العالقين في مطار جدة منذ نحو أسبوع، نتيجة وقف السلطات السعودية تسيير رحلات لطيران «اليمنية» إلى مطار صنعاء، على إثر تلقّيها طلباً بذلك من جانب حكومة عدن الموالية لها. وجاءت هذه الاستجابة، مساء الخميس، بالتزامن مع صدور توجيهات سعودية إلى حكومة عدن بوقف التصعيد الاقتصادي ضدّ صنعاء، والذي شمل استهداف البنوك وشركات الصرافة، فضلاً عن شركات الاتصالات وحوالات المغتربين اليمنيين في الخارج، وأيضاً العملة المحلية المتداولة في نطاق مناطق سيطرة «أنصار الله».وإذ أكّد مصدر سياسي في صنعاء، لـ«الأخبار»، موافقة المملكة على إعادة الحجاج اليمنيين، اعتباراً من أمس، استبق وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، تنفيذ «أنصار الله» تهديداتها، بتأكيد التزام بلاده بالتوقيع على خارطة السلام في اليمن، واستعدادها للعمل وفقاً لبنودها، متمنّياً أن تُعقد محادثات السلام في العاصمة الإسبانية مدريد، وآملاً في أن تتمكّن المملكة من التوقيع على الاتفاقات «في أقرب وقت ممكن». وأشار إلى «(أنّنا) نحتاج إلى الانتقال إلى حالة أفضل، لأن الأوضاع في اليمن لا تزال صعبة، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي». وفي هذا الإطار، كشفت مصادر دبلوماسية مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن وساطة روسية جرت بين صنعاء والرياض، خلال الساعات الماضية، أدت إلى خفض التصعيد الذي تُرجم بإعادة الحجاج اليمنيين.
وفيما يسود الغموض المفاوضات المستمرّة في مسقط، برعاية الأمم المتحدة، بين وفدَي عدن وصنعاء، قالت مصادر مقرّبة من الأول، لـ«الأخبار»، إنه تم التوقيع «مبدئيّاً» على صيغة اتفاق تبادل أسرى، سيشمل الإفراج عن القيادي في حزب «الإصلاح»، محمد قحطان. لكن الحزب أعلن رفضه الاتفاق؛ وهاجم رئيسه، محمد اليدومي، عبر منصة «إكس»، وفد عدن المفاوض، الذي «لا يمثّل الشرعية». ولفتت المصادر إلى أن الوفدَين «تبادلا، خلال الساعات الماضية، كشوفات تمهيداً لإبرام صفقة تبادل يُطلق بموجبها سراح عدد آخر من الأسرى والمعتقلين»، فيما لم تأتِ على ذكر مصير الأسرى السعوديين السبعة الذين تم التفاوض في شأنهم في العاصمة العُمانية.
تم التوقيع «مبدئيّاً» على صيغة اتفاق تبادل أسرى بين وفدَي صنعاء وعدن
وبحسب الصيغة المبدئية للاتفاق، وفي حال كان قحطان حيّاً، سيتم الإفراج عنه، مقابل الإفراج عن 50 من أسرى صنعاء لدى الأطراف الأخرى، 30 منهم يختارهم وفدها المفاوض من بين الأسماء الموجودة في القوائم، و20 يحدّدهم الفريق الحكومي، علماً أن جميعهم اعتقلوا في جبهة مأرب. وفي حال كان قحطان مُتوفى، سيبادل جثمانه بـ30 جثماناً لقتلى صنعاء الذين سقطوا في جبهة مأرب أيضاً. ومع ذلك، «لا تزال الموافقة النهائية على صيغة الاتفاق مرهونة بموافقة المجلس الرئاسي في عدن»، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «حزب الإصلاح يرفض كلّياً صيغة الاتفاق، كونه المعني بالتنفيذ والمسيطر حالياً على مدينة مأرب، والأسرى موجودون في سجون خاضعة لسيطرته».
على خط مواز، وعلى رغم تراجع العمليات العسكرية لقوات صنعاء ضدّ السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، نظراً إلى «تراجع مرور السفن المخالفة لقرار الحظر في المتوسط»، وفق مصادر ملاحية، كثّف طيران العدوان الأميركي والبريطاني غاراته على محافظتَي الحديدة وحجة. واستهدفت الطائرات الأميركية، للمرة الأولى، منطقة ميدي التابعة لمحافظة حجة الواقعة على البحر الأحمر، شمالي الحديدة. وتزامن ذلك مع سلسلة غارات طاولت عدداً من المناطق الساحلية الواقعة في جنوب محافظة الحديدة غربي اليمن، فيما سُجل اشتباك بحري بين قوات صنعاء البحرية وزوارق تابعة للبحرية الأميركية في البحر الأحمر، بحسب مصادر ملاحية مطّلعة. وفي هذا الإطار، قالت «القيادة المركزية الأميركية» (سنتكوم)، في بيان أمس، إنها استهدفت، خلال الساعات الـ48 الماضية، عدداً من الرادارات، وأيضاً زورقين مُسيّرين تابعين لقوات صنعاء.